شكراً لكل من مر وترك آثرا حفزني علي الاستمرار.......
.................................................. ......................
وهكذا نشئت وسط أجواء تلك المزرعة في برنامج لا يتغير كثيرا،، حيث يبتدئ يومي غسقا على صوت تسبيح وتكبير أبي وهو يعلو درج السطح لإيقاظ عمي وأخي صالح لصلاة الفجر.......كنت أصحو ولا ابرح مكاني حيث احتضن الحاف وعيناي تتفتحان بخدر لذيذ وانأ انتظر انبثاق النور .. .......
وبعد أن تهدأ جلبة الإيقاظ... وتنتقل الحياة إلى الأسفل... نصلي الفجر انا ومنى ونعمل على طي الفرش وإدخالها الغرفة العلوية المجاورة لغرفة لطيفة البراهيم ثم ننزل لنشارك الآخرين اقتسام اليوم تسبقنا رائحة القهوة التي تزداد نفاذاً كلما اقتربنا من العريش ،حيث يتكي أبي على مسندة حمراء ويفترش بساط ازرق .....ـــ.ونورة التي لا اعلم متى تصحو حيث أراها يوميا نشطه متهلهله وكأ ن النوم لم يمسسهاـــ تصف أطباق الفطور امامة .................................................. ......................................
هذا الصباح المنعش يختص بة فصل الصيف ،،أما شتاءً فقد كان الاستيقاظ فجرا من أسوأ اللحظات حيث كانت أمي تلجأ لطريقه مستفزه وذكيه لإيقاضي ومنى فقد كانت تسحب البطانيات من فوقنا وترميها أخر الغرفة فيوقظنا البرد ونذهب لإحضارها وبعد تكرار هذه العملية أكثر من مره يفلت النوم إلي غير رجعة ،،فنسحب أرجلنا بتكاسل ناحية الحمام إلا أن صفع الرياح الباردة يجبرنا أن نسرع الخطي هنا وهناك حتى ينتهي بنا المطاف ركضاً تجاه (القهوة) ونتراص بجانب المشب في حلقة شبة ثابتة ـــ أبي وصالح و الثلاثي المرح يمين المشب وأمي وانأ ومني ثم هيلة ونورة يساره ،،أما لطيفة الابراهيم فلم تكن تحضر اللمة الصباحية صيفاً ولا شتاءً كذالك أمي هيلة حيث تطيل المكوث في مصلاها حتى تشرق الشمس ...... وعلي بخار الحليب المتصاعد ورائحة الفول الذيذة كانت تدور أحاديثنا هادئة اقرب للهمس والودودة ومع سريان الدفء في الأجساد لاتلبث الأصوات أن تتعالي ووجهات النظر تتداخل يتخلل ذالك كله بعض المرح وكثيرا ًمن العبث في جو يملئني بالغبطة والحبور،، إلا أنة لايستمر طويلآ ففي الوقت الذي تجبرنا فيه الشمس علي إستضافة أشعتها المنكسرة حول مداخل القهوة يبداء إنفضاض المجلس بقيام أبي لمباشرة أعمالة وينفرط العقد تدريجياً،، الأولاد للمدارس والنساء لتفاصيل يومية لايفقد التكرار إثارتها ...أما أنا ومني فنقضي بعض الوقت في أعمال المنزل وجلة في اللهو والعبث مابين البيت والمزرعة.......
وفي عام 1400 عندما أتممت الثانية عشر تم الحدث الأروع في تلك الفترة،، وهو افتتاح مدرسة بنات في حينا .. لم يكن الحدث اختراعاً وكانت مدارس البنات أخذه في الانتشار ولكن اغلبها كانت في الديرة ( بريده) ولم يكن الجو مهيئاً أن نذهب كل صباح إلي هناك ولذا فالفكرة كانت مستبعده.....
..حدثت جلبه في الحارة واجتماعات في المسجد حول جدوى هذه المدرسة....... ورغب أبي بــ إلحاقنا في سلك الطالبات حيث اتفق اغلب الآباء علي ذالك .. إلا أن معارضة أمي هيلة شديدة اللهجة ورفع شعار (شهادة البنت تعلق بالمطبخ ) كادت أن تئد الفكرة في مهدها ........... وهنا ألقت نوره بثقلها في الموضوع و استطاعت استلال موافقة أمي هيله علي مضض ،،لاسيما بعد أن تنازلت عن حقها بالتعليم وكانت هيله تابعه لها بالطبع......
· وابتداء فصل جديد من حياتي يمتلئ ثرائاً وعمقا،،حيث أصبح للوقت قيمة وللأيام معني،، فالسبت نقيض الأربعاء والأحد ليس كيوم الخميس.. والفتح الجديد لايشمل تعلم مفردات اللغة وحضور الزمن فحسب.. بل تعداه لبناء علاقات اجتماعية والتعرف علي جاليات أجنبية ( معلماتنا حتى الصف الثالث كن عربيات يغلب عليهن الجنسية المصرية) تلاهن في تولي زمام تعليمنا بعد الصف الرابع (بنات عنيزة)وهي المحافظة التي تلي مدينة بريده حجماً ومكانة في منطقة القصيم .......والسر في ذالك أن تعليم البنات لديهم يسبقنا بما يربو علي العقد........حيث رفض وجهاء (بريده ) التعليم فيما أرتضاة أهالي عنيزة لبناته
ونتج عن تفاعل هذه الأحداث التقاء جيلين وتعارف منطقتين وتتلمذ دفعات كثيرة من مدينتي علي يد بنات (عنيزة )ولم يخلو الأمر من تعليقات منطقية وتحزبات فئوية لبعض الحمقى .....وأكثر ماكان يحز في نفسي ان اغلب معلماتي من سن هيلة ونورة ،،يعلمننا القراة والكتابة فيما أختاي يجززن أحواض البرسيم في المزرعة.....
والتغير الذي طراء علي حياتي لم يكن محسوسا وحسب بل كان ملموس ايضاً من خلال تغير كامل للبرنامج اليومي فبتنا كا الأولاد نخرج كل يوم في الساعة السادسة والنصف صباحاً في خط سير ثابت...... فبعد لبس المرايل والعباه نخرج من باب الرجال متخطين الباحة الواسعة حتى نفضي للطريق الترابي وينتهي سيرنا أمام المسجد ....... وهناك نجتمع انأ ومنى ومزون العبد الكريم- التي انقطعت فيما بعد- وهيا العبد الله ..في انتظار الباص الذي يقلنا للمدرسة ..........
الجدير بالذكر أنني ومنى كنا نتمهل في السير ونحن في حالة ترقب .. ذلك ان ( سليم العبد الكريم) لا بد ان يقطع علينا الطريق ويظهر كالشبح من بين الأشجار في أحوال مختلفة .. احياناً مستعجلا في طريقه للمسجد واحياناً ساهيا يفكر ومرات أخرى كان يدندن ويصفر بخلو بال ......المدهش انه في كل مره تبدو عليه المفاجأة والذهول ( فيتنحنح) ويلقي علينا نظرة إستغراب لم تتغير تفاصيلها على الرغم من أنها تتكرر بشكل شبه يومي .. فكنا نواصل الطريق ونحن نقهقه من هول المفاجاءة!!! ......
وهكذا استمرت أيامنا ,تعليم , ولهو , وأعمال منزليه ...............
ومرت أعوام ثمانية تغيرت فيها أشياء كثيرة.......... يتبع........