تحديد الأولويات والأهداف الأساسية في كل مجال عام أو خاص يخضع - كأسلوب علمي - إلى وضع أُطر واضحة وواقعية تجعل من نتاج تلك الأولويات والأهداف محققة لطروحات ومتطلبات المستفيدين منه - أي المجتمعات.. لذلك يعمد راسمو الخطط والسياسات التنموية والمالية في العديد من البلدان خاصة تلك التي تملك اقتصاديات مزدهرة إلى ممارسة الشمولية عند وضع الإطار العام لتلك السياسات، وذلك لتجسيد مبدأ التوازن المرحلي بين الحاجات الملحة ومتنفسات المجتمع.
- في السعودية أبلت وزارة المالية التي يتسنم هرمها معالي الدكتور إبراهيم العساف في بلورة كافة رؤى ولاة الأمر- حفظهم الله ورعاهم- مما انعكس إيجاباً على تطور كافة القطاعات وهو الأمر الذي أصبح ملموساً أظهر مدى حرص وزارة المالية على متابعة تلك المشاريع التنموية والإسراع في دفع عجلتها إلى الأمام.
لكن التعاطي الذي تمارسه وزارة المالية مع متطلبات قطاع الرياضة والشباب إذا ما عرفنا أهمية ذلك القطاع الذي يخدم ملايين الشباب، ويفجر طاقاتهم وهو القطاع الموازي أمنياً لحفظ المجتمع من الجرائم والسرقات - بحسب تصريح سمو وزير الداخلية - يظل أقل من مستوى الطموح والآمال التي ينشدها كل منتم لقطاع الرياضة والشباب.
- من حق وزارة المالية أن تمارس فرض أجندتها الأساسية وفق ما تراه باعتبار الثقة الكبيرة بين منسوبيها وبين ولاة الأمر، وكذلك المجتمع السعودي لكن أن يستمر تجاهل دعم قطاع الرياضة والشباب بتلك الصورة التي نراها واقعية، وأن تتحول المؤسسات والأفراد المنتمون لهذا القطاع إلى (شحاذين) سراً وعلناً، فهذا أمر لا أعتقد أن الوزارة الموقرة ترضاه لقطاع تعمل الدول إلى جعله في مطلع اهتمامات أفرادها لأنها تدرك أنه البوابة الأولى نحو تسييس الطاقات والأفكار وبوصلتها لتتوازى مع الواقع الذي يتعايشون معه..
قد لا يدرك البعض أن وزارة المالية كانت في طريقها - تدريجياً - لقطع الإعانات عن الأندية لولا تدخلات اللحظة الأخيرة وإيقاف نزيف ذلك القرار عند حاجز التخفيض بنسبة 50%!!!
والأدهى والأمر أن مثل هذا القرار القوي يتم بدون الرجوع لمسؤولي القطاعات الرياضية والشبابية أو المهتمين من الخبراء بعواقب اتخاذ مثل ذلك القرار الذي هو يقف عند حاجز الـ50% ما زال يشكل خطراً على مستقبل التطور الرياضي الشبابي في المملكة.
- إن تحديد استشرافة مستقبلية لقطاع الرياضة والشباب يجب أن يتم عبر بوابة أصحاب الشأن - وهم كثر - لأن هذا القطاع يحوي بين جنباته العديد من الأنسجة الاجتماعية المهمة والحيوية التي تغذي وتساهم في بناء الجسد الكبير وهو الوطن.
- إن سياسة وزارة المالية نحو قطاع الرياضة هي جعل الأندية تصرف على نفسها من خلال العقود الإعلانية والاستفادة من منشآتها - نصف أندية المملكة بدون منشآت حكومية وفرض حصار مادي يجعل الأندية حبيسة تنتظر عطف التجار والأثرياء والشخصيات الكبيرة التي قد تأتي أو لا تأتي.
- إن ذلك الأسلوب سيجعل القطاع الشبابي الرياضي تحت وطأة العشوائية وغموض الرؤية، ولا سيما وأن الأندية ستصبح مستعمرات لذوي النفوذ والمال يحددون بأنفسهم آلية التعاطي مع مجتمعها، وهذا ما نعايشه واقعاً في بعض الأندية وآثاره السلبية بدأت تطفو للسطح بكل وضوح.
- لقد بدأت الجماهير تتوارى عن المباريات وقلّ عدد المنتسبين للأندية وهو أمر مقلق جداً لأن احتواء فئة الشباب في محضن آمن - الأندية - وإعطائها الدعم المادي المطلوب والواقعي سينعكس إيجاباً على إنتاج نمط فكري آمن ونافع لمجتمعه..
- كل الأمل وكل الرجاء لمعالي وزير المالية الموقر أن يناقش ويحاور كافة الخبرات المهتمة بقطاع الرياضة والشباب وكافة الخبرات المنبثقة مثل علماء النفس والأمن العام والأمراض النفسية وغيرهم لأن ذلك سيجعل معاليه مؤمناً ومتيقناً بأن الرياضة وسيلة مهمة وعصرية وآمنة نحو بناء عقول شابة واحتواء طاقات دفينة وتفجيرها بما يخدم الوطن والمواطن..
قبل الطبع
يكفي القطاع الرياضي والشبابي بالمملكة أنه لا يحوي بين فئاته أي إرهابي أو مجرم أو صاحب فكر منحرف وبلا شك، فإن ذلك يأتي ليجسد نجاح القيادة الرياضية في احتضان الشباب وتحصينهم