براعم الأسلام
قبل اكثر من الف سنة كان اهل مكة عبارة عن مجموعة من القبائل التي سكنت حول الكعبة ..بيت الله الحرام...وكان اهل مكة منشغلون تماما..
منشغلون بالبيع والشراء ..بالمال والاولاد ...بالحروب والقتال..بالافراح والاحزان...
ولكن كان في مكة شاب اسمه محمد يعمل تاجرا ..له زوجة واولاد ..يشارك قومه واهله افراحهم واحزانهم ..ويساعد فقراءهم ويحل مشاكلهم ..و من شدة صدقة وامانته سمي بالصادق الامين...
الا ان محمد كان يختلف عن اهل مكة.. فرغم كل هذه المشاغل..الا انه كان دائم التفكير باهم امر في حياته ..الا وهو
معرفة الحقيقة...
فاهل مكة في ذلك الزمان كانوا يؤمنون بان الله اله الكون وخالقه له شركاء..وانه لم يكن وحده الاله ..بل صنعوا تماثيل من الحجارة ..واسموها باسماء من عندهم كاللات والعزى ومناة..ويعتقدون ان هذه الاصنام تقربهم من الله ..وانها يمكن ان تنفعهم ويمكن ان تضرهم وتؤذيهم...بل وقالوا ان الملائكة بنات الله...وانهم اذا ماتوا فلن يعودوا للحياة مرة اخرى...وبسبب هذا الايمان الفاسد..مارسوا عبادات كريهة وبغيضة ..فكانوايطوفون حول الكعبة عرايا..ويأكلون الحيوانات الميتة التي لم تذبح..بل ويقتلون بناتهم وهن صغار.ويغشون ويكذبون في تجارتهم.ويؤذون جيرانهم...وهذا ما يحدث دائما عندما يكون ايمان الانسان خاطئا وفاسدا...فانه يؤذي نفسه ويؤذي اهله ويعمل اعمالا بغيضة وكريهة..ويحيا حياة تعيسة وحزينة....
اراد محمد ..الشاب الصادق الامين ان يعرف الحقيقة..كان متاكدا ان الله اعظم واكبر من كل هذه الحجارة ورفض طول حياته ان يسجد لها او حتى يتقرب لها...فلا يمكن لله ان يأمر الناس بقتل البنات او باكل الميتة او بالظلم والغش او الكذب..لايمكن لا يمكن...
لذا كان يذهب محمد في كل شهر الى غار حراء في جبل عال بعيد عن الناس يطل على الكعبة..يقضي فيه اياما وليال يدعو الله رب هذا الكون ان يتقرب منه و ان يعرفه بالحق والصواب..بالايمان الصحيح ..بالاعمال الصالحة...ان يعرف حقيقة الموت و اسرار الحياة..
وكانت زوجته خديجة تحضر له الطعام والشراب ..وتشاركه تعبده في الغار ..ولكن تعود سريعا الى البيت لتعتني باطفالهما الصغار...وفي ليلة عظيمة القدر ..اختارها الله سبحانه وتعالى في شهر رمضان....استجاب الله لدعاء محمد...فبينما هو جالس في الغارظهر له مخلوق من نور ..كبير يملا السماء ..قال له اقرأ...ارتجف محمد وقال : ما انا بقارئ..فاحتضنه بقوة ثم تركه وقال له اقرأ..فقال له ما انا بقارئ ..فاحتضنه مرة ثانية ثم تركه وقال: اقرا ..فاجاب محمد : ما انا بقارئ..فاحتضنه مرة ثالثة ثم تركه و قال له :اقرا ياسم ربك الذي خلق ..خلق الانسان من علق.. اقرا وربك الاكرم.. الذي علم بالقلم.. علم الانسان مالم يعلم.
ارتجف قلب محمد ونزل مسرعا من الغار وذهب عند زوجته خديجة..يقول ..زملوني زملوني ..اي غطوني غطوني..فغطته خديجه ..حتى هدأ.. فأخبرها بما حدث ..وقال لقد خشيت على نفسي..فردت عليه خدبجة ..بان الله لا يمكن ان يخذله او يضره ابدا ..فهو يصل الاهل.ويساعد الفقراء والمحتاجين ويكرم الضيف ..ويقف مع الناس في مصائبهم ..ففكرت ثم اخذته الى ابن عمها ورقة بن نوفل
كان ورقة بن نوفل شيخ كبير جدا فقد بصره..تعلم التوراة والانجيل وآمن بالانبياء موسى وعيسى.. فما ان سمع بما قاله محمد حتى قال : هذا الذي جاءك هو الناموس الذي انزله الله على موسى من قبل..ياليتني شابا ..ليتني اكون حيا عندما يخرجك قومك...تقاجأ محمد وساله : هل سيخرجني قومي ..اجابه ورقة بان كل الرسل الذين ارسلوا قبله تعرضوا للاذى من قومهم وتمنى لو انه يكون معه فينصره بكل قوته...ولكن بعد عدة ايام توفي ورقة بن نوفل بعد ان احياه الله حتى يرى نبي اخر الزمان الذي قرا عنه دائما في التوراة والانجيل بل ويكون اول من يخبره بهذه البشارة العظيمة ..بأن الله اختاره ليكون رسوله للناس...
حفظ محمد رسول الله الكلمات التي جاء بها الناموس ..الملك جبريل..كان فيها الاجوبة الاولى التي كان يبحث عنها..الله ربه الذي خلق كل شيء..وخلق الانسان من من علق..هو الاكرم ..فلا شيئ اكرم منه وانه الذي علم بالقلم وعلم الانسان ما لا يعلم ..فالله ربه الاكرم سبعلمه ويرشده ..ويعلمه الامور التي ظل يجهلها ويتمنى ان يعرفها ويتعلمها...
عرف محمد ان الله اختاره ليكون رسوله .. وان ذلك المخلوق النوراني ذو الاجنحة هو الملك جبريل الذي ينقل الوحي من السماء الى الارض...وبدا جبريل ينقل كلمات الله التي تعلم الرسول الايمان الصحيح ..وكيف يتقرب من الله اكثر واكثر وكيف يعلم الناس هذا الايمان لينجحوا في حياتهم ولا تكون هذه الحياة خسارة كبيرة في النهاية...كلمات الله هي القرآن الكريم..وفيه كل ما نحتاجه لنتقرب من الله ونعرفه عز وجل فيرضى علينا ويكافئنا برؤيته والعيش في جنته بعد ان نموت...فكان من اوائل ما علم الله رسوله هي سورة الفاتحة ...وهي تبدا بسم الله الرحمن الرحيم...