قضية أن الرجل يخطب لإبنته، وايجابياتها وسلبيتها،
مسألة كبيرة وتحتاج إلى نقاش على مستوى، البلد والمسؤلين،
لأنها أصبحت مسألة ملحة يحتاجها الكثير من الأباء، والفتيات، كذلك الشباب،
وليس فيها محذور شرعي، إنما يمتنع منها أولياء الفتاة، لاعتبارات، وافتراضات قد تقع وقد لا تقع، ويغفلون عن أمر واقع يعاني منه المجتمع بأسرة، وهو عزوف الشاب عن الزواج، الذي سبب تأخر الفتيات، إلى أن وصل بهن الحد إلى أن يفقدن الأمل، مع ما يصحب ذلك من معاناة، وأمور لا يحسن أن نقلب المواحع ونرفع الخبا ونكشف المستور، ونتحدث عنها،
قد كان العرب، ورؤسهم وسادتهم قديماً ـ مع ملاحظة(إن أكرمكم عند الله أتقاكم) ـ يأتي الرجل الرجل صاحباً أو قريباً أو غريباً لما يرى عليه من سمات الخير والمرؤة، ولما يعرفه عنه من النبل والوفاء، فيقول له ولا يجد في ذلك غضاضة : أنكحك فلانه ابنته أو اخته ، فإن قبل كان ذلك، وإن اعتذر لم يكن بأساً في ذلك، وبات صاحباً وأخاً ومقرباً،
وكما ذكر الأخوة، ورد ذلك كثيراً عن السلف، قديماً وحديثاً، وقبل ذلك وخير من ذلك سيد البشر صلى الله عليه وسلم، عندما وقف أمامه علي رضي الله عنه، ولم يتكلم بكلمة، فبادره صلى الله عليه وسلم بقوله، تريد فاطمة،
فالذي يبذل يكون وجه طلقاً، ويده عليا، ويكون جانبه هو الأقوى،
أما الذي يطلب فلو جمع أمه وأباه وذهب ليطلب وقد عد واستعد لكان جانبه ضعيفاً، ومقاله ركيكاً، وعجز عن الإفصاح عما يريد،
فمالذي يمنع أن يخطب الرجل لأبنه، الرجل الكفء، فإن قبل فبها ونعمت، وإن امتنع، فلم تسكر الجرة ولم يكشف الخبا، ويبقى كما كان أخاَ وصاحباً، ولا يحصل بسبب هذا الامتناع موقفاً أو عداء ، أو كرهاً أن لم يقبل ابنته، النفس وما تهوى، وقد لا يقبل الأول فيقبل الآخر، وهو في ذلك مأجور، باذل، يده عليا،
ثم الإنسان إذا أهدي له هدية عديمة الاحساس، لا تساوي شيئاً صانها وحافظ عليها، وأخذت من قلبه مكاناً علياً ،
فكيف يقال إن من يهدي ابنته لرجل آخر أن ذلك يرخصهاً في نظره ، هذا لا يكون أبداً فالهدية لها قيمة في قلب من أهديت له،
فالأمر لم يعد فيه خيار ، بات ملحاً أن يبحث الرجل عن زوج لأبنته، كما هو الحال في بحثه عن زوجة لأبنه، ولا فرق، بل هو آكد، لأن البنت لا يلق بها أن تباشر ذلك بنفسها، بينما الأبن يفعل ولا حرج،
والله أعلم .