[c]
المعارك الأدبية والفكرية ظاهرة قديمة قدم الأدب والفكر نفسيهما ومنتشرة في كل أصقاع العالم 0 فهي ظاهرة عرفها مجتمعنا العربي قديما في أشكال مختلفة مثل المناظرات في العصر الجاهلي والنقائض في العصر الأموي والمناظرات في العصور العباسية وما تلاها من عصور، وعرفها حديثاً على شكل حوارات ساخنة دارت بين أقطاب الفكر والأدب في العالم العربي الحديث وبخاصة في مصر0 أما الساحة السعودية فقد شهدت هذه المجادلات والمعارك الفكرية والأدبية منذ وقت مبكر وخاصة في الحجاز، ثم استمرت تدور من وقت لآخر بين بعض أقطاب الفكر ورموز الأدب في مجتمعنا السعودي كافة0 ولعلنا لا نبالغ إذا قلنا بأن هذه المناظرات أو المعارك أو المحاورات أو المجادلات ( كيفما سميناها ) قد أدت دورا رئيسيا وبالغ الأثر في إذكاء جذوة الأدب والفكر في مجتمعنا السعودي حتى وإن تخللها شيء من البعد عن الموضوعية، ومن التقاذف بالألفاظ وغيرهما من السلبيات الأخرى 0
وتكون في الغالب لسبب موضوعي وشخصي، يتجلى السبب الموضوعي في رغبات الأديب أو المفكر في نشدان الحقيقة النقدية أو الفكرية كما يراها هو وفق معايير معينة ومحاولة إقناع الآخرين بها، أولئك الآخرون الذين يتبنون بدورهم مفهوما مغايرا للحقيقة الأدبية أو النقدية 000إلخ وهذا دافع مهم لا غبار عليه0
أما فيما يتعلق بالسبب الشخصي فيتجلى غالبا في رغبة الأديب أو الناقد أو المفكر الشديدة في أن يحقق لنفسه شهرة معينة من جراء دخوله طرفا في إحدى هذه المعارك أو استثارته لها0 ويكون هذا هو هدفه الرئيسي 0 وفي هذه الحالة نجده لا يتردد في استخدام كل ما يملك من وسائل المعرفة والبلاغة والجدل والمنطق الصحيح والسقيم، لكي يفهم خصمه أو خصومه ويسكتهم أو على الأقل يوهم القارئ بأنه فعل ذلك، وفي هذه الحالة غالباً ما يحجب الحقيقة أو تثار وتتحول المعركة إلى مشادات كلامية تقود في الغالب الأعم إلى السباب وتبادل عبارات التجريح الشخصي وتوظيف أسلوب اللمز والغمز 000إلخ0 وبالتالي تفقد أهميتها بوصفها مسلكاً مهماً للبحث عن الحقيقة الأدبية أو الفكرية ونشرها وأسلوباً مهماً للارتقاء بأذواق القراء ووسيلة فعالة لتطوير الفكر والأدب0
ويجب أن ندرك بأن هذين السببين الموضوعي والشخصي غالباً ما يكونان متلازمين في كثير من المعارك الأدبية التي دارت وتدور في الساحة بحيث يصبح الفصل بينهما ضربا من المستحيل0
[/c]