[align=center]
عفواً : أين بقالة معاليكم ؟
مجلة اليمامة العدد 1930
------------
أولاً كل عام والجميع بخير، وتمنيات خاصة لجميع المسؤولين وعلى رأسهم معالي محافظ مؤسسة النقد، فله تقدير واحترام خاصين، ليس ذلك فحسب؛ بل إني أرشحه للقب رجل العام، أو مسؤول العام، لأن الأحداث المالية هذا العام رمته في فوهة المدفع، واستطاع التعامل معها ببرود وأريحية يحسد عليهما.
معاليه أطل علينا في بداية فورة الأسهم ليحثنا على الاستثمار في سوق الأسهم، يطمئننا بأن اقتصادنا متين، وأن لديه كافة الاحتياطات التي تمنع أي انهيار للسوق. ويوم جاء وقت الله الله، وانهار السوق، توارى عن الأنظار هو وكافة الاحتياطات اللازمة، بينما خلق الله المساكين تضيق بهم المستشفيات من هول الصدمة. ثم نتيجة لظهور اضطراري صرح مرة أخرى بأنه لا شيء يقلق، وأن الاقتصاد على أحسن ما يرام، فأصول البنوك بخير، والأمر يتعلق بتصحيح متوقع وليس انهياراً، وهو لا يعلم بأن الجميع يعلم بأن البنوك استثمرت في السوق أموالنا نحن المواطنين وليس أصولها. وهي تكسب بقدر ما نخسر، عمولات وفوائد. ورغم هذا كله فالتقارير الاقتصادية لا ترى أن البنوك بخير لأن عملاءها ووقود أرباحها، الذين هم نحن، مفلسون.
يذكرني معاليه، من حيث أريحيته، وخفة ظل تصريحاته بنائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني، الذي يرى الأشياء بمنظاره هو، بحيث يرى واقعاً مختلفاً عما يراه الآخرون. فهو مثلاً لا زال يصر على أن ما يحصل في العراق ديمقراطية، وأن صدام حسين عضو في القاعدة، وأن أمريكا منتصرة. وربما تجمع الاثنين معاً ظاهرة يمكن تسميتها «بعنز ولو طارت». فالجميع يقول لديك تشيني إن ما يراه هو طائر فيصر على أنه عنز، فيقال له إن لها منقاراً فيقول «عنز»، وإن لها ريشاً فيصر على أنها عنز. والدليل أن هاليبرتون بخير.
الأمريكان يموتون من القنابل المزروعة، في كل شبر من طريقهم، وتحت كل عمود إنارة يسترشدون به، وفي كل زاوية يلوذون فيها. المهم هاليبرتون بخير. ونحن تربص بنا الهوامير، وصناع المآسي، والبنوك، و بقية المتلاعبين في السوق في كل عملية شراء، أو بيع، ارتفاعاً كانت أو هبوطاً، حتى قضوا على مدخراتنا. خمسون في المائة انهيار، لا ليس كذلك، هذا تصحيح، والدليل البنوك بخير.
وفي ثاني أيام العيد، عايدنا معاليه بتصريح آخر خفيف الظل أكد فيه أن المؤشرات الحالية للاقتصاد السعودي جيدة، إذ تحافظ المملكة على قوة في النمو الاقتصادي وثبات في الأسعار، فضلاً عن تسجيل قوة في التوسع الاستثماري المحلي مع بقاء مستويات التضخم منخفضة. وأنا لا أعرف إذا كان معاليه في السعودية عندما صرح بذلك أو أنه في إجازة في مكان فيه أسعار منخفضة. فالجميع يعرف، صغيرهم وكبيرهم، أن أسعار جميع السلع ارتفعت بما لا يقل عن الثلاثين بالمئة في المتوسط. وإذا كان معاليه في السعودية حينه فالجميع تواق لمعرفة البقالة أو السوبر ماركت « اللي يتقضى » منها ولم يطلها ارتفاع الأسعار.
بعد العيد أيضاً اشتكى تجار التجزئة من انخفاض مستويات مبيعاتهم نتيجة للتضخم الذي لم يدعمه ارتفاع في الدخل. وهناك تقرير بنكي خليجي، يحذر من هذا الاتجاه التضخمي، الذي عادة ما يتبعه تباطؤ في الاقتصاد حتى ولو اكتنزت البنوك بالنقد. ثم إننا لا نفهم كيف تجد جميع الدول الخليجية ذات الشبه باقتصاد المملكة سبباً وجيهاً في تعديل سعر صرف عملتها أمام الدولار الذي فقد أكثر من ثلث قيمته، ونحن لم نفكر بعد في الخروج من مأزق الدولار الذي دهور القدرة الشرائية للمواطنين، حتى إننا أصبحنا عند السفر لدولة خليجية مجاورة نحس وكأننا مسافرين لسويسرا لارتفاع قيمة عملتها أمام الريال، عملة أكبر دولة (ذات اقتصاد متين) منتجة للنفط في المنطقة،. ونحن بالطبع مدركين، أن رفع قيمة الريال أمام الدولار يعني أن وزارة المالية ستدفع لنا دولارات أكثر مقابل رواتبنا بالريال.
منقوووووول[/align]