برد يسحق أنفاسنا..
ريح محملة بنفحات ثلجية..
تخور قوانا..
نقاوم باستماتة.. كي نصل..
لم يكن وحده البرد عدونا ذلك المساء..
تجمعت علينا الخطوب..
ثمة من يقول بصمت:
قف.. لاتذهب..!!
لهفة لقائك..
أعمت بصيرتي..
عن سماع النداء الخفي..
كان صوته مسموعا.. ذي قبل..
كنت أسلم أمري له..
صوتي الخافت.. حذرني هذه المرة
خوفي.. أغضبك.. حينما سألتك بحماس:
هل أحضر..!؟
كان تأكيدك قطعيا..
سلمت نفسي له..
وتركت ندائي الخفي..!!
الأمطار كانت شحيحة.. ذلك اليوم..
جفاف يضرب أطناب الأرض..
يجعل من نفحة البرد.. قسوة وألما..
لم يكن يوما عاديا...
كان تاريخا بأكمله..!!
صراعات مع الذات..
معارك مع الزمن..
تحديات تهدد اللقاء..
كنت هناك.. في الموعد..
نال مني التعب أكثره..
شعرت بأنفاسي.. غير منتظمة..
قلبي يخفق بوجل شديد..
هاتفك المشلول.. غاب أيضا..
وغاب معه.. صوتك المبحوح..!!
تعبي.. أرقي.. وخوفي..
تحيل صمتي إلى قلق..
وقلقي إلى انتظار... يحاكم الزمن..
صوتك مازال بعيدا...
مللت تكرار النظر لشاشة الهاتف الساكن..
آه منك ساعات...
حرمت عيني نومها..
وسلبت من جسمي حقه في استرجاع طاقته المنهكة..
ثمان ساعات... بعدها جاء صوتك..
ليس ككل المرات...
جاء كسيحا.. مثقلا بالخذلان..
صوتي الخافت.. قالها قبل أن أسمعها منك..
نهرته مرات...
كذبته.. وصدقت كذبك هذه المرة..!!
هكذا.. بكل سهولة كان الاعتذار..
كانت الطعنة الأخيرة..
ليس لقلبي النابض حبا ووفاء..
بل لذكراك.. المهترئة..
ليس لكذوب مثلك.. وطن فيه
ظروفنا ليست هي من يحكمنا..
إرادتنا.. هي من تحكم الظروف
هكذا تناسيت صوتي الخفي...
وتحديت كل الظروف.. كي أصل...
وصولي كان أليما..
حيث لم يكن هناك سوى..
الجحود والخسران..!!