انطلقت حملة … متوجهةً إلى البلد الحرام
كانت تلك الحافلة مملوءةً بالمعتمرين
ومن بين أولئك الركاب كانت عائلة أبي أحمد
فقد وعد أبو أحمد عائلته بأداء العمرة حال توفر الفرصة
وقد كان لهم شرف أداء العمرة
ولكنها عمرةٌ غير
عائلة أبي أحمد مصرية المنشأ جاء بها للسعودية العمل
يعمل أبو أحمد في بريدة وكذلك زوجته أم أحمد
توجّهت حافلة حملة … إلى مكة
وفي الطريق كان لابد من وقفةٍ لها
توقّفت الحملة في مسجدٍ على الطريق العام لمحافظة عفيف
نزل الركاب كلهم لأداء الصلاة
في دورات مياه النساء لاحظت أم أحمد عيني فتاةٍ كانت تلبس النقاب
لاحظت في تلك العينين شرارةً تبعدها عن المكان
فإحساس أم أحمد وعائلتها بالغربة لا يحتاج إلى علاماتٍ وشرارات
دخلت بنتاها سمر وحنان معها
توضأت النساء كلهن ولكن واحدةً منهن لم تتوضأ
دار في خلد أم أحمد أنها قد توضأت قبل نزولهن من الحافلة
ذهبت النساء إلى المسجد
كانت أم أحمد على اتفاق مع ابنتيها
فقد قالت لهما : في حال انتهائكما من الصلاة انتظرن أباكن
فإذا خرج ليركب الحافلة اخرجن معه
صلت سمر وحنان وخرجتا لانتظار أبيهما
أقبلت تلك الفتاة المنقبة ومسكت يد سمر بقوة
وجذبتها بقوةٍ شديدةٍ فما كان من حنان إلا أن شدتها من يدها الأخرى
واستمر الشد وضج المكان بالصراخ
وأزيح ستار النقاب ليكشف وجه الشبح
إنه شاب .. إنه شاب ..
سمعت بعض النساء من الجنسية السودانية الصراخ وأتين بسرعةٍ للمكان
وتم إنقاذ الموقف بشجاعة النساء
هرب الشبح المزعج وبقيت حسرات الفتاتين معهما
أقبل الأب وغيره من الرجال لتدارك الموقف
وكانت أم أحمد تؤدي الصلاة ولم تجعل في حساباتها ما وقع
احتضن الأب ابنتيه بصورةٍ لا ينقصها الحنان
وأكملت الحملة رحلتها إلى مكة
وفي مكة لم تخرج سمر من البيت لخوفها الشديد
والحال ينطبق مع حنان التي كانت أشد تأثراً من أختها
رجعت الحملة لبريدة
وكان أمام أم أحمد مشكلتان تتمثلان في ابنتيها
أرسلت سمر لتكمل دراستها في مصر
وأبقت حنان ذات الستة عشر ربيعاً عندها
خفت مشكلة سمر مع مرور الوقت
ولكن مشكلة حنان بازدياد
فهي حتى هذا اليوم تعاني من آلام ذلك المشهد المخيف
فهي تفز في الليل
ويضطر أبوها للنوم عند باب البيت كي لا ترتكب عملاً خطيراً
توقفت عن الدراسة لخوفها الشديد ولتخيلها ذلك المنظر المؤلم
عمل أهلها على معالجتها عند القراء
وأهلها اليوم أمام مشكلتها المتزايدة كل يوم
19/11/1425هـ