سلطان بن عبد العزيز رحمك ربي , بحق تواضعت فعلى ذكرك , ومن تواضع لله رفعه .
قال الله تعالى ( كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور ) آل عمران 185.
بقلوب مطمئنة أعلن الديوان الملكي نبأ وفاة ولي العهد الأمير سلطان بن عبد العزيز – يرحمه الله - فجر يوم السبت الرابع والعشرين من شهر ذي القعدة للعام ألف وأربعمائة واثنين وثلاثين من الهجرة النبوية الشريفة , لم يكن وقع الخبر سهلاً على القيادة الكريمة والشعب السعودي الوفي والأمة العربية والإسلامية جمعاء.
الأمير سلطان بن عبد العزيز – رحمه الله – شخصية فريدة جمعت الكثير من صفات الكبار والقامات الرفيعة , كان تواضعه - يرحمه الله - هو تاج تلك الصفات الكريمة , ارتبطت البسمة على محياه حتى مع أشد الظروف التي مر بها , ومع شدة المرض الذي كان ينهش بجسده الطاهر , إنها إرادة الله تعالى وقدره الذي لا مفر منه , ولعلها الدرجات الرفيعة التي ادخرها المولى له في جنة عرضها السموات والأرض نحسبه كذلك .
أحبتي الكرام : سار هذا الأمير المبارك في طريق الخير والعطاء في مواقف عدة لا تحصى , تحدث عنها العلماء والمسؤولون وعامة الشعب . أجمعوا على وصفه بأنه بحر من العطاء ومؤسسة خيرية تسير على الأرض , والرحمة المهداة للفقراء والمساكين , ولمسة حنان وعطف لذوي الاحتياجات والصعوبات الخاصة , وقلب نابض بالحب والتقدير للعلم والعلماء , ويد معطاء تبذل بسخاء .
خمسون عاماً كانت حافلة بالكثير من مسيرته العملية في وزارة الدفاع لا يغيب عن قواته المسلحة في مناسبات الأعياد يأتي ليتحدث معهم ويبث فيهم روح الفداء والقوة والدفاع عن حياض التوحيد والوطن , إضافة إلى نظرة و رأي سياسي محنك .
سلطان بن عبد العزيز – رحمه الله - مدرسة من الخلق الجم والتواضع الذي يأسرك فتنسى أنه الأمير وولي العهد , لكنه فضل الله تعالى وتوفيقه لمن يشاء من عباده ( إن أحبكم إلي وأقربكم مني في الآخرة أحاسنكم أخلاقاً ) .
لم يكن خبر وفاته يمر كما مر غيره بل تنادى الكثير إلى ذكر مناقبه وحسناته , وأنتم شهداء الله في أرضه كما ورد في الحديث , توقفت كثيراًُ عند قصص جميلة تجلي لنا جزءً من صفاته وتعاملاته حتى في آخر أيامه ذكربعضا منها معالي الشيخ سعد بن ناصر الشثري في البرنامج المباشر الذي عرضته فناة المجد الفضائية مساء يوم الأحد , ذكر معاليه أنه كان يتحدث مع الأمير سلطان - رحمه الله - عن بعض المرضى الذين أصبحوا قادرين على السجود فبكى الأمير سلطان متأثراً بهذه القصة والذي كان سبباً بعد الله تعالى في رعاية أولئك وعلاجهم على نفقته الخاصة , وذكر الشيخ الشثري أيضا كلمات كانت في آخر لقاء معه قال : يا شيخ سعد اهتموا بالصندوق هذا نلقاه بكرا , نعم يا سمو الأمير المؤمن تحت ظل صدقته يوم القيامة . أبشر أبا خالد فلن ترى إلا خيرا" – بإذن الله - من رب غفورٍ رحيم .
لهذا الأمير المبارك أعمال تحمد له وصفات يغبط عليها , كثيرون هم أرباب الأموال الطائلة والألقاب الرنانة , لكنهم قليلون عند النفقة والبذل والإحسان وسخاء النفس وكرمها وتواضعها , كثير هم الذين يفقدون وتندرس معالمهم وذكراهم , قد كانوا في الدنيا من علية القوم لكنها الأعمال الخيرة والصفات الكريمة والقامات العالية والهمم الرفيعة التي تنهض بهم وتحيي ذكراهم وما عند الله لهم أعظم وأكرم .
أبا خالد يوارى جثمانك الطاهر اليوم الثرى جعل الله قبرك روضة من رياض الجنة وأنزلك منازل الشهداء الصادقين وآنسك الله في ضريحك بأعمالك الصالحة وصدقاتك المباركة وأخلف على الوطن والشعب والأمة الإسلامية والعربية خيراً .
خادم الحرمين موقفك أثناء وصول جثمان الأمير سلطان ودعواتك الصادقة وعيناك التي امتلأت دموعاً وحزناً لفراق رفيق دربك وعضدك الأيمن في ظرف أنت أحوج ما تكون لابتسامته وتفاؤله وحديثه الماتع ورؤيته الثاقبة , لكنها الإرادة الإلهية جبر الله مصابك وأحسن عزاءك وألبسك ثوب الصحة والعافية , وجعل قي بقية إخوانه وأحفاده والأسرة المالكة الكريمة الخير والصلاح والعطاء .
أبا خالد إن القلب ليحزن وإن العين لتدمع وإنا لفراقك يا سلطان لمحزونون , رفع الله ذكرك في المهديين وأعلى مكانك في أعلى عليين وجعل في عقبك الخير والصلاح إنه سميع مجيب ..
أدام الله على بلادنا أمنها وإيمانها ووحدتها وتوحيدها ,, آمين .
وجهة نظر : تعيش قنواتنا وإذاعتنا هذا الأسبوع تلاوات قرآنية مباركة وتوقف لكثير من برامجها , يرى البعض أن هذا الأمر لا يناسب وهي وجهة نظر ورأي لأهل العلم احترمه , لكنني أقول إنها الفطرة السليمة من ملاك هذه القنوات والخيرية المستقرة فيهم , فلا تثريب عليهم ورسالتهم الإعلامية تجاه هذه الأجيال وما يبث فيها مسؤولية وأمانة عظيمة في تعزيز الأمن الفكري والحفاظ على تعاليم ديننا وعقيدتنا السمحة .
بقلم / أحمد بن سليمان السعيد
مشرف تربوي بتعليم القصيم
المشرف على مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني بالقصيم
صحيفة عاجل
العرض العادي
