العودة   منتدى بريدة > المنــــــــــــــــاسبات > منتدى رمضان

الملاحظات

منتدى رمضان منتدى خاص بشهر رمضان وكل مايتعلق بهذا الشهر من مواضيع

إضافة رد
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
 
قديم 12-08-10, 06:33 pm   رقم المشاركة : 1
عبدالله صالح العميريني
الله يقدس روح صاحب هذا الحساب في جنات النعيم
 
الصورة الرمزية عبدالله صالح العميريني





معلومات إضافية
  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة : عبدالله صالح العميريني غير متواجد حالياً
<<< وقفات قرآنية في شهر القرآن .. اعداد .د/علي الحامد / الوقفة الثلاثون والاخيرة >>>


طلبت من اخي ..
د/ علي سليمان الحامد نقل دروسه هنا ليستفيد منها الجميع ... فوافقني مشكورا ..


بسم الله الرحمن الرحيم
هذه وقفات مع بعض الآيات التي وفقني الله تعالى للتأمل فيها أثناء صلاة التراويح , , وستكون بإذن الله على شكل حلقات يومية , أسأل الله الإعانة والتوفيق , وأن ينفع بها , وأن يجعله عملا خالصاً لوجهه الكريم :
الوقفة الأولى : استحقار الناس وازدراؤهم :
قال الله تعالى :
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُواْ أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاء أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاء وَلَكِن لاَّ يَعْلَمُونَ} (13) سورة البقرة

وقفت ملياً أتأمل هذه الآية , فوجدتُ أن احتقار الناس وازدراءهم صفة من صفات المنافقين , وأن من يحتقر الناس بشيء عاد عليه , وكان هو أولى به من غيره , فالآية الكريمة تتحدث عن المنافقين الذين قال الله فيهم أول الآيات من سورة البقرة : {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ} (8) سورة البقرة .

فالمنافقون لما قيل لهم : " آمنوا كما آمن الناس ", كان ردهم فيه ازدراء واحتقار لغيرهم ممن خالفهم , فقالوا : " أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاء " فجعلوا المؤمنين سفهاء , في قمة الاستهتار والسخرية , فجاء الرد الصاعق عليهم من السماء : " أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاء "
في جملة مؤكدة بعدد من المؤكدات اللغوية : حرف الاستفتاح : ألا , ثم حرف التوكيد : إنّ , ثم الإتيان بضمير الفصل: هم , مما يفيد الحصر , فإذا قلت مثلا : إنك أنت الكريم , فمعناه : لا كريم إلا أنت , وكما قال تعالى : {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ } (14) سورة طـه
وقوله تعالى : {رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ} (8) سورة آل عمران .
ثم يأتي العقاب الآخر , بأن هؤلاء هم السفهاء ولكن لا يشعرون ولا يعلمون بأنهم سفهاء , وأشد العقاب أن تكون معاقباً وأنت لا تشعر , وأعظم السخرية بك أن يراك الآخرون غبياً سفيها وأنت لا تعلم , وهذه حال المنافقين : سفهاء ولكن لا يعلمون .






رد مع اقتباس
قديم 12-08-10, 06:34 pm   رقم المشاركة : 2
عبدالله صالح العميريني
الله يقدس روح صاحب هذا الحساب في جنات النعيم
 
الصورة الرمزية عبدالله صالح العميريني





معلومات إضافية
  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة : عبدالله صالح العميريني غير متواجد حالياً

الوقفة الثانية : ثنائية اليهود والنصارى .

قال الله تعالى : {وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَىَ شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ}
(113) سورة البقرة
كلنا نعرف المعلومة التي تقول : آية صَدَقَ فيها اليهود والنصارى , وهي تعني هذا الآية الكريمة , فاليهود يقولون : إن النصارى ليسوا على شيئ في دينهم , والنصارى يقولون : إن اليهود ليسوا على شيء في دينهم .
وقد تأملت هذه الآية جيداً فوجدتُ أن هذه المعلومة يشوبها شيء من عدم الصواب , وذلك أن سياق الآية يدل على أن الله
تعالى قد ذمهم على هذا القول بقوله :
" وهم يتلون الكتاب " ثم عقب على ذلك بقوله : " كذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولهم "
فمن قال مثل قولهم فهو من الذين لا يعلمون .
وقد رجعت إلى التفسير فوجدت مجاهداً رحمه الله يقول بهذا القول , ويفسر لنا هذه الآية تفسيراً يتضح فيه الإشكال .
قال مجاهد رحمه الله :
" قد كانت أوائل اليهود والنصارى على شيئ , ولكنهم ابتدعوا وتفرقوا " وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ " قال : بلى , قد كانت أوائل اليهود على شيء , ولكنهم ابتدعوا وتفرقوا "
تفسير ابن كثير : 1 / 206 .
فمجاهد رحمه الله , بيّن أن أصل دين اليهود والنصارى كان شيئاً , ولكنهم تفرقوا وابتدعوا في الدين .
وحينئذ فهم على صواب من جانب , وعلى خطأ من جانب آخر .
فهم على صواب حين ذكروا أن دين اليهود والنصرانية ليس على شيء , وخاصة بعد مجيء الإسلام , ويؤيده ما جاء في بعض الروايات أن الآية نزلت في نصارى نجران حين جاؤوا المدينة فاختصموا مع أحبار يهود المدينة فقالت كل طائفة مقولتها .
وهم على خطأ لأن أصل الديانتين على شيء , ولكن كل طائفة كفرت بالأخرى تكذيباً لما جاء في كتبهم المنزلة , ولهذا بين سبحانه أنه سيحكم بينهم يوم القيامة فيما اختلفوا فيه
" فَاللّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ "
وحين تأملتُ الحزب الثاني من الجزء الأول وجدت هناك ثنائية بين اليهود والنصارى يتحدون بينهم إذا كانوا ضد الإسلام , ويختلفون إذا كانوا مع بعضهم .
من اتحادهم قوله تعالى :
{وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ}
(111) سورة البقرة , فجعلوا الجنة خاصة باليهود والنصارى , وبين سبحانه أن هذه أمنية من أمنياتهم .
والطائفتان حين يجعلون الجنة خاصة بهم فهو يخرجون المسلمين أتباع محمد صلى الله عليه وسلم منها ,,, ساء ما يحكمون .
وقال سبحانه :
{وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ}
(120) سورة البقرة .

فبين سبحانه أن اليهود والنصارى لن يرضوا عنه حتى يتبع ملتهم , فجعلَ ملة اليهود والنصارى واحدة
( ملتهم )
بالإفراد , إما لأنهما متقاربتان في الضلال , وإما لأن اتباع إحدى الديانتين خروج عن الإسلام , ويكون بهذا تساويا في الحكم , بمعنى أنه لا فرق في الدين الإسلامي أن تكون يهودياً أو نصرانياً إذا أنت لم تكن مسلماً , فمِلَّةُ الكفر واحدة .

وقال تعالى :
{وَقَالُواْ كُونُواْ هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُواْ قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}
(135) سورة البقرة
فبين سبحانه رغبة أهل الكتاب لإخراج المسلم عن دينه , بأن يكون يهودياً أو نصرانياً , لا فرق عندهم , المهم أن تخرج من دين الحنيفية ملة إبراهيم عليه السلام .

وهنا نجد الثنائية التي أشرت إليها في العنوان بين اليهود والنصارى , وكأنه لا خصم للمسلمين إلا هؤلاء , وهو ما يؤكده الواقع , فلا دين ولا أمة تحارب المسلمين حالياً إلا وتدين إما باليهودية أو النصرانية , ولهذا جاء التحذير الصريح منهم بقوله تعالى :
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}
(51) سورة المائدة .
ولهذا جاء التحذير من اتباع صراط اليهود والنصارى مكرراً في صلاة المسلم كل يوم يقرؤها في كل ركعة :
" غير المغضوب عليهم ولا الضالين "
. والمغضوب عليهم هم اليهود , والضالون هم النصارى كما هو معلوم في التفسير .

فاليهود والنصارى ما داموا ضد المسلمين فهم ملة واحدة , ينصر بعضهم بعضاً , ويجامل بعضهم بعضاً كقوله تعالى : {وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم }
(18) سورة المائدة .

أما حين يكونون متقابلين فهم أعداء فيما بينهم
: " وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَىَ شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ ".
والله تعالى أعلم .







رد مع اقتباس
قديم 12-08-10, 07:03 pm   رقم المشاركة : 3
ămōяẻ
من أعمدة المنتدى
 
الصورة الرمزية ămōяẻ





معلومات إضافية
  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة : ămōяẻ غير متواجد حالياً

جزاك الله خير







رد مع اقتباس
قديم 20-08-10, 03:13 am   رقم المشاركة : 4
عـبدالله بـريدة
اشهب المنتدى





معلومات إضافية
  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة : عـبدالله بـريدة غير متواجد حالياً

جزااك الله خير






رد مع اقتباس
قديم 20-08-10, 02:28 pm   رقم المشاركة : 5
عبدالله صالح العميريني
الله يقدس روح صاحب هذا الحساب في جنات النعيم
 
الصورة الرمزية عبدالله صالح العميريني





معلومات إضافية
  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة : عبدالله صالح العميريني غير متواجد حالياً

اقتباس:
 مشاهدة المشاركةالمشاركة الأصلية كتبت بواسطة عـبدالله بـريدة 
  
جزااك الله خير

الله اما امين وياك اخوي






رد مع اقتباس
قديم 20-08-10, 02:32 pm   رقم المشاركة : 6
عبدالله صالح العميريني
الله يقدس روح صاحب هذا الحساب في جنات النعيم
 
الصورة الرمزية عبدالله صالح العميريني





معلومات إضافية
  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة : عبدالله صالح العميريني غير متواجد حالياً

الوقفة العاشرة : اكتمال الدين .
قال الله تعالى : { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا }
(3) سورة المائدة
قال أهل العلم : إن هذه آخر ما نزل من القرآن , ولم ينزل بعدها حلال ولا حرام [ انظر تفسير ابن كثير 2 / 20 ]
وقد نزلت هذه الآية في عرفة على رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوادع يوم الجمعة كما في صحيح البخاري وغيره من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه .
قال ابن كثير - رحمه الله - حول هذه الآية : " هذه أكبر نعم الله تعالى على هذه الأمة , حيث أكمل تعالى لهم دينهم , فلا يحتاجون إلى دين غيره , ولا إلى نبي غير نبيهم صلوات الله وسلامه عليه , ولهذا جعله الله تعالى خاتم الأنبياء , وبعَثَهُ إلى الإنس والجن ... فلما أكمل لهم الدين , تمّت عليهم النعمة , ولهذا قال سبحانه : { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا } أي , فارْضوه أنتمْ لأنفِسِكُمْ , فإنه الدين الذي أحبه الله ورضيه , وبعثَ به أفضل الرسل الكرام , وأنزل به أشرف كتبه .." تفسير ابن كثير 2 / 19 .
ولي معي هذه الآية وقفات :
الوقفة الأولى :
أنها نزلت في يوم عرفة في حجة الوداع , وهي الموقف العظيم الذي وقفه النبي صلى الله عليه وسلم , ووقف معه المسلمون في مشهد مهيب , خطب فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة عظيمة بين فيها معالم الدين , ووضع الأسس العامة والخاصة , ولم يترك شيئاً إلا بينه عليه الصلاة والسلام بأبلغِ قول , وأفصح لسان .
فجاءت هذه الآية تتويجا لذلك الموقف العظيم , وأن الدين قد كَمُل في يوم اكتملت فيه بلاغة محمد صلى الله عليه وسلم , واكتمل فيه حضور المسلمين , واكتمل فيه تعلق قلوبهم لله تعالى على صعيد عرفات .
فهو يوم الكمال في السموات , ويوم الكمال في الأرض , فيه كمل الدين , وفيه كمل القرآن , وفيه كملت النعمة فلله العظمة وحده , ولله الشكر وحده ,سبحانه تبارك وتعالى .
الوقفة الثانية :
قوله : ( اليوم ) قال أهل النحو : إن ( أل ) في كلمة اليوم هنا , للعهد الحضوري , أي هذا اليوم الحاضر , ولعل التعريف هنا يعطي تعظيما وهيبة لقداسة هذا اليوم وعظمته , وهو ما صرح به أحد اليهود حين قال لعمر بن الخطاب : يا أمير المؤمنين آية في كتابكم تقرؤونها لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيداً ! قال: أيَّةُ آية ؟ قال) : الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِينًاً .( قال عمر: قد عرفنا ذلك اليوم والمكان الذي نزلت فيه على النبي صلى الله عليه وسلم وهو قائم بعرفة ، يوم جمعة) رواه البخاري ومسلم .
الوقفة الثالثة
: قوله : أكملتُ لكم دينكم .
فقوله أكملتُ ):فعل ماضٍ دال مسندٌ إلى الضمير العائد إلى الله تعالى , لبيان عظمة هذا الكمال , وأنه صادر من عند الله تعالى , وما أكْمَلَهُ الله فلن يتعرض له نقصان , وما أكمله الله فلن يحتاج إلى زيادة .
ثم قال : ( لكم ) وهذا خطاب للمسلمين جميعاً , أي أن هذا الكمال لكم أيها المسلمون , وليس لغيركم , فهل تبتغون كمالا من عند غير الله ؟
ثم قال : ( دينكم ) هذه الكلمة أتت لتبين موضع الكمال , وأنه في الدين , والدين يشمل القرآن والعبادات والأخلاق والفرائض والمعاملات وكل ما جاء من عند الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم فهو من الدين .
وقد وصل إلى مرحلة الكمال الرباني الذي لا يعتريه نقص , ولا يفتقر إلى الزيادة .
وإضافة الدين إلى المخاطبين لكي يصبوا اهتمامهم له , وأن هذا الأمر إنما هو دينهم , وليس دين الله فقط .
وأي شرف وأي منزلة حين يكمل الله لك اعتقادك ودينك , ويعطيك الختم الإلهي الرباني الأبدي بأن دينك كامل غير منقوص فلا تضيعه .

الوقفة الرابعة
: قوله " وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى "
فعطف على الكمال بلفظ الإتمام , والإكمال يكون للشيء الواحد حين يبلغ نهايته وغايته فيكون قد كمل , فأطلقه على الدين لأن الدين واحد ( إن الدين عند الله الإسلام )
وأما الإتمام فيكون للشيء المتعدد حين تكتمل جميع أنواعه فيكون إتماماً , ونعم الله تعالى لا تعد ولا تحصى , فجاء لفظ الإتمام .
وقال : عليكم , ولم يقل ( لكم ) لثلاثة أمور :
الأمر الأول : ليخالف اللفظ الأول , فلا يكون هناك تكرار بلفظ ( لكم ) لأنه قال أولها : أكملت لكم دينكم .
الأمر الثاني : أن إتمام النعمة من الله تعني العلو والمنة , فهناك فوقية من المنعِمِ سبحانه على المنعَمِ عليه , فناسب لفظ ( عليكم ) .
الأمر الثالث : أن النعم تحتاج إلى شكر , والشكر تكليف على العبد , فناسب لفظ ( عليكم ) .
والمخاطبون بقوله : عليكم , هم المسلمون , وكفى لهم شرفاً أن يمتن الله عليهم بنعمه .
وقوله : ( نعمتي ) المفرد حين يضاف إلى الضمير فإنه يفيد العموم غالبا , ونعم الله متعددة , وقد أضيفت إلى الضمير , فتشمل جميع نعم الله تعالى التي لا تعد ولا تحصى .
وقد أضاف النعم إليه سبحانه , لأنه هو الـمُنعِمُ وحده جل جلاله {وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ } (53) سورة النحل .
وقد يكون أراد بالنعمة هنا نعمة إكمال الدين , وهي من أعظم النعم , وكل نعمة تحصل في الدنيا للمسلمين إنما هي متفرعة من هذه النعمة العظيمة .
ونلاحظ الفرق بين التعبيرين في الجملتين :
فالدين نسبه إلى المسلمين ؛ ليتحملوا الأمانة العظيمة , وأما النعمة فنسبها إليه سبحانه لا شريك له , لأن النعم منه وحده لا شريك له .
الوقفة الخامسة : قوله تعالى : " وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِينًاً "
لما بين سبحانه أنه أكمل الدين , وأتم النعمة , بين سبحانه ما هو الدين الذي كمله ؟
فبين هنا أنه الإسلام , ونسب الرضا إليه سبحانه , فإذا كان الله تعالى قد رضي لنا هذا الدين فأولى بالمسلمين أن يرضوه لأنفسهم , لأنه اختيار من لدن حكيم خبير أعلم بمصالحهم ومنافعهم .
وأي شرف للمسلم حين يعلن إسلامه , ويعتز به بأنه دين رضيه الله له , واختاره له ليتقرب به إليه , فهو الدين الأوحد عند الله تعالى {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ } (19) سورة آل عمران , ولا يقبل الله من أحد دينا سواه {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (85) سورة آل عمران .
وما دام أن الله تعالى قد رضيه لنا دينا , فهو أفضل دين وأعظمه كما قال تعالى : {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً} (125) سورة النساء
وأتى بالجار والمجرور ( لكم ) ليبين أن هذا الدين مصلحة لكم , وفيه نفعكم في الدارين
وأصل التعبير : ورضيت الإسلام دينا لكم , فقدم الجار والمجرور لإرادة الاختصاص , أي لكم أيتها الأمة المحمدية , وليس لغيركم .
أو أن التقديم أفاد الاهتمام بالمخاطبين , ورفع مستوى التنبيه إلى أهمية هذا المرضي الذي سيأتي ذكره , وهو الإسلام .
فكأنه لما قال : ورضيت لكم .. تشرئب الأعناق لمعرفة ماذا رضي لنا ربنا ؟
فيأتي الجواب : الإسلام دينا .
فأي معانٍ سامية عظيمة حملتها هذه الجمل الثلاث التي نزلت يوم عرفة لتختم للمسلمين دينهم , ولتبين لهم أنه كامل إلى يوم القيامة فلا ابتداع , ولا نقصان .
فمن ابتدع ما ليس من الدين فقد استدرك على ربه سبحانه , ومن أنقص من الدين فقد اجترأ على دين الله , والموفق من اتبع ما أُنْزِلَ إليه من ربه دون زيغ أو ضلالة .

والله تعالى أعلم , وصلى الله وسلم على نبينا محمد , وعلى آله وصحبه أجمعين .
10 / 9 / 1431 هـ







رد مع اقتباس
قديم 21-08-10, 04:32 pm   رقم المشاركة : 7
عبدالله صالح العميريني
الله يقدس روح صاحب هذا الحساب في جنات النعيم
 
الصورة الرمزية عبدالله صالح العميريني





معلومات إضافية
  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة : عبدالله صالح العميريني غير متواجد حالياً

الوقفة الحادية عشرة : العدل فوق كل اعتبار :
قال الله تعالى : {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِن جَآؤُوكَ فَاحْكُم بَيْنَهُم أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِن تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَن يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} (42) سورة المائدة .
تتحدث الآية عن اليهود الذين آتاهم الله التوراة , وعن بعض صفاتهم السيئة , وقد صدرت الآية بصيغتي مبالغة : سَمّاعُون , وأكَّالُون , والآية أتت في سياق ذمهم وقبح أفعالهم , وقد سبق هذه الآية قوله تعالى : {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُواْ آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هِادُواْ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُواْ وَمَن يُرِدِ اللّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللّهِ شَيْئًا أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (41) سورة المائدة .
وهذه الآية تعطينا دلالة أكيدة على شنيع أوصاف اليهود مع ما آتاهم الله من علم الكتاب وهو التوراة , فحرفوا الكلم عن مواضعه , وكانوا سماعين للكذب ( مكررة مرتين ) , وهم الذين قالوا : يد الله مغلولة , وقالوا : إن الله فقير ونحن أغنياء , وقالوا : عزيزٌ ابنُ الله , وقتلوا الأنبياء , وآذوا موسى عليه السلام , ومع كل هذه الجرائم العظيمة في حق الله تعالى وحق عباده وأوليائه إلا أن الله تعالى يأمر نبيه بأمر عظيم , وشأن خطير , يدل على القيمة السماوية التي جاء بها هذا الدين ليكون مهيمناً على الأديان كلها , ذلكم أن الله تعالى أمر نبيه بالعدل معهم " وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ " , فلا مجال للظلم هنا , فالعدل فوق كل اعتبار , ولا صوت يعلو فوق صوت العدل مهما يكن الخصم , ولا صوت يعلو فوق صوت حق الإنسان حينما يكون له حق , حتى ولو كان في الخسة والنذالة بمنزلة اليهود , فحين تحكم يا محمد بينهم فإياك والظلم لأن الله تعالى لا يحب الظالمين , بل الزم العدل والقسط معهم لأن الله تعالى يحب المقسطين العادلين .
أي دينٍ هذا ؟
وأي كتابٍ هذا ؟
وأي دستور هذا الذي يأمر بالعدل حتى مع أشد الأعداء ؟
إنه الإسلام .
إنه القرآن .

إنه الشريعة السماوية المحمدية التي ختم الله بها رسالته , وجعلها مهيمنة على الدين كله .
لقد كَفَلَ الله حقوقَ الإنسان – أي إنسان – وأنزل ذلك في كتابه وجعله شرعة ومنهاجاً للمسلمين , وذلك بإعطاء كل ذي حق حقه , ذلكم حكم الله تعالى , ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون الظالمون الفاسقون .
إن تحكيم شرع الله تعالى , والبعد عن الأهواء النفسية والسياسية والعِرقية والطائفية , وإقامة العدل بين الناس هو دستور هذه الأمة وشعارها التي جاء بها هذا الدين الحنيف {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا } (48) سورة المائدة .
أين المنظمات العالمية التي تنادي بحقوق الإنسان لترى كيف كفل الله حقوق الإنسان كإنسان , وأمر بالعدل معه دون اعتبار لمصلحة أو عداوة { وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ } (58) سورة النساء . {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} (8) سورة المائدة .
إن الإعراض عن هذا الدستور العظيم ( الحكم بشرع الله تعالى والعدل ) يؤدي إلى شريعة الغاب , وتفشي الظلم , والعودة إلى الحياة الجاهلية الأولى : {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ} (50) سورة المائدة .
لقد أرسى الله تعالى قواعدَ العدلِ في كتابه , وبين أن أبرز ما يؤثر في العدل إما مرضاة أو عداوة , وجاء التركيز على هذين الأمرين في القرآن العظيم , فأمر بالعدل حال العداوة كما مر معنا في أكثر من آية في المائدة , وأمر بالعدل في حال المحبة والرضا كما في قوله تعالى : { وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى } (152) سورة الأنعام , فأمرَ الله تعالى بالعدلِ ولو كان هناك ما يُنقصه , وهو القرابة , وهذه الآية من الوصايا العشر الواردة في سورة الأنعام التي تحث على العقيدة والخلق القويم .
وقال تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقَيرًا فَاللّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} (135) سورة النساء
فانظروا كيف أمر الله بالعدل والقسط , ولو على الأنفس والوالدين والأقربين , وبيّن سبحانه أنّ عدم إقامة العدل مع هذه الطائفة إنما هو من اتباع الهوى ( فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا ) أي فلا تتبعوا الهوى بأن لا تعدلوا , ومن أعرض عن العدل فإن الله تعالى خبير بعمله , وهو سبحانه قادر على أخذ الحق منه .
فهل نحكم كتاب الله تعالى ونلزم العدل فيما نأتي ونذر , وفيما نحب ونكره , كي نكسب محبة الله تعالى ونبتعد عن غضبه ومقته ؟
والله تعالى أعلم .
11 / 9 / 1431 هـ







رد مع اقتباس
قديم 12-08-10, 07:04 pm   رقم المشاركة : 8
( قصة لم تكتمل )
حائليه بالزين مبليه
 
الصورة الرمزية ( قصة لم تكتمل )






معلومات إضافية
  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة : ( قصة لم تكتمل ) غير متواجد حالياً

ماشاء الله تبارك الله
الله يجزااااك خير







رد مع اقتباس
قديم 12-08-10, 07:10 pm   رقم المشاركة : 9
.. بآآنسك ..
عضوه قديره
 
الصورة الرمزية .. بآآنسك ..






معلومات إضافية
  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة : .. بآآنسك .. غير متواجد حالياً

جزاك الله خير
وكثر ربي من امثالك






رد مع اقتباس
قديم 13-08-10, 05:01 am   رقم المشاركة : 10
ابونورة
مؤسس المنتدى
 
الصورة الرمزية ابونورة






معلومات إضافية
  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة : ابونورة غير متواجد حالياً

نفحــات إيمانيــة مفيـدة ومعبرة
والشكر كل الشكر للدكتــور/علي سليمان الحامد
على موافقتـه على نشـرها في منتدى بريدة
والشكر موصـول لك أخي أبو صـالح على جهدك وتعبك
في وضعها كموضوع جميـل ومنسق ومرتب في قسـم رمضــان المبارك







رد مع اقتباس
قديم 13-08-10, 05:24 am   رقم المشاركة : 11
سنّيه
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية سنّيه






معلومات إضافية
  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة : سنّيه غير متواجد حالياً

بارك الله فيما كتبت







رد مع اقتباس
قديم 13-08-10, 06:04 am   رقم المشاركة : 12
>ريانه<
عضوة قديرة
 
الصورة الرمزية >ريانه<






معلومات إضافية
  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة : >ريانه< غير متواجد حالياً

جزاك الله الف خير







رد مع اقتباس
قديم 13-08-10, 06:02 pm   رقم المشاركة : 13
عبدالله صالح العميريني
الله يقدس روح صاحب هذا الحساب في جنات النعيم
 
الصورة الرمزية عبدالله صالح العميريني





معلومات إضافية
  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة : عبدالله صالح العميريني غير متواجد حالياً

الوقفة الثالثة : الصوم والدعاء :
قال تعالى {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} , والدعاء هو العبادة , وقد جعل الله تعالى الحديث عن الدعاء في ثنايا الحديث عن الصوم , مما يدل على صميم العلاقة بين الصوم والدعاء , وقد صح الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "إن للصائم عند فطره لدعوة ما ترد " حديث حسن ذكره ابن حجر العسقلاني في الفتوحات الربانية , وأخرجه ابن ماجة في سننه , والمنذري في الترغيب والترهيب .
وجاء في حديث آخر : " ثلاثة لا ترد دعوتهم الصائم حين يفطر والإمام العادل ودعوة المظلوم " أخرجه أحمد في مسنده , والترمذي , والمنذري في الترغيب والترهيب , وصححه أحمد شاكر رحمه الله , وحسّنه ابن حجر .
والحديث حول فضل الدعاء طويل , وقد كتبت فيه المصنفات , ولكني أشير إلى بعض النكت العظيمة في هذه الآية الكريمة
ومن ذلك :
1. أن الله تعالى صَدّر الآية بالظرف : إذا , وهو ظرف لما يُستقبل من الزمان , واسم شرط غير جازم , يفيد حتمية وقوع الشرط وجوابه , فالسؤال عن الله تعالى أمر واقع لا محالة من الأمة , والجواب الشافي الكافي هو في هذه الآية .
2. جعل الله تعالى السائلين عنه عباداً له , بل أضافهم إلى نفسه إضافة تشريف , وأي شرف أعظم من أن يسميك الله تعالى عبده كما قال سبحانه : {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} (1) سورة الإسراء .
3. جاء جواب الشرط مصدراً بالفاء الرابطة الجوابَ بشرطِه تقوية وتمكيناً , وبعدها حرف التوكيد ( إن ) ( فإني قريبٌ )
4. جاء خبر ( إن ) لفظاً واحداً دالا على المعنى من جميع جوانبه : ( قريب ) , وأي شيء أعظم من قرب الله تعالى للعبد حين يدعوه .
5. الارتباط الوثيق بين القرب وبين استجابة الدعاء , فليس هناك فاصل بينهما , فالقرب يقتضي إجابة الدعاء مباشرة ( قريبٌ أجيبُ ) لا فواصل ولا وسائط , الإجابة فورية وسريعة .
6. ولكن يجيب مَنْ ؟ إنه يجيب دعوة الداعي بشرطين : الشرط الأول : أن يقوم بالدعاء , والشرط الثاني : أن يكون دعاؤه خالصاً لوجه الله , فلا يدعو إلا الله " دعوة الداعِ إذا دعانِ " فالشرط الأول : مأخوذ من : ( دعوة الداعِ ) والشرط الثاني : مأخوذ من ( إذا دعانِ ) , والجملة ( إذا دعانِ ) تستلزم الشرطين معاً , ولكنه أعادها ليبين عظمة الإخلاص في العمل والدعاء , فكأنه قال سبحانه : أجيب دعوة الداعي بشرط أن يدعوني أنا وحدي , ولا يدعو معي غيري . كما قال سبحانه : {قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا} (20) سورة الجن .
فالآية العظيمة تدل على أن إجابة الدعوة حاصلة بشرط وجود الدعوة بإخلاص , ولهذا روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قوله : " والله إني لا أحمل هَمَّ الإجابة , ولكن أحمل هَمَّ الدعاء " , وقد أخذ الفاروق رضي الله عنه هذا المعنى من هذه الآية حين فهم أن ربه تبارك وتعالى وعده بالإجابة بشرط أن يقوم بالدعاء مخلصا لله تعالى .
7. ثم ختمت الآية بأمر الله تعالى لعباده بأن يستجيبوا له فيدعوه ولا يستكبروا عن دعائه {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} (60) سورة غافر , وأمرهم أن يؤمنوا بوعده وأنه سبحانه سيجيب دعواتهم , وفي ذلك رشدٌ لهم وفلاح الدارين " فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ "

والله تعالى أعلم
.






رد مع اقتباس
قديم 13-08-10, 06:01 pm   رقم المشاركة : 14
عبدالله صالح العميريني
الله يقدس روح صاحب هذا الحساب في جنات النعيم
 
الصورة الرمزية عبدالله صالح العميريني





معلومات إضافية
  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة : عبدالله صالح العميريني غير متواجد حالياً

شكرا للجميع على الحظور هناء







رد مع اقتباس
قديم 14-08-10, 06:10 pm   رقم المشاركة : 15
عبدالله صالح العميريني
الله يقدس روح صاحب هذا الحساب في جنات النعيم
 
الصورة الرمزية عبدالله صالح العميريني





معلومات إضافية
  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة : عبدالله صالح العميريني غير متواجد حالياً

الوقفة الرابعة : مقارنة بين المسلم والكافر , وإعجاب المسلم بالكافر :
قال الله تعالى : {وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} (221) سورة البقرة
لن أتحدث عن تفسير الآية , فمعناها واضح , وهو تحريم زواج المسلم من الكافرة , وتحريم زواج الكافر من المسلمة , والكلام فيه تفصيل عند أهل العلم , ولكني أحب أن أشير إلى نقطتين لاحظتهما في هذه الآية :
الأولى : إثبات خيرية المؤمن على المشرك , وأنه لا مقارنة بين المؤمن والمشرك بالله في التفضيل , فالأول أفضل وأكمل , " وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ " " وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ " ومثل ذلك قوله سبحانه : {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ , مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} ( 35 , 36 ) سورة القلم , وكما قال تعالى : {أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا لَّا يَسْتَوُونَ} (18) سورة السجدة .
فإذا كان المؤمن والفاسق لا يستويان , فالفرق بين المؤمن والمشرك من باب أولى .
ولهذا نعلم أن تشدق كثير من الكتاب والناهجين منهج العقلنة والعصرنة بأن الإنسان أخو الإنسان وأنه لا فضل لأحد على أحد , فكلاهما في الإنسانية سواء - مخالفٌ لمنهج كتاب الله تعالى , بل جاء المعيار الحقيقي الذي تتفاضل به الإنسانية : { إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ } (13) سورة الحجرات .
ولأن النص القرآني محكم عظيم لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه , فقد جاء التعبير بلفظ الإيمان " ولعبد مؤمن " ولم يأتِ بلفظ الإسلام , لأن الإيمان يشمل الإسلام الظاهر , ويشمل الصدق الباطن الحامل على التقوى والأمانة والنزاهة , فالمسلم إذا بلغ منزلة الإيمان فهو أفضل عند الله تعالى , وأفضل للناس من الكافر المشرك بالله واليوم والآخر .
وأختم هذا بقوله تعالى في سورة البينة حين جعل المشركين شر البرية , وجعل المؤمنين خير البرية :
{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ , إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ} (6-7) سورة البينة .
الثانية : أن المسلم قد يُعجَبُ بالكافر , وهذا ليس فيه بأس للوهلة الأولى , بشرط ألا يحمله هذا الإعجاب على تفضيل الكافر على المسلم إلا بأمور دنيوية لا يتقنها إلا الكافر .
ومحل هذه الملاحظة قوله تعالى : " وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ " " وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ " والضمير يعود في الأولى على المشركة وفي الثانية على المشرك , حيث بينة الآية أن المشرك قد يُعجِبُ المسلم إما بشكله أو بعمله أو بأي شيء آخر .
ولم تنفِ الآية هذا الإعجاب , ولم تمنعه , وإنما منعت الزواج بين المسلم والكافر , وحينئذ فإعجاب المؤمن بالكافر إذا لم يحمله على مخالفة شرعية فليس محل نظر شرعي , بل جاء الشارع بإثباته وافتراضه .
فنرى هنا أن القرآن منع تقديم مصلحة الإعجاب على مصلحة مصاهرة المسلم مع المسلم , أما إذا لم يتصادم الإعجابُ مع ما هو أولى منه فلا بأس فيه , والله أعلم .







رد مع اقتباس
إضافة رد
مواقع النشر
يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع
:: برعاية حياة هوست ::
sitemap
الساعة الآن 09:57 am.


Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Alpha 1
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc. Trans by
موقع بريدة

المشاركات المنشورة لاتمثل رأي إدارة المنتدى ولايتحمل المنتدى أي مسؤلية حيالها

 

كلمات البحث : منتدى بريدة | بريده | بريدة | موقع بريدة