[justify]قراءة في كتاب سب الله تعالى
هذا الكتاب ذكرنى بواقعة حدثت في العقد الماضى عندما تجرأ أحد أعضاء مجلس النواب التونسى على تقديم مشروع قانون يجيز سب الله تعالى أو سب الرسول(ص)والغريب أن يطرح رئيس المجلس القانون على المجلس بحجة الديمقراطية والأغرب أن من وقف ضد القانون عضو لا ينتمى للتيار المسمى بالإسلامى وإنما رجل عادى دخل المجلس كعضو وحلف بالله أنه هذا القانون لن يمر إلا على جثته ولم يمكن أحد من تمرير هذا القانون
استهل المؤلف الكتاب بذكر اللسان وما يقوم به من كفر وإسلام فقال :
"إن من نعم الله تعالى على الإنسان أن ميزه عن باقي الخلق بنعمة كبيرة ومنحة جليلة، فجعل فيه عضوا صغير حجمه، كبير خطره، لا يتعب ولا يكل، ولا يسأم ولا يمل بخلاف سائر الأعضاء.
فكم عبد غير الله تعالى باللسان وكم دعي واستغيت بغير الله باللسان، وكم من أرحام قطعت وأوصال تحطمت وقلوب تفرقت بسبب اللسان، وكم وقع الناس في الكذب والغيبة والنميمة باللسان، وكم كان اللسان سببا في وقوع كثير من الناس بالسخرية والاستهزاء والتنابز بالألقاب باللسان، وكم من عداوة وشحناء وبغضاء وقعت بين الأخوة وبين المتحابين بسبب اللسان.
ولذا حذر (ص)من اللسان فقال: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت " متفق عليه من حديث أبي هريرة
ولما سأله احد أصحابه: يا رسول الله حدثني بأمر أعتصم به، فقال - صلى الله عليه وسلم -: " قل ربي الله ثم استقم، فقال: يا رسول الله ما أخوف ما تخاف علي فأخذ بلسان نفسه ثم قال: " هذا ".
وقال عقبة بن عامر يا رسول الله ما النجاة؟ قال: " أمسك عليك لسانك وليسعك بيتك وابك على خطيئتك ". ولما دل معاذا على خصال الخير من الصلاة والزكاة والصوم والحج والصدقة وقيام الليل والجهاد قال له: " ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟، قال: بلى يا رسول الله فأخذ بلسانه وقال: " كف عليك هذا، قال: يا رسول الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ قال: " ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم "."
والحديث الثانى باطل فليس اللسان وحده هو أخوف الأعضاء لأن اليد والفرج والعين والبصر وغيرهم كلهم سواء وكلهم يؤدى لدخول جهنم طالما استعمل في الحرام
والحديث الثالث باطل هو ألأخر لأنه يطالب الناس بالبقاء في البيوت وهو ما يخالف أمر الله بالعمل والذهاب للجمعات والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وامر تعاون المسلمين كما قال تعالى :
"وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان"
وتحدث عن وجوب البعد عن استخدام اللسان في الحرام فقال :
وكان السلف يحذرون من ألسنتهم ويتورعون عن الكلام بغير فائدة وكانوا يرون ذلك فضولا، قال عطاء بن أبي رباح: إن من كان قبلكم كانوا يكرهون فضول الكلام وكانوا يعدون فضول
" الكلام ماعدا كتاب الله تعالى وسنة رسول الله (ص)أو أمرا بمعروف أو نهيا عن منكر أو أن تنطق بحاجتك في معيشتك التي لابد لك منها، أتنكرون أن عليكم حافظين، كراما كاتبين {عن اليمين وعن الشمال قعيد ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد} أما يستحي أحدكم إذا نشرت صحيفته التي أملاها صدر نهاره، كان أكثر ما فيها ليس من أمر دينه ولا دنياه؟.
لسان الفتى حتف الفتى حين يجهل ... وكل امرئ ما بين فكيه مقتل
وكم فاتح أبواب شر لنفسه ... إذا لم يكن قفل على فيه مقفل
إذا ما لسان المرء أكثر هذره ... فذاك لسان بالبلاء موكل
إذا شئت أن تحيا سعيدا مسلما ... فدبر وميز ما تقول وتفعل"
وحدثنا الرجل عن أن عصر العولمة جعل سب الذات الإلهية أمر منتشر فقال :
"ومع إطلالة عصر العولمة وتغلغل الغزو الثقافي مصحوبا بغزو إعلامي مكثف، مع ليونة الدين في قلوب البعض وقلة خشيتهم من الله جل وعلا وانعدام التقوى في قلوبهم، بدأت تنتشر ظاهرة خطيرة وبلية كبيرة تؤذن بنزول النقم وانحسار النعم إن لم تتكاتف ضدها الجهود والهمم ففي بعض البلدان انتشر بين الناس على غفلة منهم وانهماك في الحياة الدنيا، سب الحق جل وعلا، وتطاولت الألسن على الذات المقدسة بالشتم والانتقاص والرمي بأبشع الألفاظ، واستمرأت الكفر والردة بعد الإسلام والهدى، وبات حال هذا البعض كما أخبر الصادق المصدوق - صلى الله عليه وسلم -:" ... يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا أو يمسي مؤمنا ويصبح كافرا ... ". الحديث. رواه مسلم. وقال (ص)في الحديث المتفق عليه: " إن العبد ليتكلم بالكلمة ما تبين فيها يزل بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب". وفي رواية: " إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يرى لها بأسا يهوي بها سبعين خريفا في النار".
الشتم والسب والانتقاص باتت كلمات يرددها البعض دون أدنى خوف، بل وصل الحال ببعضهم إلى أن يتلفظ بالفاحشة في حق الذات المقدسة. "
وهذا الكلام خاطىء فسب الله جريمة ارتكبت في العصور المختلفة بدليل أن الله نهى المسلمين عن سب آلهة الكفار حتى لا يسبوا الله فقال تعالى :
" ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم"
وحدثنا الرجل عن وقائع حدثت من السابين فقال :
"يقول أحدهم (أفعل به) يعني الرب العظيم جل جلاله، كبرت كلمة تخرج من فيه!، قال هذا القول الفاحش باللهجة الصريحة القبيحة وآخر يقوم في الغرفة ويهش بيديه متجها إلى الباب ويقول: (أخرجنا الله) – يعني كما يخرج الذباب – أخزاه الله.
وثالث لما سمع شخصا يقول: {ومن يتق الله يجعل له مخرجا} قال الخبيث: مخرج رقم كم؟ سخرية بالدين وبرب العالمين.
ورابع يقول بسخرية: كم رقم تليفون الله؟! {كبرت كلمة تخرج من أفواههم}.
وآخر من المغنين يسخر بالتسبيح للجليل سبحانه وبحمده عندما سئل عن مسبحة يحملها في يده فقال: (إن هذه المسبحة خاصة بالجمهور حيث أسبح بها قائلا: حب الجمهور، حب الجمهور، حب الجمهور، كما يسبح المسلم قائلا: سبحان الله، سبحان الله، سبحان الله) أ. هـ. (أيها الزنادقة 20 بتصرف يسير).
ولم يقتصر الأمر على وقوع أشخاص أو أفراد في هذه البلية، بل تطور إلى أن بدأت بعض الصحف تتطاول على الذات الإلهية، عندما نشرت مقالا لبعض من أعمى الله بصيرتهم وصدهم عن السبيل يطالب فيه العرب الصمت وعدم الكلام لأنهم في نظره حثالة البشر، فقال فض الله فاه: (ومن هذه المزايا أن هذا الصمت الشامل عن كل تعبير عربي بالكلمة وبغيرها قد يجعل أعصاب وعيوب وأخلاق وضمائر وانفعالات الإله وكل أعوانه قد تهدأ وتستريح وتمارس شيئا من السعادة والفرح والإعجاب والحب، وحينئذ قد يتغير كل شيء في الكون إلى الأجمل والأفضل والأذكى والأتقى، أليس العربي مسؤولا عن توتر الإله ونزقه وكآبته الأليمة). (جريدة عكاظ عدد13303الثلاثاء 25/ 11/1423)."
وبعد أن ذكر تلك الأمثلة حدثنا عن كون هذا السب جريمة كبرى فقال :
"أيها المسلمون:
إن مما لا شك فيه أن سب الله عز وجل يعد أقبح وأشنع الكفر سواء كان الفاعل مازحا أو جادا وسواء استحل ذلك أو قال لا أستحله.
يقول ابن تيمية: إن سب الله أو سب رسوله (ص)كفر ظاهرا وباطنا، سواء كان الساب يعتقد أن ذلك محرم، أو كان مستحلا، أو كان ذاهلا عن اعتقاده.
وقال ابن راهويه: قد أجمع المسلمون أن من سب الله تبارك وتعالى أو سب رسول الله (ص)أنه كافر بذلك، وإن كان مقرا بما أنزل الله.
قال تعالى {إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والأخرة وأعد لهم عذابا مهينا}.
والسباب من الأذى بل هو من أشد صوره، والدلالة على كفر الساب من الآية من وجوه:
أنه سبحانه {لعنهم في الدنيا والآخرة}، واللعن هو الإبعاد عن الرحمة ومن طرده الله عن رحمته في الدنيا والآخرة لا يكون إلا كافرا.
ويدل على ذلك أن الله قد ذكر أن العذاب المهين قد أعد لهم إعدادا، والعذاب إنما أعد إعدادا للكافرين، لأن جهنم إنما خلقت لهم موئلا لا يستطيعون عنها حولا وما هم منها بمخرجين؛ قال تعالى {واتقوا النار التي أعدت للكافرين}. أما أهل المعاصي من المؤمنين فيمكن أن لا يدخلوها إذا غفر الله لهم، وإن دخلوها فإنهم يخرجون منها بعد حين بتوحيدهم وإسلامهم."
وبعد أن ذكر الرجل أقوال بعضهم في الجريمة خرج بنا عن الموضوع إلى سب النبى(ص) فقال :
"وقال تعالى {لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون}.
أي: حذر أن تحبط أعمالكم، أو خشية أن تحبط، أو لئلا تحبط أعمالكم ووجه الدلالة على كفر الساب من هذه الآية؛ أن حبوط العمل كاملا إنما يكون بالكفر، قال تعالى {ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم} وقال: {لئن أشركت ليحبطن عملك} بخلاف حبوط عبادة معينة بعينها لنقص شرط أو نحوه.
وإذا كان رفع الصوت فوق صوت النبي (ص)من غير قصد ولا شعور يخشى على صاحبه من حبوط العمل الذي لا يكون إلا بناقض من نواقض الإسلام. فكيف بمن يسب الله تعالى؟.
قال الإمام عبد الله بن أحمد بن حنبل سألت أبي عن رجل قال لرجل: (يا بن كذا وكذا، أنت ومن خلقك!) فقال: (هذا مرتد عن الإسلام). قلت تضرب عنقه؟ قال نعم، تضرب عنقه. (مسائل الإمام أحمد 431 نقلا عن الصارم المسلول 546).
وقال تعالى {ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزءون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة بأنهم كانوا مجرمين}.
فإذا كان الاستهزاء ولو مزاحا بالله أو بشيء من دينه أو برسوله (ص)كفر وردة بعد الإيمان، فالسب من باب أولى هزلا كان أم جدا. وقد نزلت هذه الآيات في قوم خرجوا للجهاد مع رسول الله (ص)وصدر منهم استهزاء ببعض الصحابة ولما نزلت هذه الآيات كانوا يعتذرون ويقولون: (إنما كنا نتحدث حديث الركب نقطع به الطريق) أي: إنما كنا نتمازح ونلعب ولم نقصد الكفر أو نعتقده. فقال تعالى لهم {لا تعتذروا قد كفرتم} بفعلكم هذا ولو لم يكن عن اعتقاد. ومنه نعرف أن ساب الله أو الدين أو الرسول (ص)يكفر سواء كان هازلا أم جادا، وسواء اعتقد حل ذلك السب أم لم يعتقده. (انظر الصارم 516 وما بعدها و 177).
الله يمهل ولا يهمل، عن أبي موسى:" إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته، ثم قرأ {وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد}. رواه البخاري.
فلقد أمهل الله فرعون وجنوده، ثم أغرقهم في البحر، وأمهل قوم لوط، ثم بعث ملائكة تحمل قريتهم وتجعل عاليها سافلها، وأمهل قبلهم قوم نوح، ثم أغرقهم بماء منهمر، وكذلك فعل سبحانه بكل المجرمين من الأمم السابقة."
وكل هذا الكلام ساوى فيه الرجل بين الله ورسوله (ص) ومعاذ الله أن يستوى المخلوق بخالقه
وحدثنا الرجل عن العقوبات التى ينزلها الله بمن يسبه فقال :
"ذكر ابن كثير في سبب نزول قوله تعالى: (ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال) ذكر ما رواه الحافظ أبو يعلى الموصلي بسند صحيح من حديث أنس (ص)أن رسول الله (ص)بعث رجلا من أصحابه إلى رأس من رؤوس المشركين يدعوه إلى الله، فقال: هذا الإله الذي تدعو إليه أمن فضة هو أم من نحاس؟. فتعاظم مقالته في صدر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فرجع إلى النبي (ص)فأخبره فقال:" ارجع إليه فادعه إلى الله ". فرجع فقال له مثل مقالته، فأتى رسول الله (ص)فأخبره، فقال:" ارجع إليه فادعه إلى الله، وأرسل الله عليه صاعقة "، فرجع فقال له مثل مقالته، فأتى رسول الله (ص)فأخبره، فقال:" ارجع إليه فادعه إلى الله ". ورسول الله في الطريق لا يعلم، فأتى النبي (ص)فأخبره أن الله قد أهلك صاحبه ونزلت على النبي (ص){ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء}.
وفي عصرنا الحاضر انتشرت القصة المشهورة عن أحد زبانية السجون في إحدى الدول الإسلامية أنه قال للسجين عندما سمعه يقول من شدة الألم: يا رب يا رب!، قال الزنديق: لو نزل ربك لسجنته بالزنزانة!!.
وذكر الثقات العدول أن هذا الزنديق عوجل بعقوبة في الدنيا قبل الآخرة، عندما كان خارجا يوم العيد بسيارته إلى قريته، وفي الطريق التقى بحراثة زراعية فاصطدم بها فدخلت أسنان الحراثة في جسمه ولم يقدروا أن يخلصوه إلا بقطع وفصل رأسه عن بدنه!.
وذكر أحد الدعاة قصة امرأة كانت ترعى الغنم واثنان من الرجال غير بعيد عنها في رعي أغنامهم وكان الحر شديدا واشتد بنا العطش وبالغنم فاستغاث أحد الشابين بالله تعالى أن يسقينا، ولكن الآخر قائلا لصاحبه بسخرية واستهزاء بالله (لو كان عند ربك ماء سقى به نفسه).تقول المرأة: بعد قليل أنشأ الله سحابة جاءت المغرب حتى أظلتنا فأمطرت علينا فارتوينا. أما الساخر بالله فتدلت عليه السحابة وأحاطت به تقصفه بصواعق أصابنا منها رعبا شديدا والبرق يسطع من خلال السحابة فكدت أنا والرجل الآخر أن يغمى علينا من هول الأمر، ثم انجلت السحابة عنه فإذا هي قد قطعته قطعا. (أيها الزنادقة مهلا عن الجبار مهلا، عبد الكريم بن صالح الحميد 14 ـ 15 بتصرف يسير).
قال ابن الجوزي في " صيد الخاطر " (قال عبد المجيد ابن عبد العزيز: كان عندنا بخراسان رجل كتب مصحفا في ثلاثة أيام فلقيه رجل فقال: في كم كتبت هذا؟ فأومأ بالسبابة والوسطى والإبهام وقال في ثلاث {وما مسنا من لغوب} فجفت أصابعه الثلاث، فلم ينتفع بها فيما بعد.
وخطر لبعض الفصحاء أن يقدر أن يقول مثل القرآن فصعد إلى غرفة فانفرد فيها وقال: أمهلوني ثلاثا: فصعدوا إليه بعد ثلاث ويده قد يبست على القلم وهو ميت).أ. هـ.
قال ابن كثير: (وحكى ابن خلكان فيما نقل من خط الشيخ قطب الدين اليونيني قال: بلغنا أن رجلا يدعى أبا سلامة من ناحية بصرى كان فيه مجون واستهتار، فذكر عنده السواك وما فيه من الفضيلة، فقال: والله لا أستاك إلا في المخرج – يعني دبره – فأخذ سواكا فوضعه في مخرجه ثم أخرجه، فمكث بعده تسعة أشهر وهو يشكو من ألم البطن والمخرج فوضع ولدا على صفة الجرذان له أربعة قوائم ورأسه كرأس السمكة وله أربعة أنياب بارزة وذنب طويل مثل شبر وأربعة أصابع وله دبر كدبر الأرنب، ولما وضعه صاح ذلك الحيوان ثلاث صيحات فقامت ابنة ذلك الرجل فرضخت رأسه فمات، وعاش ذلك الرجل بعد وضعه له يومين ومات في الثالث، وكان يقول: هذا الحيوان قتلني وقطع أمعائي. وقد شاهد ذلك جماعة من أهل الناحية وخطباء ذلك المكان، ومنهم من رأى ذلك الحيوان حيا ومنهم من رآه بعد موته). (المصدر السابق 15 ـ 17 بتصرف يسير)."
وكل هذا الكلام هو حديث عن عقوبة إلهية تنزل على من يسبون الله وهو كلام في الغالب كلام مصاطب بدون نص من الوحى فالألوف المؤلفة في عصرنا من الملحدين وغيرهم يسبون الله ومع هذا لم يعاقب الله أحد منهم عقوبة فورية أو بعدها بقليل
وتحدث عن أن الإنسان الحقير تبلغ به الجرأة أن يسب الله تعالى فقال:
"أخوة الإسلام:
إن أس الإيمان وأصله وجذره هو تعظيم الله عز وجل وإجلاله وتوقيره فإذا تخلف هذا التوقير والتعظيم فسد الإيمان.
قال ابن القيم: وروح العبادة هو الإجلال والمحبة، فإذا تخلى أحدهما عن الآخر فسدت، فإذا اقترن بهذين الثناء على المحبوب المعظم، فذلك حقيقة الحمد.
روى البخاري عن ابن مسعود قال: جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله (ص)فقال: يا محمد، إنا نجد أن الله عز وجل يجعل السماوات على إصبع، والأرضين على إصبع، والشجر على إصبع، والماء والثرى على إصبع، وسائر الخلق على إصبع، فيقول: أنا الملك، فضحك رسول الله (ص)حتى بدت نواجذه تصديقا لقول الحبر، ثم قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون}
فكيف تجرؤ نطفة قذرة خلقت من ماء مهين أن تتطاول على الجبار الذي أتته السماء والأرض طائعة، وتطامنت الجبال لعظمته خاشعة، ووكفت العيون عند ذكره دامعة، عبادته شرف، والذل له عزة، والافتقار إليه غنى.
وكيف يجرؤ عبد ضعيف لا يملك لنفسه ضرا ولا رشدا أن يسب من أحاط علمه بالكائنات، واطلع على النيات، العالم بنهايات الأمور، يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، علم ما في الضمير، ولا يغيب عنه الفتيل والقطمير {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} يبدئ ويعيد، وينشئ ويبيد، وهو فعال لما يريد، لم يخلق الخلق سدى، ولم يتخذ من المضلين عضدا.
شكت خولة بنت ثعلبة إلى رسول الله (ص)أمرها، وأخبرته سرها، وعائشة في طرف البيت لم تسمع همسا، ولم تعلم حسا، فأنزل الله {قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير}.
فسبحان من علم ما كان وما سيكون، وما لم يكن لو كان كيف يكون، وسع علمه كل شيء، وأحاط بكل شيء يلف الجنين بغشاء إثر غشاء في رحم أمه في ظلمات ثلاث، فلا يدرى أحي أم ميت، أذكر أم أنثى، أشقي أم سعيد، ولا يدرى ما أجله ولا رزقه ولا عمره، ويعلم ذلك الذي أحاط بكل شيء علما.
فسبحان من لا تقع قطرة ولا تسقط ورقة ولا تقال كلمة ولا تطلق نظرة ولا يخط حرف ولا تمشى خطوة ولا تسكب دمعة ولا تهمس همسة إلا بعلمه، وهو العليم الخبير.
يعلم السرائر، ويطلع على الضمائر، ويحيط بالأمور، يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد، لا غالب لحكمه، ولا راد لقضائه، عنده علم الليالي والأيام، والزمان والمكان، والإنس والجان، والنبات والحيوان، لا إله إلا هو اللطيف الخبير {إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين}."
وهذا الكتاب العريض لم يتعرض لسب الله في كتابه ولم يتحدث عن العقوبة في دولة المسلمين لمن يقول ذلك كما لم يذكر حتى الروايات التى تتحدث عن شتم الله
البداية:
نهى الله المسلمين عن سب آلهة الكفار وبين اللهم لهم سبب النهى وهو:
أن الكفار من انعدام عقولهم يسبون الله ردا على ذلك
وفى هذا قال تعالى:
" ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم"
العقوبة الدنيوية لسب الله :
هناك فرق بين حالتين من سب الله :
الأولى أن يحدث السب في دولة المسلمين
الثانية أن يحدث السب في دولة من دول الكفار وهذه ليست تحت سلطة المسلمين ومن ثم فلا مجال للحديث عن عقوبة هنا
وبين الله أن هناك نوعين من السابين في دولة المسلمين :
الأول المسلمون الذين يسبون الله عمدا وعقوباتهم هى :
الجلد ثمانين جلدة أولا باعتبار أن السب هو قول زور أى كذب وفى هذا قال تعالى :
"والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا"
وبعد الجلد يطلب من الساب التوبة فإن تاب تاب الله عليه وأما إن أصر على السب فيترك له مهلة من الوقت حتى يتوب من إصراره وإلا عوقب بعقوبة حد الحرابة وناتجها في كل الأحوال الموت
الثانى الكافر الذى يسب الله وهو على حالين:
1-إن كان يرد سباب المسلم لألهته المزعومة فلا عقاب عليه ويعاقب المسلم على أنه عصى أمر الله بعدم سب آلهة الكفار
2- إن تعمد سب الله دون سب المسلمين لآلهته ففى تلك الحالة يعاقب الكافر الذمى بالجلد ثمانين جلدة ولا تطلب بالطبع منه توبة لكونه غير مسلم ولكن إن عاد للسب جلد مرة أخرى وهكذا
وهناك روايات تحدثت عن شتم الناس لله منها حديث يقول:
"قالَ اللَّهُ تبارَك وتعالى كذَّبني ابنُ آدمَ ولم يَكن ينبغي لهُ أن يُكذِّبني وشتَمني ابنُ آدمَ ولم يَكن ينبغي لهُ أن يشتُمَني أمَّا تَكذيبُه إيَّايَ فقولُه إنِّي لا أعيدُه كما بدأتُه وليسَ آخِرُ الخلقِ بأعزَّ عليَّ من أوَّلِه وأمَّا شتمُه إيَّايَ فقولُه {اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا} وأنا اللَّهُ [الأحدُ] الصَّمدُ لم ألِد ولم أولَد ولم يَكن لي كفُوًا أحدٌ"
ويجب أن يفرق القضاة في جريمة المسلم في السب بين سابين:
ألأول قال كلمة وهو لا يعرف معناه كما يقول أعوذ بالله من الله أو كسمك يا ربنا
فالتعبيرات السابقة تدل على الجهل فهو يستعيذ بالله من الله وهو أمر جنونى وكذلك من يدعى أن لله أم ولها مهبل وهذا التعبيرات تصدر من مجانين بالفعل وإن صدرت مسلم فهى تصدر نتيجة الجهل في الغالب
الثانى هو من يقول الكلمة وهو يعرف أنها كفر ويصر عليها[/justify]