العودة   منتدى بريدة > بــــــــــــريدة > منتدى بريـــــــــــــــدة الخاص

الملاحظات

منتدى بريـــــــــــــــدة الخاص ( قسم يهتم بأخبار مدينة بريدة وتغطياتها الإعلامية وقضايا ومتطلبات وهموم سكان مدينة بريدة وشؤونها...).

 
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
 
قديم 22-02-05, 02:12 am   رقم المشاركة : 1
ابو هيثم
عضو مميز






معلومات إضافية
  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة : ابو هيثم غير متواجد حالياً
" كنتاكي " بريدة .. الساعة : 2:30 صباحا


اضافة إلى أني استيقظت متأخرا ، فقد تأخرت كثيرا ، وأنا مستلق على السرير . كنت أفكر بأشياء كثيرة ، وكنت أشعار بشعور مزدوج من الفرح والضيق ، إذ أن الإجازة : انتهت ، وابتدأ مسلسل الغربة والسفر والدراسة . استغرقت أتفكر في هذه الأفكار وقتا طويلا ، مما جعل أمي حين راتني أنزل ، تقول :
- بدري ! .. ما بغيت تقوم ، تبي اسويلك أكل قبل لا انام ؟
وكعادتي ، لا أقطع بإجابة دقيقة على هذا السؤال ، قلت لها :
-بكيفتس .. انا ابطلع الحين ، بشري اشتراك للأنترنت .
لمعت عيناها ، وقالت :
- طيب ، احسن لك أجل تشري اكل من برا ، لأنه ما بقى شي كثير من العشاء .
هززت رأسي ، دلالة الموافقة على كلامها ، وحين ذهبت إلى ركن الأحذية لأخذ حذائي ، سمعت صوتها من بعيد :
- لا تطلع كذا بالبرد ، البس فروتك .
رددت عليه بصوت عالي :
- مهوب برد اليوم ، وهالوقت داخل البيت ، يصير ابرد من برا .
كنت اقول ذلك وانا متوجه إلى الباب المفضي للحوش . فتحت الباب وخرجت ، ولما لفحني ذلك البرد ، عرفت اني اخطأت بتلك النظرية . اقفلت الباب وركبت السيارة متوجها إلى ميد .



اشتريت من ميد ، بطاقة اتصال ، ومن ثم انطلقت إلى كنتاكي .كنت أريد هرفي ، ولكني وجدته مغلق .. فالساعة كانت الثانية والربع تقريبا . لما وجدته مقفلا ، توجهت إلى كنتاكي ، الذي ما إن وصلت إليه .. حتى وجدت الكثير من السيارات ، مما جعلني أركن السيارة في موقف بعيد قليلا عن المطعم .

مر زمان طويل دون ان أخرج في مثل هذا الوقت ، كنت احدث نفسي ، بل إنه مر زمان طويل دون أن أخرج ، فانا في هذه الإقامة الجبرية التي افرضها على نفسي في المنزل ، ما بين الكتاب والإنترنت .. جعلتني أشعر بوحشة غريبة . كنت ، وأنا أمشي إلى المطعم ، اراقب مجموعة من الشباب ، قد تجمعوا على الرصيف . من أشكالهم ، تذكرت الأيام الخوالي ، عندما كنا نتجمع هكذا ، لنتبادل الأحاديث في الليل ، تحت أنوار الشوارع . كنا نقوم بذلك ، لا لأننا نريد ان نتبادل الحديث ، ولكن لاننا نفعل ذلك ، لإشباع ذاك الشعور الذي يجعلنا رجالا ، ومهمين أشد الأهمية ، عندما تمر السيارات بجانبنا ونحن نتبادل الأحاديث . لاحظت تفاوتا كبيرا في أعمارهم ، فمنهم من كان كبيرا ، يؤهله عمره إلى أن يكون عاطلا . ولكن ، منهم أولئك الذين أعمارهم لم تتجاوز السادسة عشر ، فلماذا هم مستيقظون ؟ ولماذا لم يناموا للآن ؟ هل لأانه الأسبوع الأول ؟ أم أن هذا الوضع دائم ؟ وأين آباء أهل هؤلاء الأحداث ؟


هذه الأسئلة ، وغيرها ، لست متأكدا انني تسائلت بها أثناء مروري السريع بهم ، ولكن أجدها تلح على قلمي بأن تنتشر على هذه الأوراق . ولكن السؤال الذي ما زلت أتذكر أني تسأئلته حينها ، هو ذلك الذي تبادر إلى ذهني ، حين أبعد احد المتلثمين شماغه عن وجهه ، وأشاح بوجهه عن اصدقائه ليكون مقابلا لي . حينها ، تسائلت ، وانا أرى كل هذه الأنوثة ، في تلك الإلتفاتة ، وكل هذه الوسامة .. كان السؤال : إلى الآن يا بريدة ؟

قديما ، أيام المراهقة ، كنت أحاول أن أفلسف كل شيء ، وأن اضع كل الاشياء والأفكار داخل أطر محددة ، وكنت ، إضافة إلى كل ذلك ، أبحث عن الأسباب . أسباب الظواهر ، ربما هذا الذي جعلني أفكر قبل سنة أن أغير تخصصي إلى قسم الفيزياء . وكانت الظاهرة التي تفرض وجودها علينا كمراهقين من بريدة ، هي اللوطية بمستوياتها المختلفة . كانت تفرض نفسها علينا ، كقدر . لا بد لك من أن تنخرط فيه ، وتعرف اسسه ، ان تندمج في هذا العالم ، لأن كل من حولك يسبح فيه .. منهم الغارق ، ومنهم من لم يزل طافيا .


في الفصل ، كان الذي عن يمينك عاشقا هائما بذاك الذي في اقصى اليسار ، وكان الذي عن يسارك ، ينتظر الفسحة بفارغ الصبر ، كي يرى مهجة قلبه . وأنت في فصل كهذا ، تعيش فيه ست ساعات من يومك ، لا بد أن تتخذ موقفا . فإما أن تكون مثلهم : عاشقا .. او معشوقا . أو ان تكون كذاك الذي في الأمام ، ذاك الذي يبدو هادئا ، ومجتهدا في دراسته ، وبدأت تظهر على خديه شعيرات قليلة ، تعلن لنا ، وثوبه القصير ، أنه مطوع . كان ذلك الفصل يقدم أحد المسارين ، كقدر . ولكنه قدر ، يسمح لك أن تختار .. والأختيار في بعض الاحيان يصبح قدرا .


صفات كثيرة ، كذكائي وروحي الخفيفة واجتماعيتي التي افتقر إليها الآن ، وتربيتي في البيت ، التي علمتني شيئا واحدا : مناهضة المنع ، أن أحارب المنع وفرض الوصاية ، كان هذا الدرس الذي تعبت أمي كثيرا في تعليمي إياه . كان كل هذا كفيلا ، بان يبعدني عن حياة الهدوء والتدين ، حياة الهرب الدائم من مواطن الشبهات والفتن ، حياة الإنئسار والإنغلاق ، وعن - وهذا الأهم - حياة أسلم نفسي فيها وعقلي لرجل ، لا يدفعني لهذا التسليم ، سوى انه اطال لحيته ، لا لأجل شهادة استلمها .

فما كان مني إلا أن اختار ذاك الطريق ، طريق الظلام . وأنا ، كعادتي ، إذا أحببت شيئا ، أخلصت له ، وأبدعت فيه . في المتوسطة ، نلت : 17 جائزة في مختلف النشاطات : مسرح ، رياضة ، إذاعة ، إلقاء ، اناشيد ، تفوق، الطالب النموذجي .. وغيرها . وفي الجامعة ، عندما انتفض عقلي سائلا : من أنا ، أتميت في سنتين ، ما لا يستطيعه الكثير الكثير من المثقفين أن يتموه . ومن يقرأ كلامي ، يجد غرورا ، هذا الغرور كان رفيق دربي ونصيري دائما ، عندما أقابل بتجهيل واحتقار .. كان هو الذي يقول لي : لما تسمع له وانت من انت ؟


أحببت طالبا ، عشقته ، وكنت أبكي لأجله . واستغليت طاقتي الإجتماعية ، في تكوين علاقات مع المحبين فيما بينهم ، وكنت أفكر كثيرا في كيفية الوصول لفلان الجميل ، وعلان الأجمل . كنت وأنا اعقد هذه العلاقات واسعى في ما بين الأحباء ، أقوم بذلك تعليلا لنفسي ، التي قتلها الهوى ، كما كنت احسب . كان تفكيري مع أصحابي ، يتمركز حول سؤالين : كيف أتعرف على فلان ؟ وكيف أعرف فلان على فلان . و " كيف " ، سؤال يسأله المبدع دائما . إذ انه سؤال ، يبحث عن وسيلة ، يريد أن يخترع وسيلة ، يبدعها بمعنى آخر .


في أحدى المرات ، عندما كنت أقوم بتلك الوظيفة ، فلسفة الظاهرة ووضعها في إطارها ، والبحث عن أسبابها . توصلت إلى نتائج ، وهي ان سبب ظهور هذه الظاهرة وطغيانها بهذا الشكل ، هو الفصل التام ، الذي تقيمه عادات المجتمع ، بين الذكر والأنثى . هذا الفصل ، الذي تتدارك الهيئة أي خلل فيه ، لتسده في الأسواق والأماكن التي يحتمل فيها اختلاط . هذا النوع من الفصل جعل التفريغ للكبت العاطفي والجنسي ، الذي يحس احدنا ، لا يصب إلا في المثيل . فإذافة إلى ذلك لافصل ، هناك مسألة الزواج ، الذي لا يتم إلا بعد مرور 10 سنين أو اكثر على البلوغ . وفي بريدة ، تتزايد هذه الأمور وتتضاعف ، ويضاف إليها أمران : طبيعة أهلها المتقيدة بالتقاليد ، نظرا لكونها منطقة لا تتداخل مع الآخر ، فهي ليست عاصمة ولا مدينة سياحية ، مما يجعل الأنا ، تعيد إنتاج نفسها من جديد . الأمر الآخر ، هو أن أهل هذه المنطقة ، كقطع الديكور ، أشكا لفقط ، يهتمون بتلميع الظاهر ، يخافون من الفضيحة ، يخافون من العيب . ولكنهم لا يلتفتون إلى الباطن ، ولا يهتمون بالفساد الإخلاقي ، ولا يخشون من الجهل .


كنا ثلاثة ، نمشي في السيارة ، وحين توقفنا أمام احمرار الإشارة ، التفت احد الأثنين ، إلى السيارة المجاورة ليرى سائقها الجميل ، الذي كان في السادسة عشرة من عمره . عندما لاحظه صديقي الثاني الذي كان يقود السيارة ، تقدم بخبث ، ليحجب عنه الرؤية ، وقال وهو يتقدم :
- بريدة .. ما والله تتركون عنكم العربجة ..
ضحكنا ، وعلقت انا بسرعة :
- خلاص ، سنتين ، وما يطيح كرت الزينين .
أجابني بلهجة مستهترة :
-بريدة يكفرون ، ولا يخلون البزارين .
قلت له ، وانا اضحك :
- لا ، خلاص بيفتح العثيم ، وبتفتح ملاهي الحكير ، وبتكثر الأسواق ، والهيئة مهب ملحقة ، وبيطلعن البنات ويبدأ المغازل ، ويطيح كر ت البزارين .
لم يجب .. لا لأنه لم يفهم ، بل لأنه يرى أنه غير معني بالأمر .


كانت هذه نظريتي ، التي ما إن رايت ذلك التجمع بجانب المطعم ، حتى بدأت اشكك فيها ، بل أني بدأت انقضها واعيد النظر . دفعت باب المطعم ودخلت إليه : وكان هناك ثلاثة شباب واقفين ، وثلاثة جالسين في الركن الأيسر يتناولون عشائهم .


الأول من الثلاثة الواقفين ، كان نحيلا يرتدي قميصا . اما الآخر فكان يلبس ثوب . الثالث ، كان يرتدي بنطال جينز ، وكان طويل اللحية ، وكانت قسمات وجهه وملابسه الغربية ، تنبي أنه ليس سعوديا ، مصريا او سوريا . وما ان تقدمت إلى المحاسب لأطلب ، حتىسمعت لهجته السورية . فاستغربت كثيرا ، إذ أنه من الغريب ان تتكون مثل هذه العلاقة بين شباب بريدة وآخر اجنبي ، وهذا الجنبي مطوع أيضا . كان امرا غريبا . جعلني أفكر بأن بريدة تغيرت ، أنها لم تعد تلك المدينة الاحادية . التي لا ترى إلا نفسها . اصبحت الآن تقبل التعايش مع الآخرين ، لم تعد ترفضهم لأانهم آخرين . كان السوري والمصري ، قديما ، انسانا درجة ثانية ، يتلوه الهندي والباكستاني . حتى أن بعض الأعمال التي يراها البعض مستحقرة ، كان العامل عليها لا ينادى بعمله بل ينادى بجنسيته ، لإانت لا تقول سأحضر سواقا ، بل تقول : ساحضر هنديا .ولا تقول لغيرك : احضر سباكا ، بل تقول احضر مصريا . بعد هذا الذي رايته من حوار ودي واخوي بين السوري واصدقائه ، فرحت كثيرا ، مما جعلني اقابل المحاسب بابتسامة .

طلبت العشاء . وأوصيته ألا يضع ثلجا في البيبسي .وبينما أنا أطلب إذ دخل شخص ووقف إلى جانبي ، فحاولت ان اسرع في الطلب كي لا ينتظر كثيرا . وما ان اعاد لي : باقي الحساب ، حتى ذهبت لكرسي قصي ، موضوعة فوقه جرائد . وما ان جلست ، لارى الجرائد ، فوجدتها كلها رياضيه ، فلم اجد ميلا لقراءتها . رفعت عيني عنها ، لاتامل أولئك الثلاثة . الذين كان يبدو من مظهرهم الفوضوي وسحنتهم ، انهم من البدو .. أكد لي تلك الكلمات التي تصلني من بعيد . لاحظت أن احدهم يكثر التفاته إلى ذاك الواقف .. فلما رأيته ، تعجبت كثيرا ، كان شيئا أراه كثيرا في الشرقية ، إلا أني اراه هنا في بريدة ، فقد كانت مفاجأة .


كنادر سوداء ذات كعب يتجاوز الستة سانتيمتر . فوقها بنطال جينز ضيق ، ملتصق بالجسم ، رمادي اللون . في أعلاه تي شيرت بدي ملتصق بجسمه . وكان يرتدي قبعة سوداء ، مائلة قليلا ، لتترك المجال لخصلتين من الشعر ترتمي على جبينه . كان أنثى في قالب ذكر . في حركاته ، ورفعة يده ، في نطقه وكلامه . مما جعل أولئك البدو ، يكثرون الاتفات إليه ، والضحك عليه أيضا . كانت ضحكاتهم ، تنثر شهوة . وكنت انا قد لاحظت اختلاف لون وجهه عن لون رقبته ، مما دفعني للشك بأنه قد مسح وجهه بقليل من الميك آب .


نظرت إليه ، ركزت عيناي في عينيه ، اللتين كانتا تنظران للأسفل ، فقد كان يكلم بالجوال . كنت أراقب عينيه ، لأجد ذلك الشيء . فالإنسان إذا اعتاد على أمر ، أو درسه دراسة مستفيضة ، فأنه أثناء تحليله وتصنيفه ، لا يلتزم عادة بالقوانين ولا يتقيد بالخطوات . يصبح عنده مثل الحدس ، حدس يجعله يقفز أكثر من خطوة . في الهندسة ، تعلمنا أنه لا يلزمنا اتباع القوانين بحرفية ، لتحليل دائرة كهربائية ، ففي بعض الأحيان ، يكفي الحدس لأن نميز أي نوع من الدوائر هذه وأي حل هو الأنسب لحل مشكلتها .


كنت أبحث في عينيه ، عن ذاك الإضطراب ، وعدم الثقة بالنفس . ذلك الشعور الذي يملأ أمثاله . امثاله الذين لم يخلقوا وسيمين ، فيحاولون أن يخلقوا لأنفسهم تلك الوسامة . فهو رغم كل ما فعل ، كان دميما .. قبيحا جدا . كانت مثل تلك المشاعر إذا لاحظتها في وجهه ، أستطيع معرفة أي نوع هو ، وكيف يفكر ، وما هي اهتماماته . لكني لم أجد أي شيء من ذلك . التفت ونظر إلي نظرة محايدة لا تحمل أي شيء ، كانت الفترة التي التقت فيها نظراتنا ، فترة قصيرة جدا ، حاولت تضمين نظرتي له كل ما يجعله يبدي تلك المشاعر ، كنت متمرسا على ذلك النوع من النظرات ، ولكنها لم تجدِ معه . فحولت نظرتي إلى صور الوجبات في أعلى المطعم .


دهشتي ، حين رأيته ، لم ترجع إلى أني لم أرَ مثله من قبل . فكما قلت ، الشرقية تعج بامثاله . كانت دهشتي في أني أراه ، هنا ، في بريدة . وسبب هذه الدهشة ، ليس لأنه لا يوجد في بريدة متأنثين ، ولكن هو ان أولئك المتأنثين لم يكونوا يظهروا بهذه الصورة العلنية ، بهذه الجراة .


لم أكثر التفكير به ، إذ أن هذا الحبل من التفكير ، قام صوت الهندي بقطعه ، حين قال :
- زنجر ميل .. هنا صديق !

وأشار بالكيس الذي في يده ، رافعا إياه إلى أعلى . قمت من مكاني ، وأخذت الكيس ، فتحته لأشيك على الكاتشب . رفعت رأسي إليه وطلبت منه : زيادة عدد الكاتشب . وبعد أن أضاف كمية منه ، خطوت عدة خطوات إلى الباب ، في الوقت نفسه الذي كان يخطو فيه الشابان الذين يكلمان ذاك الأجنبي . فتح الباب أحدهما ، وخرج صديقه . وقفت انا امام الباب منتظرا خروج ذاك الذي فتح الباب ، الذي توقف بدوره . مع وقوفه ، علمت اننا سنبدأ مسلسل المجاملة ، بدعوة كل منا للآخر بأن يخرج أولا .

قلت له بحياد :
- تفضل ..
- اليمين أول .

قلت له ، وانا ابتسم :
- لا ، التسبير أول .

ابتسم بدوره ، ظل واقفا . علمت إصراره . أنهيت الموقف بسرعه عندما شكرته وخرجت .

لما خرجت ، توجهت لسيارتي . وكانا هما ورائي ، كانا يتحدثان . ما أن وصلت السيارة ، حتى تناهت إلى مسامعي تلك الكلمات :

قال أحدهما ، يحدث الآخر :
- عيّا يقضي هالعشا ... تقول : ذبيحة ..
قهقه الآخر ، وقال :
- وهالسوري ذا ، عيّا يخلص .. قرقرقر .. ما يبي يخلص .
قال الثاني وهو يفتح باب السيارة :
- قايلك ، لا تعطيهم وجه ... هذا اللي يجيك ..


كدت ، وانا أسمع هذا الكلام ، أن أتعثر .. أن أقع . تمالكت نفسي ، وارتسمت ابتسامة على وجهي ، هي للأسى أقرب منها للإستغراب . تذكرت دهشتي ، عندما رأيتهم وقوفا يتحدثون بكل أخوية . كانت صدمة ثالثة ، تلقيتها في أقل من عشر دقائق .


لما ركبت السيارة ، وتحركت عائدا لليت . مررت بجانب " ساكو " الذي فتح للتو ، حدثت نفسي ، بأنه لو فتح ألف سوق ومركز .. لن يتغيروا . كنت وانا أقول ذلك ، أتذكر مسلسل " يوميات مدير عام " وأتذكر تلك الأغنية " عوجا .. والطابئ مكشوف ... تي تي تيتي .. متل ما رحتي متل ما جيتي " .


كانت حالة من الكآبة والأسى . لم أعلم سببها ، فأنا في قرارة نفسي أنهيت كل علاقة لي مع هذه المدينة . وقتلت كل حنين أو شرارة حنين قد تنبعث فيّ لهذه الأرض ، التي نالت من سنيني خمس قرن . طلقتها ثلاثا ، ونفيتها من الوجود . ولولا ان أهلي بها لما رأت وجهي .


كان هذا الشعور ال الحانق ، لا يدل إلا على أنني .. ابن لها . ابن مهما فعلت ، ومهما تظاهرت ، لن أستطيع الإنحلال عنها . كانت تلك الفكرة تجعلني أشعر بالحنق على نفسي . كانت تلك الحادثة ، سببا كافيا ، لأن أعود بسرعة للجامعة . أن أهرب من مدينتي ، أن أبتعد عنها . فهناك من المدن .. كل ما تستطيع أن تفعله معها ، هو ان تفر منها .







التوقيع

ليس بالضرورة أن يكون ما سوى اللون الأبيض هو أسود ، فدعونا نؤمن ان ما لا نراه أبيضا قد يكون أحد ألوان الطيف ...

 
مواقع النشر
يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع
:: برعاية حياة هوست ::
sitemap
الساعة الآن 09:12 pm.


Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Alpha 1
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc. Trans by
موقع بريدة

المشاركات المنشورة لاتمثل رأي إدارة المنتدى ولايتحمل المنتدى أي مسؤلية حيالها

 

كلمات البحث : منتدى بريدة | بريده | بريدة | موقع بريدة