^^^
^^
بدء: لعلّ ما حصل من أحداث في الأسبوعين الماضيين من فتاوى طريفة .. يؤكد أهميّة التدوينتين السابقتين : 164-165
أعود: عندما نجعل من كتاب (كليلة ودمنة) رابطة لهذه التدوينة .. فمن أجل ذكر أنواع التصانيف الموجودة في العالم كلّه ..
فما هو كتاب كليلة ودمنة ؟!
يقول حاجي خليفة في كتابه (كشف الظنون)*:
هو : كتاب في إصلاح الأخلاق .. وتهذيب النفوس
وضعه : بيدبا الفيلسوف الهندي .. لدابشلم : ملك الهند .
وهو : كتاب على ألسنة البهائم والطيور ؛؛ تنزيها للحكمة وفنونها ومحاسنها وعيونها .. وصيانة لغرضه الأقصى فيه من العوام .. وضنة به على الجهلاء الطغام.
وهو على أربعة عشر بابا ...وذكرها ..
الأول : في وجوب الاجتناب عن سماع كلام الساعي والنمام
،
،
،
الرابع عشر : في التسليم والتوكل
نقل هذا الكتاب إلى العربيّة كما ذكّرنا فيما سبق عبد الله بن المقفّع .. نقله من الفارسيّة إلى العربيّة ؟
ثمّ عورض الكتاب كثيرا نثرا وشعرا .. ولعلّ من أبرز معارضيه شعرا هو ابن الهبارية الهاشمي العباسي البغدادي
في منظومته (الصادح والباغم) في ألفي (2000) بيت .. وفي عشر سنين ..!**
وفي النثر روي عن كثير كالمعرّي .. وسهل بن هارون .. وغيرهما .. ولا يوجد من ذلك شيء الآن ، فالله أعلم بصحّته
أما في العصر الحاضر .. فيقول في ذلك الأستاذ: محمد كاتبي :
وكليلة ودمنة كتاب في العربية نسيج وحده .. لم يستطع كاتب من كتاب العربية أن يحاكيه منذ كان ابن المقفع إلا مصطفى صادق الرافعي .
فما سرّ هذه النسخة لدى الرافعي رحمه الله ؟
يقول الرافعي في كتاب المعركة : عندي نسخة من كتاب (كليلة ودمنة) ليس مثلها عند أحد .. ما شئت من مثل إلا وجدته فيها ، وقد رجعت إليها اليوم ( 13/مايو/1926م) فأصبت فيها هذه الحكاية ...
ثم ذكر الحكاية في التهكم بـ (طه حسين) وفيها : زعموا أنّ سمكة في قدر ذراع كانت في غدير ...[انظر تحت راية القرآن:174]
هذا هو مبدأ تلك النسخة التي كان في نيّة الرافعي إخراجها في كتاب مستقل قبل أن تخرمه المنيّة ***
نشر الرافعي في ذلك الكتاب .. وفي الردّ على طه حسين 8 فصول طريفة ممتعة .. وإن القاريء لهذه الفصول الثمانية ليرى فيها لونا طريفا من أدب الرافعي .. لو أنّ الظروف واتته لأتمّه فأنشأ به في العربيّة إنشاء جديدا له خطر ومقدار ..
ثمّ بعد انتهاء المعركة مع (طه حسين) توقف الرافعي عن النظر في هذه النسخة العتيقة**** لستّ سنوات .. حتى تذكّرها في سنة (1933م)في معركته مع (العقّاد) ..فكان الفصل التاسع منها ..
أما الفصل العاشر فكان بعنوان (كفر الذبابة) .. نشره في وحي القلم في التهكم بـ (مصطفى كمال ) أو (كمال أتاتورك) وثورته على الدين [أنظر تعليق محمد كاتبي في وحي القلم عند كفر الذبابة]
يقول الرافعي عنها في أحد كتاباته: يكتب لي بعض الأفاضل من العلماء والكتاب يسألون عن نسختي من (كليلة ودمنة) ويطلبون إليّ ألا أكتمها عنهم .. ولا أستبدّ بها من دونهم .. وأن أفضي إليهم في كلّ مقالة بمَثَل منها .. ويقولون: هذا هو الجديد في الأدب العربي .. لا ما يعللوننا به من فصول مترجمة ومقالات مسروقة .. وآراء منتحلة .. ولا ما يكتب أشباه السوقة والعامة في اللغة والتعبير والحكاية..
قال: وكتبت لي سيدة معلّمة تقول: إن مَثَلَ الفيلسوفة الأمريكية الصلعاء قريء في جماعة من السيدات فكان رأيهنّ أن عشر قصص على هذه الطرقة تفيد في نشر العربية الفصحى وتحبيبها إلى النفوس ... [ تحت راية القرآن:291]
إذا عرف هذا فلنعد لذكر أبرز أنوع التصانيف في العالم:
النوع الأول : ماذكرناه من كتاب كليلة ودمنة .. وهو النقل من لغة إلى لغة(الترجمة)
النوع الثاني: اختراع جديد .. ومثاله أكثر من التمثيل له!
إضافة : لعلّي أذكر بعض العلوم وأول من صنّف فيها
علم النحو: فيه خلاف والأشهر : أبو الأسود الدؤلي .. وقيل عليّ رضي الله عنه
علم العَروض والقافية: الخليل بن أحمد الفراهيدي
علم البلاغة : عبد القاهر الجرجاني
علم الاجتماع : عبد الرحمن بن محمد بن خلدون
علم الجبر : محمد بن موسى الخوارزمي
علم الكيمياء : جابر بن حيّان
النوع الثالث: ضبط قديم .. وهو ما يسمى اليوم بالتحقيق .
النوع الرابع: ترويج خامل .. ومثاله ما يكتبه أهل الأهواء في نشر الأقوال الشاذة المتروكة.
النوع الخامس: جمع متفرّق .. ومثاله (مجموع فتاوى ابن تيمية)
السادس: تجريد عن زائد أو فاسد لفظا أو معنى .. ومثاله كتب أصول الفقه المجرّدة من علم المنطق ..
السابع: تتميم بلاحق كاستثناءات وقيود وأمثلة وأدلة ومسائل ومآخذ.. ومثاله: كتب الشروح .. كشروح الحديث / متون الفقه...
الثامن : إصلاح وترتيب.. وهو ما يسمى بالتلخيص .. ومثاله المختصرات
التاسع: تبديل نظم بنثر .. ومثاله شرح ابن عقيل لألفيّة ابن مالك
العاشر: اشتراك في تفرّد .. ومثاله كتاب المجموع في الفقه الشافعي .. اشترك في تأليفه أربعة من العلماء .. أولهم النووي ..ومثاله أيضا كتاب الجلالين لجلال الدين المحلي.. وجلال الدين السيوطي
وبإمكان تلخيص ما سبق بما ذكره حاجي خليفة في كتابه كشف الظنون:
قال: ثم إن التأليف على : سبعة أقسام لا يؤلف عالم عاقل إلا فيها
وهي : إما شيء لم يسبق إليه فيخترعه
أو : شيء ناقص يتممه
أو : شيء مغلق يشرحه
أو : شيء طويل يختصره دون أن يخل بشيء من معانيه
أو : شيء متفرق يجمعه
أو : شيء مختلط يرتبه
أو : شيء أخطأ فيه مصنفه فيصلحه
ثم أسألكم أيها القراء الأفاضل : برأيكم لو تمّ طباعة الرشفات .. من أي صنف ستكون ؟
تنبيهان:
إحداهما : فيما مضى من أيام تم حذف أكثر من 26 تدوينة من الرشفات .. فالشكر أزجيه للأخت الفاضلة بنت البدائع على تلبيتها طلبات الحذف .. وجزاها الله خيرا..
وللعلم فأغلب التدوينات المحذوفة مما هو مختصر جدا .. أو أشياء انتهى وقتها ..
^ الجميع عداد مشاركاتهم بازدياد.. ونسيم إلى قلّة (: !!
الثاني: لكل متابع ومهتم لما يطرح هنا .. أعتذر على تأخر السلسلة وعدم ترابطها ، وبودي حقيقة لو انتهيت منها حتى يتسنى لي تنويع الرشفات بما لدي قبل الإغلاق ..!
عذري في ذلك أني لا أنقل من مصدر مباشرة (نسخ ولصق) .. وإنما أكل ذلك إلى خفّة نفسي ـ بعد توفيق الله تعالى ـ فمتى ما وجدت خفّة للكتابة كتبت ما تيسّر لي كتابته مما أبتغي به النفع والفائدة ..
وإلى التدونية التالية.. وفيها الكلام على المعرّف الرديف .. نسيم تويتر .. لماذا ؟!!
وإليها حييتم وبييتم
[align=right]
---------------> تتمّات<---------------
(*) سيأتي بإذن الله حديث مفصّل عن هذا الكتاب في آخر حديثنا عن هذه السلسلة !
(**) لا أعلم هل توجد هذه المنظومة الآن أو هي مما فقد .
(***) يقول كاتبي: وفي ذلك خير ، فهذه الفصول في موضعها من الكتب التي نشرت فيها أجمل وأخفّ، وإفرادها بالنشر ربما يحملها على تكلّف الصنعة .. ويباعد بينها وبين أذواق القراء... وقد صدق .
(****) هي في الحقيقة موجودة في دماغه ..[/align]