سرقة الجوالات، بين جرأة الفاعل وغياب الرقابة
مطالبات بتطبيق أنظمة (سوق الذهب) في سوق الجوال المستعمل
كتب - محمد الشلفان:
البارحة أرسلت رسالة بالجوال لصديقي «عبدالله» فاستقبلها مباشرة وهو في مكتبه، أخرج جواله ليقرأها ثم شرع في كتابة الرد، وقبل أن ينهيه، خرج إلى المكتب المجاور ليحضر شيئاً ثم عاد إلى مكتبه ليجد أن الجوال قد سرق! هكذا بكل بساطة !
وعبدالله نموذج لكثيرين يفقدون في غمضة عين ألوف الريالات التي بذلوها لشراء أجهزة الجوال.
ولسرقة أجهزة الجوال صورُ كثيرة، من أشهرها أخذه من المكتب حالة غياب صاحبه عنه، كما حدث لعبدالله.
يقول «بدر» حول سرقة الجوال من المكتب : «اعتدت أن أضع الجوال في درج المكتب طوال مدة الدوام، ونحن في دائرة حكومية محترمة، وقد سرق مني أكثر من مرة! وفي آخر مرة اهتديت إلى معرفة السارق، فلحقت به وهو خارج إلى سيارته قبل نهاية الدوام وكاشفته بالموضوع فنفى ذلك، ولما كررت عليه، اعترف وأعطاني الجهاز مقابل أن أعفو عنه !»
ومن الصور كذلك، أخذه من السيارة، حيث يتركه كثير من الناس في السيارة إما لنسيان أو لوضعه في الشاحن أو حين ذهابه إلى المسجد كيلا يزعج المصلين، ويكثر أن يصبح الجوال بارزاً يراه من يلقي نظرة على السيارة، وربما تجرأ بعضهم وكسر زجاج السيارة ليبحث إن كان بداخلها جوال !
قابلت «ثامر» صاحب سيارة مرسيدس ونحن خارجون من صلاة العصر فوجدنا زجاج سيارته مكسوراً، وقد سرق جواله ذو القيمة العالية. فاستاء كثيراً وقال : «الأحمق، ليته علم أني لم أقفل السيارة !».
ومن الصور الجريئة اختطافه من اليد أثناء إمساك صاحبه به، ويغلب أن يكون السارق راكباً دراجة أو سائراً بسرعة عالية ليتخلص من مطاردة صاحب الجوال.
أما أجرأ صورة وردت، فهي ما يذكره د. نايف قائلا: «كنت أمام منزلي، توقفت سيارة وترجل منها شخص سعودي، أخرج بطاقة وأعطانيها وقال إنه ضابط من المباحث، وكانت البطاقة سليمة وتثبت أنه من منسوبي المباحث، فطلب مني جوالي لغرض التفتيش، أعطيته الجوال، فأخرج الشريحة ومدها لي وأخذ الجهاز وركب سيارته! ثم فتح النافذة وقال : سامحني يا مطوع ! فاتضح لي أنه سارق فلحقت به وقلت له : انتظر، سأشتري منك الجوال! قال بكم؟ وكان سعره مستعملاً يبلغ 850 ريالاً، فقلت ليس في جيوبي سوى 250 ريالاً، فقال : لا تكفي ، وفر هارباً«
ومن الصور التي تتفشى بين النساء، سرقة الجوال من الحقيبة اليدوية، حيث تعلم النساء أن معظم أشيائهن الشخصية تكون داخلها والجوال في رأس القائمة، فتتحين السارقة فرصة تغفل فيها صاحبة الحقيبة عن حقيبتها لتفتشها بسرعة وتستخرج الجوال منها، ويكثر هذا في أماكن التجمعات مثل المدارس والجامعات وصالات الأفراح.
كذلك من الصور ما ذكره لنا «صالح الغامدي» بائع في احد محلات الاتصالات، يقول إن ثلاثة من أبناء عمه في أعمار 15 كانوا أمام منزل عمهم، وفجأة توقفت سيارة فيها ثلاثة شباب، نزلوا من السيارة وانهالوا ضرباً للصغار وأخذوا الجوالات التي بحوزتهم وفروا هاربين !
ما الدوافع لهذه السرقة ؟
- سهولة إخفاء الجوال المسروق في جيب السارق أو غيره.
- صعوبة إثبات ملكية الجوال.
- ارتفاع سعر الجوال مما يجعله مغرياً.
- توفر المشترين من السارق، دون علم بالسرقة أو كما يقول أحد الباعة: «لم يبق عند الناس ضمير، لذا فهم يشترون من أي أحد، ولو علموا أنه سارق».
- السعر المجزي الذي يحققه الجوال المستعمل «المسروق».
أصعب أجزاء المشكلة
يؤكد عبدالله أن الجزء الأصعب في سرقة الجوال بالنسبة للمسروق هو فقدان الأرقام، حيث إن جمعها وتحصيلها يحتاج إلى وقت طويل، سيما وأن بعضها يعد من الخصوصية بمكان يجعلها ثمينة لا يسهل تعويضها.
فيما يرى محمد أن فقدان الجهاز الذي تصل قيمته إلى ألفي ريال هو الجزء الصعب لأنه يحتفظ دائماً بنسخة من أرقامه على الحاسوب.
نسبة المسروق في السوق
يقول بعض باعة الأجهزة إن نسبة الجوالات المسروقة من الجوالات المستعملة تصل إلى 15، وهذه نسبة عالية إذا قورنت بتقديرات بعضهم الآخر حيث لم يزيدوها عن 2. ولكن الجميع متفق على أن السرقة سهلة جداً، كما اتفقوا أيضاً على سهولة التخلص من الجوال المسروق عن طريق بيعه إلى احد محلات الاتصالات المنتشرة بشكل كبير.
بل إن «سعد» أحد الباعة يقول : «إن السهولة تبلغ أن يسرق أحدهم جوالاً من محل اتصالات ويبيعه على جاره ! لغياب الضوابط والتنسيق.»
علامات السارق
يقول «نشأت» أحد البائعين في سوق المرسلات «ان للسارق علامات واضحة، وأوضح العلامات على الإطلاق أن يجهل البائع قيمة جهازه الحقيقية، فمثلاً يأتي من يبيع جهاز آي ميت الذي يساوي 2000 ريال مستعملاً ويعرضه بألف فقط ! ومنها أن يبيع الجهاز مفرداً دون علبة أو فاتورة أو بطاقة ضمان.«
ومن العلامات كذلك هيئة البائع وتصرفاته، فبعضهم يوحي لك أنه متورط بالجهاز ويود التخلص منه بأي ثمن.
ويضيف صالح الغامدي «إن من العلامات الملحوظة أن يأتي السارق قبيل الصلاة حتى لا تطول المفاوضة مع المشتري.»
للقضاء على المشكلة
يطالب البعض بفرض رقابة على محلات بيع الجوالات المستعملة، وللقضاء على عسر هذه المهمة فإنهم ينصحون أصحاب الجوالات بحفظ الرقم التسلسلي للجهاز فور شرائه جديداً، وذلك للتأكد من نسبة الجهاز إليه.
يقول الغامدي : «إن الحل يكمن في تطبيق نظام بيع الذهب، حيث يلزم بائع الأجهزة المستعملة أن يحضر ما يثبت ملكيته كالفاتورة أو بطاقة الضمان، وإن لم يوجد فيرفق صورة بطاقة الأحوال ويحفظها المشتري لديه.»
وقد زودَنا أحد البائعين بورقة قال إنها موزعة من البحث الجنائي، فيها طلب رقم بطاقة البائع وبعض المعلومات عنه، وحين عرضناها على الغامدي نفى أن يكون حصل على نسخة منها أو جاءته أو لزملائه أي تعليمات بشأنها
الرياض الجمعة 23 محرم 1426هـ - 4 مارس 2005م - العدد 13402