أخي الغالي القاصر :
صدقت في كلّ ما ذكرت , فجدوى المقاطعة ماثلة لا تحتاج كثير تنقيب , ومن أوجه جدواها :
1- أنّها كبّدت المؤسسات الأمريكية العاملة في الدول الإسلامية خسائر كبيرة لم يطق الأمريكيون كتمانها رغم تفننهم في التغطية والخداع والتعتيم وإلجام وسائل الإعلام
انظر مثلا إلى الوثيقة التي استشهد بها الأخ النرجسي , وكيف أثبت بها جدوى المقاطعة اقتصاديا
هذا غير ما تكرّر ذكره في وسائل الإعلام عن خسائر المؤسسات والمنتجات الأمريكية الموجهة للدول الإسلامية , وقد أوردت أنت طرفا منها .
ولعلّ الله يبارك في وقتي لأجمع شيئا من التقارير السابقة .
2- المقاطعة وقف لتدفّق الكثير من النقود إلى خزائن الأمريكيين العامة والخاصة
فإن لم نستطع منع تدفّق أيّ مال هناك , فعلينا أن نمنع ما نطيق , ولو درهما واحدا , ففي منع طيرانه هناك خير , أليس كذلك ؟
3- المقاطعة فيها تشجيع للمنتجات الإسلامية , فكثير من المنتجات الإمريكية لها بدائل مصنّعة في البلاد الإسلامية .
4- المقاطعة رسالة لأمريكا أن الشعوب الإسلامية لها كلمتها , وأنها مهما كُمّمت من قبل حكوماتها , وخُذلت وصفّدت فإنها لا محالة ستعبّر عن رأيها الذي يأتي بصور شتى منها المقاطعة في وقتها , والحرب في وقتها .
5- المقاطعة تربية وجدانية صارمة , تحفز ضمير كلّ منّا ليظل مستشعرا مكانة الأمة فاعلا في قضاياها , حاملا لهمّها , مستشعرا روح الوحدة بين الشعوب الإسلامية
يتكرّر هذا الدرس علينا كلّما وقعت أعيننا على عبارة ( Made in U S A ) ونحوها , وما أعظمه من درس , وما أنبله من شعور يتوارد في أذهان أهل الضمائر الحيّة , وهم أمام منتج كتب عليه ما سبق .
نعم : فالمقاطعة أشعرت المسلم بالانتماء , ومما تقرّ له العين أنه حتى الصغار تفاعلوا معها مستشعرين أن عليهم واجبا يؤدونه لأمتهم , وأنهم أعضاء ذوو فعل مؤثر مطلوب , وأن عليهم مسؤولية يؤدونها , أليس هذا من صلب التربية ؟
6- وأهمّ مما سبق كلّه أنّ في المقاطعة أجر من الله , ومن ذا يأبى الأجر من الله ؟!
ألسنا نرجو من الله المثوبة بعدم شراء بضاعة جاءت من عدوّ محارب للمسلمين , أو مطلق التعامل التجاري معه ؟
-------------------------
أخي الغالي النرجسي :
في مداخلاتك السابقة لم تصدّق بجدوى المقاطعة الشعبية , إلى حدّ التهكّم بالداعين إليها والآخذين بها
بل , وأنكرت جدوى هذه المقاطعة الشعبية حتى في كلّ البلاد الإسلامية مجتمعة !
ذاهبا إلى تأييد المقاطعة الحكومية التي تتبناها الدولة في بلد ما .
لكنّك رجعت في النهاية لتؤيّد المقاطعة الشعبية مثبتا جدواها العظيمة , عندما نقلت نصّا عن لجنة المقاطعة الشعبية في واحدة فقط من مدن مصر هي (( الإسكندرية )) لا مصر كلّها !
وأنت تعلم أن لجنة المقاطعة هذه ( شعبية ) لا تتبنّاها الدولة .
والذي أفهمه من كلامك هذا أنّك تؤيّد المقاطعة , ولكنّك تريدها منضبطة مرتبة واضحة الهدف والوسائل .
فإن قصدت هذا فهو كلام طيّب ومطلب جميل , كم نرجو أن يتحقق
أمّا ونحن لم نستطع تحقيق هذا المطلب , أفلا نأخذ بما يمكن تحقيقه ؟ ولو بمقاطعة غير مقننة أو مكتملة الجوانب ؟
كلّنا نرجو أن تقوم مقاطعة مقننة , بل كم نرجو أن تتبنّاها الحكومات
ولكن
ما دام هذا لم يحصل , أتكون خياراتنا : (( إمّا كلّ شيء أو لا شيء ؟! )) إمّا أن تحقق المقاطعة انهيار اقتصاد أمريكا دون عوامل أخرى أو لا نمارسها مطلقا ؟! إما أن تكون مقاطعة مثالية أو ننكر أي فائدة منها ؟!
ليس هذا من الحكمة في شيء
----------------------------------------------
المقاطعة الشعبية بحمد الله سارت وتأصّلت
وليس مساغا عقلا أن نطلب من الجميع تأييد المقاطعة , أو الانضواء تحت لوائها , فلن يستطيع كائن من كان جعل الناس على قلب رجل واحد
هذا في أحوال الرخاء , وسهولة المطلب كالمقاطعة , فكيف بالناس حال الشدّة وعسر المطلب كالجهاد بالنفس والمال , فلن يصحب المنادي بالجهاد إلا صفوة الناس
ولنا في قصّة طالوت مع بني إسرائيل عبرة منذ توليته ملكا عليهم مرورا بتسيير الجيش , وفتنة النهر وانتهاءً بمواجهة جالوت وجنوده ,
أنظر !
ثلاث مراحل من التمحيص والاختبار :
مرحلة اختبارهم بتولية رجل ليس ذا مال أو عشيرة ! مما صرف أهل الهوى وجعل أهل الصدق وحدهم يبايعونه
فمرحلة اجتياز النهر على الظمأ , فلم يصمد أمام المحنة إلا قليل منهم
ثم مرحلة مواجهة العدوّ التي قال عندها الكثيرون : (( لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده ))
في النهاية لم يصمد معه إلا صفوة من صفوة
الصفوة , ومع هذا انتصر بحول الله وقوته .
علينا فقط أن نظل على يقين أن الحوادث التي تحلّ بالأمة ذات حكم منها تمحيص القلوب , نسأل الله الثبات على الحق .
-----------------------------------------
الأخ الشبل :
أمّا عن نفسي فلست أرى أخي النرجسي إلا محبّا لدين الله ولشرعه , مدافعا عنه , مبغضا للعلمانيين , محاربا لأهل الملل الباطلة والمبتدعة كالرافضة , وما علمت أن علمانيا واحدا يحارب الرافضة من باب العقيدة أبدا !
أضف إلى ذلك أنّ النرجسي ممن يحذّرون الشباب من أهل الفحش من المطربين وأضرابهم , وما علمت أن علمانيا يصنع هذا
فلعلّك تتأمّل ما كتبت وتعيد النظر فيه
مع رجائي ألا تفهم من قولي هذا موافقتي لكل ما يطرحه النرجسي من أمور .