قال تعالى في سورة الأعراف :
۞ يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (31) قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (32) قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (33) وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ (34) يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنِ اتَّقَىٰ وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (35) وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (36) فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ أُولَٰئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُم مِّنَ الْكِتَابِ حَتَّىٰ إِذَا جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قَالُوا أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا وَشَهِدُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِين(37)
صدق الله العظيم
سلام عليكم
هذا الخطاب في القرءان الكريم والذي جاء بسورة الأعراف موجّه لبني آدم عامة ( يا بني آدم ) لم يقل ياأيهاالناس أوياأيها المسلمون ولا المؤمنون فكل هؤلاء يدخلون تحت بني آدم فكلنا لآدم وآدم خُلق من تُراب لذلك هذا خطاب عظيم لمن يتدبّر القرءان الكريم ويلاحظ انه قال (خذوا زينتكم عند كل مسجد) ويعني أن كلّهم لهم مساجد فيها أعمال صالحة ومنها بيوتهم ومافيها من تواجدهم مع والديهم وبرّهم وإحسانهم لهم ومافيها من صلة للأرحام أو إطعام للطعام ومنها مايكون في زياراتهم أولقاءاتهم أومناسباتهم - والتي قد يتوارثونها لبركة من أسسها أو أقامها أوأقام بها وينتج من ذلك مذهب أودين - ، وفي سياق الآية وأخذ الزينة عند كل مسجد قرن معها الأكل والشرب (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا) وهناك من أخذ هذا الجزء من الآية وجعلها من باب التقتير على أهله أو حاله ولكن الإسراف هو الإكثار من تناول الشيء بتتابع متقارب وأمّا زيادة الكميّة بوجبه واحدة فوق حاجة من يتناولها فهذا أسميه بذخ أوتبذير والتبذير جاء للمال ويناسب غيره لذلك كل وأشرب أفضل الموجود أنت وأهل بيتك ومن يأتي اليك ويطعم معك "وأن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده" في مسكنه وملبسه ومطعمه وما ينفقه دون إسراف ولا تبذير لأنه قال (إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) فمن باب أولى لايحب غيرهم سواء من يكون شحيح أوالذي قد يصل إلى كفر النعمة وإستحقاق العقوبة ممن يرمي بكميات من الأطعمة ومنها من لم يؤكل منه شيء فخير الإمور الوسط والأهم هو الصلة والمنفعة العملية وليس فقط الأكل والشرب فالكل شبعان في بيته ، ثم ماجاء بعدها ومكمّل لمرادها بقوله تعالى: (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) قال عز وجل : (في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة) لم يقُل ( و يوم القيامة) ويُفهم من هذا أن مِن جميع ذرية آدم عليه السلام من هو على الإيمان الصحيح وأن الزينة والطيبات من الرزق مفترض بهذه الحياة الدنيا تكون لهم قبل غيرهم إذا كان الذين كفروا يتمتعون بها فمن باب أولى الذين ءامنوا وهذا رد على من يقول أن الحياة الدنيا للكافر وأن قوله غيرصحيح فالحياة الدنيا للمؤمن قبل غيره وعليه أن يتمتع بمافيها دون إسراف ولا تقتير وأن يكثر من الحمد والشكر لله على نِعمه التي تفضّل بها عليه ، ثم قال عز وجل: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَاظَهَرَ مِنْهَا وَمَابَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُون) هذه الكلمات واضحة بما حرّمه الله والكل يفهم المعنى ثم ماجاء بعدها عن أحوال تتابع الأمم وقدجاء بالقرءان الكريم ذكر بعض منهم ثم أعاد الخطاب يابني آدم وعن مايأتيهم من رسل وهنا قد يسئل أحدهم ماحال من لم يصل اليه الرسل هنا أقول الله أعلم بحالهم فهو من يحاسبهم وهل القرءان وصلهم والواجب الإهتمام بما هو مسؤول عنه ومايخصّه من تصديقه بهم أوتكذيبه لهم حسب ماوصله منهم ، ثم أختم بالقول أن على كل من يكون عند والديه أو يتبادل الزيارات مع أرحامه وأنسابه وأصهاره وعموم أقاربه وأهله أو صديقه وجيرانه أن يأخذ زينته ويكون مترتب في جلسته وقد غسل وجهه ويديه ومسح برأسه وقدميه ويذكر إسم الله عند الأكل والشرب وأن مثل هذه المجالس فيها عبادة طالما بُنيت على البر التقوى.
والسلام ختام..