من أسعد الفترات التي تعيشها كل فتاة مع زوج المستقبل وشريك الحياة، حيث يتبادل العروسان مشاعر الحب والمودة ويعبر كل منهما عن حبه وتقديره للآخر.
لكن كثيراً من الفتيات يبالغن في التعبير عن مشاعر الحب الجياشة، وهو ما أدى إلى إساءة بعض الشبان لتلك المشاعر والخوف من الجرأة الزائدة للفتاة، حتى إن بعضهم يشعر بالحصار ويختار العزوبية بدلاً من التقيد بالزواج.
واعتبر خبراء أن هذه الممارسات "نذير شؤم وفرض وصايا بالقوة لا يقبلها الشاب"، مردها "الرهاب الاجتماعي العائلي" و"التربية الانفصامية" التي تفرق بين الفتاة والشاب في المعاملة والحرية الاجتماعية.
إن الحل يكمن في التحلي بكل من "زينة الحياء" و"الذكاء العاطفي" الذي يوازن بين العقل والعاطفة. واشتكى شاب من جنون عروسه ورغبتها في مراقبته المستمرة، قائلاً: "في البداية كنت أسعد عندما أجدها تهتم بي وتضع صورتي على الواتس آب الخاص بها، وبعد فترة بدأت أشعر بالملل من المبالغة في الاهتمام، وأشعر أنها تراقبني في كل تصرف".
"بعد عقد القران بدأت أختنق من مراقبة زوجتي المستمرة لي، حيث تفتش عني في كل مكان وترصد دخولي وخروجي على الواتس آب، حتى إنها تعاتبني إذا وجدتني على الشات ولم أتحدث معها، وتلاحقني في كل مكان؛ ما زاد من قلقي على حياتنا فيما بعد، موجهاً نداء إلى زوجة المستقبل بضرورة وجود مسافة بين الزوجين يستطيع كل منهما أن يتنفس الحرية".
أيضاً تتعمد أن تهاتف عريسها بجوارنا، وتمدح فيه بعبارات غزل دون مراعاة لشعور غير المتزوجات. "تطلب صديقتي من أخيها أن يذهب لمكان عمل عريسها بصفة مستمرة؛ حتى تتأكد من كونه موجوداً في العمل". و نصحتها بعدم اللجوء لهذه التصرفات، بيد أنها دائماً ما تقول لي: [هذا تعبير عن حبي الشديد له]".
فرض الوصايا:
كثيراً من الفتيات ما تلبث بعد عقد قرانها حتى تظن أو تتوهم أنها أصبحت وصية على خطيبها في كل حركاته وسكناته، فتمارس عليه ضغوطاً كثيرة باسم الحب أو الحقوق الشرعية". وعن تعجبه من بعضهن لاسيما تلك التي "تطالب خطيبها بالاتصال بشكل يومي، بمدة لا تقل عن نصف ساعة؛ ليشرح لها كل تفاصيل تحركاته، ماذا أكل وأين جلس، ومع من يخرج، وإذا لم يتصل خطيبها أو لم يرد على اتصالاتها، فإنها تتابع اتصاله على الواتس آب أو البلاك بيري، وعند التواصل بينهما فإنها تحاصره بالأسئلة والتحقيقات".
وأرى أن الفتاة تبرر ذلك بخوفها عليه من الموت، أو من الجلوس بمفرده فتؤنسه، أو الغيرة العمياء إن كان في عمل مختلط، مشيراً إلى محاولتها إيهامه أنها تحبه لحد الجنون، مرجعاً ذلك لتوهمها أن هذه التصرفات ستجعله يحبها أكثر، وربما تعتبر ذلك من أبسط حقوقها الزوجية. وأن هذه الممارسات التي تحاصر فيها الفتاة الشاب أيام الملكة نذير شؤم وفرض وصايا بالقوة لا يقبلها الشاب. وعن رد فعل الشباب إزاء هذه التصرفات بعضهم يعتبر ذلك تدخلاً في شؤونه قبل الزواج، لا يحق للفتاة أن تسأله عنه، ومنهم من يرفض أن تصبح الفتاة نسخة من أمه في أسئلتها، وحرصها عليه) .
إعجاب متوازن:
ولفت إلى أن بعض الشبان يتصور أن تلك الممارسات تدل على خفة عقل الفتاة، أو أنها جريئة لا تتحلى بالحس الأنثوي الذي يبرز في خجلها، وقال إن بعضهم لا يتردد في صد الفتاة أو نهرها، أو ربما تهديدها بالانفصال هذا إذا لم يتخذ قرار الانفصال قبل الحديث معها. والفتيات إلى التحلي بزينة الحياء، وإشعار الخطيب بالثقة ؛ كي يتحدث من تلقاء نفسه دون محاصرته بالأسئلة.
ونصيحتي للشاب والفتاة في فترة الملكة: ( أن يدركوا خطورة هذه المرحلة وفهم احتياجاته وفق المعقول.)
وأُطالب أن يكون الإعجاب متوازناً؛ بحيث لا يطغى على أمور حياته الهامة، وشدد على معرفة أن هذه الفترة لاكتشاف جزء من السلبيات والإيجابيات بين الطرفين وتصحيحها قدر الإمكان. وقدر ما يتم اكتشافه من السلبيات والإيجابيات؛ سيكون من السهل التعايش بينهما مستقبلاً، فلا يطغى الإعجاب على الاكتشاف؛ فتُعمي البصيرة ويصبح التعايش صعباً بينهما.
استجداء عاطفي:
وأرجعت الاستشارية النفسية والكاتبة الدكتورة زينب عايش تصرفات بعض الفتيات الجنونية في فترة الملكة للرهاب الاجتماعي العائلي قائلة: كلنا نعاني من أزمة ثقة نتيجة لخبرات أسرية، مبدية أسفها لتربية الفتاة الخاطئة. والأسرة دائماً تحاصر الفتاة وتراقبها، وفي ذات الوقت تمنح مناخاً من الحرية للشاب. ولفتت أن هذه الفتاة تعاني من حرمان عاطفي، وتقوم بهذه التصرفات كنوع من التحصين الاجتماعي الواهم؛ نتيجة لفقدان الثقة في الشاب، واصفة محاصرة الفتاة للشاب في فترة الملكة بـ"الاستجداء العاطفي". وعندما تحاصر الفتاة الشاب عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي، فإنها لا تحمي عاطفتها بل تستجديها، ورأت أن هذا وهم وليس حباً. وأن مراقبة الفتاة لعريسها غير مجدية، وتغرقها في دوامات من عدم الثقة لا تنتهي، مطالبة إياها بالتوازن بين العقل والعاطفة، وعدم الانسياق وراء المشاعر الجارفة، وكذلك عدم منح كل الثقة أو الشك في خطيبها. و أن كليهما يصل بالطرفين إلى طريق مسدود، داعية الفتاة للتحلي بـ"الذكاء العاطفي"؛ حتى تستمر حياتها الزوجية نابضة بالحب طيلة العمر، وطالبت الأسرة بتأمين الفتاة عاطفياً؛ حتى لا تكون فريسة سهلة لأي شاب يمطرها "بمعسول الكلمات".
ورفضت محاصرة الفتاة ومنعها من أبسط حقوقها قائلة: نحن نمارس "تربية انفصامية" فنسمح للشاب بتعدد علاقاته العاطفية، وفي ذات الوقت نغتال أحلام الفتاة البريئة في مهدها.
و عليك أن تحترم مشاعر هذه الفتاة التي تغدق عليك الحب والعاطفة، محذرة إياه من السخرية منها أو التقليل من شأنها، ودعته أن يكون جديراً بهذا الحب؛ حتى يشعر بداخله أنه يستحق هذه المشاعر.
دمتم متعاونين بالحياة الفهيمةً بعيداً عن متغطسرات الحياة وتعقيدها دون حلولها وفهمها . محبكم ..