حاولت أحلام ان تقنعها بأن تعطيها فرصة بسيطة لكي يتسنى لها إيجاد غرفة في مكان آخر فقالت لها سأعطيكي ثلاث أيام فقط وإن لم تخلي الغرفة سأتهمك انك سرقتي مجوهراتي وسأبلغ عنك الشرطة وسأعطيهم مالا كي يودعوكي السجن ...لم تكن أحلام صاحبة القلب الطيب تتوقع ان هذه المرأءة قاسية إلى حد الجنون والتكبر وذهبت للبحث عن غرفة فطلب منها أصحاب مكاتب العقارات مبالغ طائلة لإيجاد الغرفة المناسبه ...لم تكن أحلام قلقة على نفسها بل على إبنتها البريئة ألماس ...التي لن تتحمل النوم في العراء ...مضت الثلاث الأيام وبسرعة وأنتهت ولم تستطع إيجاد غرفة لتسكن فيها ووقتها حملت أمتعتها وخرجت مع ابنتها منتصف الليل وكان الجو باردا جدا ولم يكن يرافقها إلا الكلب زاهر الذي كان صامتا وكأنه أحس بما تتجرعه هذه الوردة التي تسير بجانبه وتحمل إبنتها ...مضت تمشي في الشارع ...لا تعلم إلى أين تتجه ,,,وبعد المشي ساعتين على التوالي توقفت سيارة بيضاء بجانبها ...وإذا بأحد الأشخاص يسألها إلى أين هي وجهتها ...تعلثمت وارتبكت عند الإجابه ...فقال لها إصعدي اختي فالطريق خطرة والجو بارد جدا ...فرفضت ان تصعد ولكن الرجل اصر انه يريد مساعدتها فقط ...فرفضت فما كان منه إلا أن غادر المكان ...ومضت تمشي ببطء شديد ...إنها جولة ليلية إلى المجهول ...ربما أغلب سكان المدينة غارقون في النوم وربما يلتهون بأشياء مختلفه ولا أحد يحس بما يدور في قلب هذه المرأءة وطفلتها البريئة ...كانت الفتاة الصغيرة لا تعلم شيئا إلى أين تقودها أمها ولا ما الذي يدور حاليا ولكنها شعرت بالبرد فطلبت من أمها ضمها ...قلب الأم هو الملجىء الأخير لكل خائف وإلى كل طفلٍ بريء وبينما تحاول الأم ضمها إلى صدرها إذا توقفت نفس السيارة البيضاء التي رأتها منذ ربع ساعة ...ولكن صاحب السيارة ترجل من سيارته وسألها هل اوصلكِ سيدتي إلى مسكنك ؟فأجابته انني مع طفلتي تم طردنا من الغرفة التي سكنا بها ولا نعرف الى اين نلجىء ؟ولكن الرجل أشفق عليهما وفورا قال لها ان لدي شقة فارغة بجانب منزلي ويمكنكِ اختاه المكوث فيها إلى ان نتدبر أمرك ..كان الرجل مدركا ان هذه الفتاه في وضع حرج ولكنه مد يد العون في الوقت المناسب ...فالمساعدة في الوقت المناسب حتى وإن بدت بسيطه فهي ذات ثمن كبير وغالي ولا يمكن نسيانها ...عند صعودها للسيارة لم تنس صديقها الوفي زاهر فقالت بصوتها الجميل ...هل لي سيدي ان نصطحب الكلب معنا ؟ فأدرك الرجل أن هذا الكلب عزيز لتلك المسكينه فتبسم قائلا ولمَ لا ؟ فوضعه في مؤخرة السيارة وذهب الى بيته ..وما ان لبثت عشر دقائق في غرفتها اذا دق باب غرفتها شخص ما ...ففتحت الباب ورأت امراءة في الثلاثينات تبدو من ملامح وجهها انها إمرأه طيبه ورحبت بها وبطفلتها كثيرا ووضعت الأكل والخبز والجبن والعصائروالفواكه بجانبها ...واعطت كلبها قطع من الخبز والماء وكانت هذه المعاملة بالنسبة لأحلام هي من أجمل اللحظات التي مرت بها خلال السنوات الماضيه .......تكفل صاحب البيت (بلال )بتدريس الطفلة ألماس وبدأت تذهب إلى المدرسة مع أولاده ...والتحقت بكلية طب الأسنان ...وبدأت بالعمل ...بدأت ألماس بالبحث عن عائلتها القديمة –التي قصت عليها أمها واخبرتها عنهم - ولكنها لم تلاحظ منهم أي تفاعل إيجابي تجاهها فعادت ادراجها ....بدأ اهل القرية يتذكرون ابنة عبدالرحمن وقررورا زيارتها ولكن احد الاشخاص صاح فيهم ...ألا تخجلون من أنفسكم ...؟لقد سكتتم عن ظلم أخوة حسان لها من قبل ولم تسألوا عنها منذ أن غادرت القرية منذ خمس وعشرون عاما والان كيف تستطيعون النظر بوجهها خاصة انكم وقفتوا محايدين أمام من ظلمها وانتم تعلمون جيدا ان الوقوف محايدا في هذه الحالات يعتبر مشاركة في الجريمة ذاتها ...فذهب إثنان من القرية فقط لزيارتها واخبرا ألماس ان عمتها توفت وأن بيت والدتها بإنتظارها...وعند عودة فاعلا الخير عرف الجميع بقصتها في تلك القرية ...أخبرت ألماس محاميها ايضا أن بيت حسان بإسم والدتها وأنه لم يتم دفع قيمته بالكامل الا بنسبة 30 % وأن والدتها كانت ومازالت تحتفظ بالورقة التي كتبها إخوة حسان بحضور إمام الجامع والتي تنص على ان البيع يعتبر ملغيا في حال انه مرت سنتين ولم يلتزم اخوة حسان بدفع المبلغ المتبقي عليهم وبذلك خيرت إخوة حسان باخذ مبلغهم القديم واستلام البيت بالكامل ووافقواوهم صاغرون حيث ان الاتفاق كان على ان يدفعوا بقية المبلغ خلال فتره لا تتجاوز السنتين وإلا يعتبر الاتفاق ملغي تماما وبهذا استرجعت البيت التي كان بإسم والدتها وتمكنت من شراء بيت اخر في المدينه ولكنها تركت لأخوة حسان حرية البقاء في المنزل إلى ان يجدوا بيتا لهم وبهذا التصرف أدهشت ابناء القريه بحسن اخلاقها ولطف تعاملها ووالدتها للأشخاص الذين عاملوها يوما ما بطريقة غير أخلاقيه ....