كان موضوع درس اللغة العربية في مركز تعليم الكبار ومحو الأمّية "الجملة الفعلية" وبالتحديد فِعلْ الأمر وبعد أنْ تمَّ عرض مقدِّمة الدرس وطرح الأمثلة على اللوح وشرحها ومشاركة الدارسات، جاء دور التقويم من قِبَلي "كمعلمة" في طرح الأسئلة التقويمَّية عن الجملة الفعلية عموما، أشرتُ إلى السيدة أم عليّ رحمها الله - هي سيدة طيبة جدا وبسيطة، كنت ألمحها تتثاءب أحيانا- لتُحدّد نوع الفعل في الجملة والمحدد تحته بخط:
أكتبِ الدرس يا أم عليّ.
لكنها تأتأت وتلعثّمت ولم تستطع الإجابة، اقتربت منها لأوضِّحَ الإجابة:
حينما أقول لكِ: أكتبِ ، هنا أنا ألقي عليكِ فعل الأمر.
ألقيتُ نظرة إلى وجهها وقد اكفهّرّ وتلوَّن والغضب باديا في حشرجة صوتها،
فأجابت: هل يليق بفتاة مؤدّبة ومتعلمة، تفهم الأصول وعاداتنا وتقاليدنا أن تأمر امرأة في سن والدتها- يا خجل الخجل- وحملت كتبها وخرجت من الصف. خرجتُ أتبعها موضحّة لها عدم القصد والاعتذار، وافقت أن تعود لغرفة الصف لتُلقي مثال الجملة الفعلية،
ولتأمرني هي كما طلبتُ منها:
أُحضري اليوم لمنزلي لتناول العشاء وإلاّ لن أرضى ولن أعود للمدرسة..
ضحكنا جميعا في غرفة الصف ووعدناها بزيارة قصيرة لمنزلها يوم الإجازة نحتسي معها القهوة.