تصدقون , حتى بقالة حارتنا , تأثرت بالمولات
حيث أن صاحبها الطاعن بالسن , أبدل شبك البقالة الحديدي , ببوابة زجاجية , هو بنفسه , أصبح حريصا جدا على لمعانه ...
هذا أحد الجوانب الايجابية لتأثير المراكز الكبرى على الذوق العام في المجتمع ,
لاشك أن من بيننا من عندهم حنين شديد للماضي , بحيث أنه لايفوت أي تجمع للجنادرية سنويا ,
لكن المجتمع في حراك ,, ولا أبالغ أذا قلت أن أحد العناصر المحفزة والمسرعة لذلك الحراك وأن كان مظهريا ,, هو وجود مول في المدينة , فوجود مبنى رائع لمول أو مركز تجاري أو مطعم للوجبات السريعة أو بنك عصري , أفضل بمائة مرة من أراض جرداء بيضاء ملتهبة كثيرا ماستغلها تجار الغنم أو بياعي وايتات المياه ساحة عرض لهم ...
نعم هو جانب استهلاكي , لكن هذا لايعني أننا لم نكن استهلاكيين في الماضي , الفرق بين الأمس واليوم
هو نفسه ذلك المزاج الرائع الذي يتبدل بسرعة , عندما تنتقل مثلا من جنوب المدينة الملوث بدكاكينه القديمة والعتيقة وأسلوب التعامل القديم الى الشمال الرائع , بمولاته الأخاذة والتطور في المعاملات التجارية الراقية ,, حتى ولو كان التعامل جنوبا , تأخذ البضاعة ثم تدفع , وفي الشمال ,, تدفع ثم تأخذ البضاعة ,,
لكني أختار الشمال , حيث تتسوق في أجواء الاسبليت البارد , بينما في الجنوب , تتسوق في جو مفتوح قابل للتلوث في أي لحظة , في موسم الدراسة الآن حيث يوجد في الشمال مكتبة ليست مجرد مكتبة , وفي الجنوب , دفاتر معروضة على الرصيف أمام حراج المقاصيص
ولو خير طفل اليوم بين أيسكريم باسكن روبنز وأيسكريم العجوز ,, فماذا تتوقعون أن يختار ؟
المسألة هي مسألة حنين للماضي لاأكثر ولا أقل ,, ولو وجدت فران الحارة أو البقالة وغيرها في أحيائنا الآن ,, لتضايقت بسرعة ... فالأحياء أماكن هادئة , وليست أسواق عامرة ,, والعلاقات بين جيران الحي يمكن أحيائها بطرق أخرى بدون خباز أو محل سياكل يلوث الطريق بزيوت التشحيم ..