بمناسبة هذه الهجمة الصليبية الحاقدة على رسولنا الكريم صلىالله عليه وسلم يسعدني أن أقدم بين يديكم مختصر من صفاته الكريمة وأخلاقه النبيلة نقلاً من كتاب الرحيق المختوم لكاتبه الشيخ " صفي الرحمن المباركافوري " مع التحقيق وشرح بعض الكلمات
ولا أقل من قراءتها ومحاولة نشرها نصرة لرسولنا الكريم صلىالله عليه وسلم ولكي لا أطيل أو أشق على الإخوة سوف يكون ذلك في أجزاء متتالية .
الجزء الأول
كان النبي صلىالله عليه وسلم يمتاز من جمال خلقه وكمال خلقه بما لا يحيط بوصفه البيان ، وكان من أثره أن القلوب فاضت بإجلاله ، والرجال تفانوا في حياطته وإكباره ، بما لا تعرف الدنيا لرجل غيره ، فالذين عاشروه أحبوه إلى حد الهيام ، ولم يبالوا أن تندق أعناقهم ولا يخدش له ظفر ، وما أحبوه كذلك إلا لأن أنصبته من الكمال الذي يحبب عادة لم يرزق بمثلها بشر . وفيما يلي نورد ملخص الروايات في بيان جماله وكماله مع اعتراف العجز عن الإحاطة .
جمال الخلق
قالت أم معبد الخزاعية عن رسول صلىالله عليه وسلم وهي تصفه لزوجها ، حين مر بخيمتها مهاجراً : ظاهر الوضاءة ، أبلج الوجه ، حسن الخلق ، لم تعبه ثجلة ، ولم تزر به صعلة ، وسيم قسيم ، في عينيه دعج ، وفي أشفاره وطف ، وفي صوته صهل ، وفي عنقه سطع ، أحور ، أكحل ، أزج ، أقرن ، شديد سواد الشعر ، إذا صمت علاه الوقار ، وإن تكلم علاه البهاء ، أجمل الناس وأبهاهم من بعيد ، وأحسنه وأحلاه من قريب ، حلو المنطق ، فضل ، لا نزر ولا هذر ، كأن منطقه خرزات نظمن يتحدرن ، ربعة ، لا تقحمه عين من قصر ، ولا تشنؤه من طول ، غصن بين غصنين ، فهو أنظر الثلاثة منظراً ، وأحسنهم قدراً ، له رفقاء يحفون به ، إذا قال استمعوا لقوله ، وإذا أمر تبادروا إلى أمره ، محفود ، محشود ، لا عابس ولا مفنَّد . ( 1)
---------------------------------------
( 1) زاد المعاد 2/54 . الوضاءة : الجمال ، أبلج الوجه : مشرقه ومضيئه ، الثجلة : كبر البطن أو كبر الرأس . لم تزربه : لم تعبه ، والصعلة : صغر الرأس ، الوسيم القسيم : الحسن الجميل ، الدعج : شدة سواد الحدقة ، وفي أشفاره وطف : في شعر أجفانه طول ، الصهل : بحة يسيرة ، سطع : طول ، أحور : شديد بياض العينين في شدة سوادهما ، أزج : متقوس الحاجبين ، أقرن : ملتقى الحاجبين بين العينين ، لا نزر ولا هذر : لا قليل ولا كثير بل هو وسط الكلام ، وربعة : أي بين الطويل الناس ، ولا منفد : أي لا يفند أحداً ، أي لا يهجنه ولا يستقل عقله .