بقلم / أحمـد المهـوس
لا أشبّه بريدة - محبة - إلا كما المرء الذي ينشأ على الإسلام , فهو لم يختاره لنفسه , وإنما ألفه ثم اعتنقه تبعًا لمن حوله , وكذا الشأن في هذه المدينة , فما كنت لأسأل نفسي : هل أحب بريدة ؟ !
منذ عقد من السنين المنصرمة كنت أفكر في هذه المدينة , وكنت أبحث عن الوشيجة التي تربطني بها , فما وجدت سوى الأهل والأصدقاء , أما الحب من حيث المولد والنشأة فما استمرأته , فلست جذلاً من أني بريداوي الجسد , بل هواي في غيرها أبدًا .
لا تعجبني أريافها , ولا أحياؤها المدنية , ويسوؤني المتنطعون الذين يحسبون أنهم يحسنون صنعًا , ويؤلمني كثرة المجرمين فيها سيما أصحاب العقارات بمساهماتهم الوهمية , فهم محترفون في الدجل من أوسع أبوابه , فترى الشاب العشريني يلتف من على كرسي متحرك في محل جعل لافتته مكتب عقاري ! !
لست أدري لمَ تعطيني بريدة حنانها حين كنت لا أميل إليها ؟ فكأنها المرأة العاشقة , بينما من تعشقه لا يبادلها العشق , وإنها لتشعر بذلك , إذ راحت تقول : " اللي يبينا عيت النفس تبغيه , واللي نبيه عيا البخت لا يجيبه " ! !
حين أردت أن أقترن بشريكة الحياة ؛ لم أكن أبغي البحث عن شريكة في بريدة , بل طلبتها من خارجها , وكذلك زُين لي حب البحث , فوقعت على من لا أقدر على فراقها يومًا واحدًا .
حين أتأمل فيما أعطتنيه هذه المدينة لا أجد شيئًا , فكل ما حلمت به واجتهدت في طلبه وجدته في غيرها , فلم تكن متفضلة علي في شيء , فلا ألبث كثيرًا حتى أشعر أنني زائد عليها , فلم أضف إليها شيئًا , سوى كتابات في منتدى ينتمي إليها , وإنها لكثيرة الحذف رغم حفولي به , فما يحذف يبقى في الذاكرة , وإنها لتجارب على كل حال !
أسفي على من يتشدق في حب مدينته وهو زائد فيها , وما رأيت أشد من محب للعيون دون مد اليد ساعة العسرة أو الميسرة , وما أدري متى يفهم المحب العاجز شناعة حبه المزيّف ؟ !