من مدونة كراستي للصمت الخجول وتحية تقدير ..
وضع ساقًا على ساق ، ويده تعبث بخرزات مسبحته ، ويعبث معها بعقول من يحدثهم قائلًا بنبرة استعلائية :
فلان من الناس فشل في زواجه لأنّ الحكمة والدراية تنقصه ، وصاحبنا تعرض أبناؤه لسلسلة مشاكل أخلاقية لأن التربية الفعّالة لم تكن نهجه ، ويجب على جارنا علّان أن يكف عن وظيفته المتدنية ويطمح إلى ما يليق ويُشرف .. !
ويمضي يومه وهو ينتقد الناس وأقدارهم بسخرية مغلفة بالحكمة .. !
مسكين ذلك الإنسان ، والله إنه يستحق الشفقة أكثر ممن جعلهم تحت سياط كلماته الجارحة ، ورحمة لسانه المقذع .. !
من ضمن له الحياة النزيهة الهادئة حتى يتسلى بانتقاد الآخرين ؟!
هل خفت عليه أرزاء الدهر وبوائقه التي لا ترحم ؟!
إن كان من شيء علمتنه الحياة ؛ فهو عدم ضمان الغد مهما كان يومي جميلًا وطالعي مغردًا .. !
لم يمنع علم ولا ثقافة ولا مال ولا نسب ولا حرص من وقوع المصائب والأكدار بأنواعها .. !
دعوني أصارحكم بشيء :
مررتُ بمرحلة فاصلة في حياتي أصابتني بما يشبه الانهيار التام رغم غلبة طابع المرح وأخذ الأمور ببساطة علي ؛ وما ذاك إلا بسبب ضمان القدر الجميل .. !
كنت أظن أن المعنى بالمقومات التي أملكها ، وكان القدر لا ينظر إلى مقومات أو غيرها .. !
اليوم على العكس تمامًا ، وعيتُ الدرس كاملًا وأصبحتُ متهيئة لكل مصيبة ، بل – لمزيد من الصراحة – وضعت في حسباني ما لو ابتلاني الله بزوج مدمن ، أو ابن أسير للمخدرات ، وكيف سأتعامل معه .. ؟!
وضعتُ سلسلة مصائب مختلفة الدرجات ومتنوعة المجالات فقط حتى لا أصدم في المستقبل .. !
تهيأ لغدك ، فقد كان حقًا على الله ألا يرفع شيئًا إلا وضعه ، واحفظ لسانك من أعراض الناس فلستَ تنفعهم ولا تضرهم ولا تضمن ألّا تقع لك أقدارهم .. !
الذي يجب أن نعرفه ، أن الله أراد لنا الخير في كل أمورنا ؛ لذا لا تصح مقولة ( الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه ) ؛ فكل ما يأتي من الله خيرٌ لنا ، سواء بان ذلك لبصيرتنا القاصرة أو لم يبن .