ليس للورودِ لغةٌ تصرخ بها احتجاجا على قطفها.. سوى الموت
فهل لا يعودُ لي حينها إلا لغة الورود..!
وهل أفقِدُ تربةً تركتُ فيها أجزائي القديمة..
أنقَطِفُ وأُنفى في مزهريةٍ لا تفهَمُ لغتي..
بارِدَةٍ كوطَنٍ تأخرتُ حتى سكنته..
كوطَنٍ لا أعرِفُ معهُ إلا لغةَ الإشارَةِ .. وصمتًا ألجأ إليه حتى لا أجادلَه وأسيء!
كوطَنٍ لا أعرفُ أسماءَ حاراته القديمة.. ولا أحفَظُ طرقاته الضيقة!
كوطَنٍ لا أملِكُ فيه نافِذةً تُطِلُّ على حارةٍ خلفية باهتة كنتُ ألقي إليها أسراري وكأنها لُجَّةٌ من بحر!!
كوطنٍ لا أمتلك فيه ذاكِرَةً محشوةً بقصاصاتِ الطفولَةِ.. بسعادةٍ كان لها طعم الحلوى القطنية.. وحزنٍ كان مالِحًا وصريحًا.. وبخوفٍ كان يندلِقُ من داخلي ليضيعَ في رائحةِ أمي الطيبة!
لا أدري إن كنتُ أريدُ هذه المزهرية الفاخرة.. والتي عاشت فيها أسرتي بدايةَ تكوُّنها .. قبل أن أنبتَ أنا.. !!
لم تكن مشكلتي حين هاجروا إلى الصحراء.. لم يكن ذنبي أنني نبتُّ في التربَةِ..!
وحتى لو قالوا : ستتأقلمين مع التغيير.. وكأنكِ لم تكوني يومًا زهرةً صحراوية..!
سأبقى أدمَعُ وأحِنُّ وأفتقِدُ جدرانَ الحارة الخلفية.. في وطنٍ لا ذاكرةَ لي فيه..!
وحتى لو عزيتُ نفسي بذاكرةٍ يمكن أن أصنعها لزمنٍ قادِمٍ.. سأبقى ضائعةً وتائهةً.. ومُقتَلعَةً..
كوردةٍ إلى مزهرية..!
ليس لها لغة تصرخ بها احتجاجًا على قطفها.. إلا الموت!!
أو أن يقنعها أحدٌ بأنها وردةٌ اصطناعية!
لبابه