في البداية أشكر جميع من تابعونا وتعاطفوا معنا
من خلال الأجزاء السابقة ..
وأعتذر أشد الأعتذار عن التأخير
،،،،
وبما أن هذا هو الجزء الأخير
سأحاول أن استذكر فيه أغلب الأحداث التي لم تذكر في الأجزاء السابقة ،
مع إغفالي لكثير منها إما لتكرارها أو نسيانها
أو لأن المصلحة تقتضي عدم ذكرها ... .
:::: الجزء العاشر ::::
- الطريق البري .
هذا الموضوع بالرغم من أني ألمحت له كثيرا
إلا أني أشعر بأنني لم أعطه حقه ولا بعض حقه ،
فإذا كانت الاتصالات والغربة تعتبر أزمة بالنسبة لنا ،
فهي على الأقل لا تتكرر معنا أسبوعيا مثل أزمة الطريق
التي تتجدد معنا كل أسبوع .
،،،،
ولن أبالغ حينما أقول أنها الأزمة الأكبر بالنسبة لنا ،
ونعتبرها حياة أو موت وتستحق منا بذل الاحتياطات اللازمة .
،،،
في بداية ونهاية الطريق اعتدنا أن نتصل على الأقارب
نستودع الله أماناتهم ودينهم ، ونطمئنهم بعد الوصول .
،،،
بعدها نتوكل على الله ونحن لا نعلم ما ذا يخفي لنا القدر ،
فبالرغم من أننا سلكنا الطريق البري أكثر من ( 60 ) مرة
إلا أننا لا نستطيع أن نمشي مع طريق معين ،
لأن الرمال تغير ملامحها مع كل هبة ريح ،
وفي بداية الأمر لم نكن نستغني عن أجهزة الملاحة ،
ومع الوقت كسبنا خبرة فبدأنا لا نعتمد عليها كثيرا ،
وبالرغم من ذلك إلا إننا تعرضنا لمواقف كثيرة أذكر منها :
،،،
طلعت في أحد الأيام و معي حسن المكاوي
وأمامنا صالح القصيمي ومعه بعض الشباب ، متوجهين لسكاكا ،
الشاهد إن الحوض كان فيه ثلاجة كبيرة خرجنا بها لكي نصلحها وبسببها لم أكن مسرعا ،
وعند مفترق طرق ضيعنا بعض ودخلت للنفود تقريبا ( 10 كلم )
بعدها أحسسنا أننا مضيعين إلى أن رأينا بيوت شعر من بعيد
وتوجهنا لها وعلمونا بالوجهة الصحيحة ،
وصالح القصيمي كان متواصل معنا على جهاز النداء
ولكن يوم أبعدنا انقطع الاتصال بينا وبينه ،
ولم نصل لسكاكا إلا بعد خمس ساعات ،
وهذي الحادثة دائما تحدث ، وهي إنك تضيع الطريق
ولكن بعد وقت نرجع للوجهة الصحيحة .
،،،
البنشر كذلك كان يحدث معنا كثيرا
وبعض الأحيان في كل نزلة لعذفا يحدث بنشر
وخاصة مع المسحية – المطينة - لأن فيها حدائد مركوزة ، وحجارة حادة .
،،،،،
وأحيانا تتعطل السيارة في الطريق
،،،
ومرة محمد المدني جاب سيارته
وقرر أنه يدخل لعذفاء بعد ما اشترى جهاز اتصال فضائي وجهاز نداء ،
وركب معه حسن المكاوي ، واللي شجعهم إن الجو أمطار
والنفود ما فيها غراز قوي بسبب تماسك الرمال ،
المهم دخلوا للنفود على ددسن غمارتين بدون دبل ،
يقولي حسن المكاوي : إنه حاول يمنع محمد المدني من الدخول ،
على الأقل يكون برفقتهم أحد ، ولكن محمد المدني أصر على رأيه ،
يقول حسن : توقعت إن فيه شي بيصير ،
وطول الطريق أدعي ومحمد المدني داعس
ما يبي يهدي على شان مايغرز ،
مرة نظرب بعقم ومرة بمطب والدعسة هي الدعسة
،،،
ويوم بقي على عذفاء تقريبا 30 كلم ، وتجي ذيك الطلعة
الي كتبت نهاية المغامرة ، ونغرز فيها ،
وحاولنا إخراج السيارة ما فيه فائدة وكان الوقت تقريبا قبيل الظهر ،
ونبدأ نرقى الطعوس المرتفعة اللي حولنا
ونطالع ندور أحد حولنا وما فيه فائدة ،
ومحمد المدني يحاول يكلم الزملاء اللي بسكاكا
علشان يساعدونه وبعد اتصالات استنزفت تقريبا بطاقة كاملة ،
عطوه رقم سوداني موجود بعذفاء ،
وكلموه والسوداني بدوره كلم أهل الديرة وما قصروا كلموهم
وسألوا عن المكان وعرفوا إنه تقريبا 30 كلم غرب الديرة
وقال لهم أحد الشيبان مازحا :
ما حنا جايين ، مكانكم بعيد وأنتم تقدرون تطلعون موتركم .
ليصرخ عليه حسن المكاوي : وش نسوي يعني نموت .........الخ
بعدها ضحك الشايب ليخبره أنه يمزح ،
وما هي إلا فترة زمن حتى ساعدوهم ، ليصلوا بعدها لعذفاء
ويحرموا أن يخرجوا لوحدهم بدون رفقة سيارة أخرى ..
،،،،
ومن الأحداث الطريفة أيضا أننا طلعنا على سيارتين مسافة 10 كلم
لنلبي طلب أحد أبناء الديرة
في حضور القهوة في بيته
وقبيل المغرب عدنا ، وفي الطريق بنشرت سيارة محمد المدني
و الاستبنه كانت مبنشرة أيضا ،
فاضطرينا لتركها و عندها اثنين من الشباب
وعدنا لعذفاء مع غروب الشمس وبعد المغرب أصلحنا الاستبنة
وعدنا للسيارة ولكننا ضيعنا مكانها ،
ولم نجدها إلا بعد ثلاث ساعات من البحث المضني .
وبعد ما سمع أغلب سكان عذفا بما كان يجري لنا ،
عن طريق جهاز النداء ،
لكي نصبح على أصداء هذه القصة
في أطراف القرية ما بين مستغرب وضاحك ،
ونسوا أننا تنقصنا الخبرة الكافية للعيش في هذه الرمال .
،،،،،
المواقف تطول ولعلي اكتفي بما ذكر ...
،،،
المهم هنا أن الطريق كان طويل وخطير ، وللأسف أن الشركة التي تكفلت بإنشاء الطريق المؤدي إلى عذفا كانت بطيئة جدا ، انتهى العام الدارسي وبدأ العام الذي يليه والطريق لم يصل حتى للمناطق المجاورة لعذفاء .
- بطاقات الشحن .
أول أسبوع وصلنا فيه لعذفا شعرنا فيه بأهمية الجوالات ،
وأنها ليست خدمة ترفيهية وإنما خدمة أساسية تستحق الشكر .
،،،،،
الأسبوع الأول كان ثقيل في كل شيء ، ولعل انقطاعنا عن العالم الخارجي وخاصة عن أهلنا وأحبابنا كان هو الأثقل .
لم يكن لدينا وقتها جوالات فضائية ،
كنا نشعر بقلق و خوف على أهلنا مع انقطاع الاتصالات ،
وهذا الشيء جعلنا نذهب كل يوم للمحطة
لكي نطمأن على الأهل لمدة دقيقة واحدة
تكلفنا خمس ريالات والدقيقتين تكفنا عشرة ، وهلما جرا ...
،،،
بعدها قررنا أن نشتري جوال الثريا ،
وعني شخصيا شريت الموديل القديم
لأنه أجود من الموديل الجديد ،
شريته مستخدم من المرسلات في الرياض بقيمة ( 2700 ) ريال .
،،،
بعدها ارتحنا كثيرا ، ولا نكاد نتصل إلا في الأسبوع مرة فقط ،
لأن وجود وسيلة اتصال في البيت تشعرك بالاطمئنان ،
لشعورك أنه بإمكان الأهل الاتصال بك في أي وقت ،
فالحمد لله على هذه النعمة .
،،،
الاتصال من الثريا الموجود في المحلات في عذفاء كان يكلفنا خمس ريالات ،
مع أن الفاتورة تكلف دولار ، أي تقريبا ( 3.75 ) لدقيقة الواحدة ،
والجزء من الدقيقة يعتبر دقيقة . ..
،،
بطاقات الشحن كانت تباع في محلات عذفاء من 90 ريال إلى 100 ريال
، والبطاقة الواحدة فيها عشرين دولار يعني عشرين اتصال فقط ،
وكل هذه الأسعار والتجارة
يديرها هنود وباكستانيين في محلات عذفاء ،
وأهل الديرة أغلبهم في غفلة عن هذه التجارة المربحة ...
،،،
اقترح صالح المكاوي علي ،
بحكم إني كل أسبوعين تقريبا أنزل للرياض
بأن اشتري بطاقات شحن بالجملة من الرياض ونبيعها في عذفاء
ودخل معنا محمد المدني كشريك ،
أعجبتني الفكرة وخاصة أنها بتشغلنا شوي في عذفاء ،
وتقضي على الملل اللي نعيشه أحيانا .
،،،
نزلت للرياض وسألت عن البطاقات
واكتشفت إن العمالة جشعة
وتأخذ أرباح كبيرة من الكشاته وأهل الديرة ،
اشتريت في البداية ( 100 ) بطاقة
وكلفتني البطاقة الواحدة ( 70 ) ريال
وأحيانا تقل ريالين ومرة زادت ريالين ،
على حسب العرض والطلب في السوق .
،،،
في بداية الأمر كنا نبيعها تفريق
البطاقة من 75 إلى 80 ريال ، وكان البيع ضعيف،
بعدها الزميل محمد المدني قرر الانسحاب من الشراكة
لضروفه الخاصة ،
ومع الوقت ازداد الطلب شيئا فشيئا ، وبدأ أسمنا ينتشر في عذفاء
وبدأ الزبائن يأتون من بعيد وقريب ولله الحمد ،
،،،
ولكن الشراء الحقيقي من الكشاته القادمين من خارج الديرة ،
لأنهم يشترون بالكميات ،
وهذي الفئة ما تعرفنا ولا فيه طريق للوصول لهم
إلا عن طريق المحلات ،
فبدأنا بعدها ببيع البطاقات بالجملة على المحلات
من 80 ريال للبطاقة ، بعدها زاد تصريف البطاقات ،
وأصبحنا نشتري كميات أكبر ،
وبعد أن كان المشروع لقضاء وقت الفراغ
أصبح مصدر دخل لا يستهان به ، وجنينا منه أرباح ،
على الأقل كانت تغطي القطة الشهرية للشقة
و المصاريف الأخرى بالديرة فلله الحمد والشكر ،
،،،
مع أني كنت أتضايق من الوقت الذي يهدر من أجل الشراء
لأن نزولي للرياض يعتبر ساعات بسيطة
لا أستطيع أن افقد شيء منها بعيد عن الأهل والأحباب ،
والأمر الذي كان يضايقنا أيضا
هو المبلغ الكبير اللي كنا نحتفظ فيه بعد ما نبيع البطاقات ،
وما أخفي عليكم إنه كان مصدر خوف وقلق بالنسبة لنا .
ميزانية الشقة
الشقة كان أجارها بـ 1000 ريال كل شهر ،
وكنا نشتري المواد الغذائية والكمالية من سكاكا ،
وفي حالات نادرة كنا نشتري من محلات عذفاء ،
الزملاء في الشقة كانوا سبعة ،
بعدها طلع محمد المدني لشقة مجاورة ،
لأن أخوه أتى من المدينة المنورة ليدرس في الصف الثالث ثانوي
في ثانوية عذفاء ، فأصبحنا بعدها ستة معلمين ،
والقطة أصبحت على كل فرد من 200 ريال إلى 250 ريال تقريبا
حسب المتطلبات ، لنصبح بعدها في إشكالية من يدير هذه القطة ؟
لتتجه أصابع الترشيح ألي ( سلمان العاصمة ) .
،،،
لأتولى المنصب الخامس في عذفاء ،
بعدما توليت الإمامة و التعليم و التجارة و التصوير ( إعلامي ) ،
ها أنا أتولى منصب وزير المالية في شقة المعلمين في عذفاء ،
ولم يكن السبب تقصير من الزملاء وإنما لأنني الحلقة الأضعف بينهم ،
قد أرفض المحاولة الأولى ولكن المحاولة الثانية أوافق ،
فلهذا السبب توليت هذه المناصب الخمسة وربما غيرها ... .
وقد ينطبق علي المثل القائل
سبع صنائع والبخت ضائع ...
،،،
ولعل أول مهنة مارستها هناك بعد التعليم هي التصوير
وهي الهواية المقربة ألي وخاصة تصوير الطبيعة ،
ولكني هذه المرة أصور طلاب صف أول ابتدائي
لأنهم لم يحضرو صور شخصية ، وهذا الشيء أحرج الإدارة
لعدم وجود استوديوهات تصوير في النفود ،
مما يستحيل أن تكتمل ملفاتهم بالصور الشخصية
وهذا الشيء شجعني على إبراز هذه الهواية لأول مرة في عذفاء .