في وقتٍ ليس بالبعيد عنا ، كانت الأسر في نجد تلتزم بنظام ( الحمولة )
ونظام الحمولة هو اجتماع أبناء الأب وسكنهم في بيت واحد
وكل ابن له غرفة في البيت وبحسب قدرة الابن وقربه من أبيه أو أمه
ودائماً يكون الأقرب للأم هو من يحصل على أفضل الفرص والغرف !!
فغرفة الأب هي الأفضل إن لم يكن للأم رأياً آخر يقنعه بما دون ذلك
ويأتي الابن الأكبر ( العود ) ثاني منزلة من الأب بحيث يحصل على أفضل الغرف بالنسبة للأبناء
أما الأبناء الذين يأتون في الوسط فهم غالباً ما يتذمرون من الغرفة
والمغلوب على أمره هو من تكون غرفته مجاورة للبقرة وحظيرة الخراف والماعز !!
وكانت المنافسة للحصول على ( الروشن ) وهو الغرفة في الطابق العلوي
أمر مألوف لكل الأخوة في المنزل الواحد
وبحسب قدرة الأم على الإقناع تنتهي الحروب بسلام ويحصل الأقرب للأم على ما يريد !! ( ولد أمه )
كانت الحياة بسيطة ببساطة المباني
والأجمل من ذلك كله هو سعة النفوس وعدم تضايقها وتذمرها
وهذا ما نسمعه نحن أبناء هذا الجيل من آبائنا وأمهاتنا
كانت حياة ما دون الكفاف ممتعة وجميلة بقدر ما فيها من صعوبة والآم
كان الزوج إذا أراد أن ينادي زوجته وهي بدون شك موجودة مع بقية زوجات أخوته
يقول بصوت ثقيل جش : هيش وين أنتِ ؟!!
لا أدري لماذا هذه الكلمة بالذات ( هيش ) ؟
ورغم تباعد حروفها وتنافرها إلا إن لها قبولاً في النفس سابقاً ما لا تقدر عليه كلمات امرئ القيس وابن أبي ربيعة !!
عندما يقول الزوج ( هيش ) تتقافز الهمسات وتعلو الصيحات أحياناً
( أم فلان ) زوجك يناديك ، ومع إن الصوت مسموع إلا أن حب التكرار والإحراج هو ما يسيطر في تلك الحال
ورغم أن الأمر ذاته يتكرر مع جميع زوجات الأبناء
إلا أن الزوجات راضيات بما تحمله تلك الكلمة متناسيات في حين سماع الصوت كل النداءات
وما أن يكون هناك تحدي لعدم إجابة الزوج في الفور
تحدث أمور لا يمكن توقعها رغم أنها في الغالب تنتهي على ما يسر الجميع ويضحكهم !!
هكذا كان آباؤنا وأمهاتنا يعيشون
يقضون أيامهم بسعادة يحسدون عليها
(( ولو يعلم الملوك على ما نحن فيه من سعادة لجالدونا عليها بالسياط ))
والسؤال الآن هل كلمة ( هيش ) لها وجود اليوم ؟ وهل تقبل الزوجة بها عوضاً عن كلمات الغزل ؟ وهل يمكن لكلمةٍ اليوم أن تجمع القلوب مثل كلمة ( هيش ) في السابق ؟
تحياتي للجميع
التاج في 6/8/1424هـ