قبل سنوات " ليست بعيده " كنت في سن السابعة عشرة.
كان يوم جمعهً حار في عطلة الصيف.
إنتهينا من صلاة عصر ذلك اليوم في مسجد جدي، في مدينة الرياض فجلست " وقرأت سورة الكهف " وبسني ذاك كانت قراءتي روتيناً فقط،و أصله تقليد، إما لأقراني الأكبر مني أو لأبي وأعمامي.
جلست أقرأ وأقرأ حتى وصلت لآخر السورة وكان بجانبي جدي " حفظه الله" وهو شيخ فاضل وإنسان من النادر جداً أن أرى مثله رغم حداثة سني.
عندما وصلت لآخر سورة الكهف، مع قراءتي السريعه .. وصلت لقوله تعالى (فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا ).
إستوقفني جدي حينها وقال: ياوليدي وش فهمت من الآيه هذي؟
قلت: إن يأجوج ومأجوج لم يستطيعوا أن يصعدوا ذلك السد ولم يستطيعوا أن يخرقوه للخروج.
قال" بالفصحى" : أحسنت. السؤال الثاني: ليه الله عز وجل في المره الأولى قال اسطاعوا وفي الثانيه استطاعوا؟
قلت: يمكنه شيء نحوي ضروري!
قال: مالاحظت وانت تقرا !؟
قلت ووجهي يحمر خجلاً: لا.
قال: ارجع لتفسيرها وجبه لي المغرب بمجلسنا.
(وأدعو من لايعرف إلى الرجوع لها.)
بعدها قال:اكمل قراءتك ، وأكملت حتى وصلت لقوله تعالى: (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالا)(الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا)
فااستوقفني هنا مره أخرى، وقال " في عاميه تخالطها الفصحى" : ماعمرك وانت تقرا ، وقفت عند الآيتين هذي وامعنت النظر؟
قلت : لا .
قال: وش فهمت منه.
قلت: يمكنك تشير إن قراءتي السريعه سعي خطأ!؟
قال وهو يضحك: لا لا أبدا. لكن الآيه هذي وأنا أقرأ أتوقف عنده كثير.
وبعدها ابتسم وطلب مني إعادتها. ورأيت ملامح وجهه خاشعه.
لم أعرف سرها "وأقصد نظرته تلك" حتى الآن.
.......................
الموضوع جُله لكم، ولكم الحريه في إختيار أي جزء، هي مجرد عودة مني للماضي وذكر لحظات أثرت في حياتي وشخصيتي كثيراً.