ماني بناسي قصةٍ صارت وانا ازور القبور
لازلت افكر فـي غرابتها وبالي تشغله
ساعة ظهر لي شايبٍ له حول قرنين محجور
في جوف قبرٍ عن هـل الدنيـا طواه ويعزله
سلّم وجا صوبي يقول : ابنشـدك يلـي تـزور
عن حالة الدنيا وعن وضع الزمان وعن هلـه
أنا مضى وقتي ومـرّت بـي طويـلات الدهـور
والباقـي بعمـري بعيشـه بينكـم واستكملـه
قلت : الزمان اللي يبارينا علـى خبرك يدور
الوقت نفسه مـا تغيّـر ماشيٍ فـي جدوله
أما البشر لا والله الاّ غير من حد الجذور
صار انتقالٍ مـن يميـن الى يسار المنقله
استغرب الشايب من الي قلـت وبليّـا شعور
حط اليمين على الشمال وخاطره فيه اسئله
قال : افتني عن حالة الشيبان والشيـخ الوقـور
أهل الخبر والراي والحكمه وضرب الأمثله
القدوه أصحاب الأمور اللي تطاع بكل شور
اللي يفضّون النـزاع ويحكمون المشكله
قلت : البعض منهم على ما قلت في وصفك وقور
قدوه ولكن رايهم ما ينفـرض فـي مسأله
الطاعه العميا بقا منها مجاملة الحضور
اللي تلاقيها مـع اوّل فـرصةٍ متنصّـله
قال : افتني عن حالة الخفـرات ربّات الخدور
اللي تصـان بـبيـت عايلهـا و بابـه تقفلـه
شيهانةٍ تشمخ عفاف وتصقـل فـروخ الصقـور
بين الفريق ببشتهـا الضافي وثوبٍ تسبلـه
قلت : العذارى فـي زمنّـا زي أشكال الطيور
تقليد هرج و عرض ريشٍ خلفهـا تستخملـه
تلبس عباةٍ ضيّقـت حـول الردايف والخصـور
فضيحةٍ تكشف جسدها من علـوّه لاسفله
وموضة شيالٍ تكشف الوجنات والوان الشعور
والمحرم تبدّل بجوالٍ بيدهـا تحمله
لا فوّحت صفر الدلال ولا عرفت غـش القـدور
تطبـخ لها خـدّامةٍ بالعايله متوكله
قال : افتني بحال الشباب الصلب صيّـاد النمـور
الفارس اللي ينطـح خصومه بزنـدٍ يفتلـه
الوافي الشهم الغيور اللي لعرض الجار سور
البار عند امّـه وابـوه وعلـم ربعـه يشغلـه
قلت : الشباب بوقتنا وجهه مثـل بـدر البـدور
والجسم من زود الرخا ما تنفتـل فيه عضلـه
قصّـة شعـورٍ صيّرتهـم لا إنـاث ولا ذكـور
والثـوب راح ولا بقـى الاّ عـالـمٍ متبنطـلـه
ناسٍ ( فلنتينو ) وناسٍ تلبس ( كرستانديـور )
صار التنافـس بينهـم فـي لبسهـم والجنتلـه
من كان يشرب من قرار البير مشروبه ( بيور )
والبل راعيها غدا يشرب حليب ( النستلـه )
مامنهم اللي قام دون اعراض جيرانه غيور
من قام قالو وشـملقّف حضرته ؟ وشـدخّله
والوالدين حقوقهم ضاعت وعنهم فـي نفور
إن غاب عنهم لا تذكرهـم ولا جاه الوله
بدّا عليهم شلّةٍ تهوى الوطا بين الجحور
لو تعزله عنهم تبي لـه شـان كنّـك تقتله
ما راح يوم يشارك ربوعه بحزن ولا سرور
حتى ابن عمّه يعرفه بالوجه واسمه يجهله
ناظر لي الشايب بعينٍ تجمـع السبع البحور
يقول : أنا لا يمكن ادخل مجتمعكـم واقبلـه
انتو لكم وقتٍ تصدّع من بلاويه الصخور
ما يقعد الجمّال به ساعه ولو ضاع جمله