القنينة والرداء الأحمر . .
هناك بعض الأقلام التى عندما أقرأ لهم أى شئ يخطونه ينتابنى إحساس غريب . . إحساس لا وصف له إلا أنه قد إستطاع أن ينتقل بي عبر الزمن حتى نصل لحقبة فلاسفة اليونان . .

دون قسم تلك الصورة التى ترون فيها ذلك الفتى اليافع ذو الرداء الأحمر والذي بادر سيده بقنينة "الماء" العذب البارد لعله يهدأ من هول الموقف الذى تعرض له عندما سرقت منه ملابسه فى لحظة عجز التاريخ ومؤرخوه أن يسطروها فى حروف ولكنها لم تُعجز فرشة رسام ماهر فى رسمها وصفها وتوصيفها حتى لكأنى أشعر فعلاً بإحساس مؤلم يكاد يخرج من فم ذلك النبيل وهو يحكى قصته لهؤلاء النبلاء الذين يتأوهون ألماً كما تتأوه الحبلى فى ولادة بكرها، وويالجمال تلك السبابة المرفوعة قسما بأنه لن يترك أرباب الطرق العفنة والزرائب المنتنة بأنه سيقتص منهم دون شفقة أو رحمة بأن يقطع أوصالهم بسكينة فاكهة فضية قديمة إستهلكتها خادمته الشمطاء العجوز حتى إعتزل نصلها العمل وأصبحت إرثا غير ذا قيمة إلا من طلاء الفضة المكسو عليها، وأنه سيشرب دمائهم مخلوطة بثلاث حبات عنب سوداء منزوعة البذور تماما كما سينتزع قلوبهم من صدورهم وهم أحياء يصرخون جراء تجرأهم على سرقة رداءه الحريري الفضفاض وقت السحر وهو جالس يسامر القمر فى البيداء وتركوا له قطعة قماش مهترءه ليغطي. . بس وراحت معيطه.
كلامي لا يعنى أى إنسان على التحديد ولا أرمي أى أحد بسوء ولكنى فعلاً ينتابنى شعور غريب بسبب طريقة ترتيب الكلمات وطرق إستحضارها والمعنى المراد منها حتى أننى أقرأ مرة وأثنتان بل ثلاث مرات متتالية لأفهم يوماً ماذا يريد أن يقول هؤلاء لأننى سئمت الشعور بأننى قنينة فى تلك الصورة وأتمنى أن أكون يوما من نبلاءها لأشاركهم الحديث.
أيضاً رسالتى إلى هؤلاء إستمروا فى نهجكم الجميل فأنا وإن كنت مازلت فى مرحلة القنينة إلا أننى أستمتع جداً كلما رفع تلك السبابة لتخط حروفاً تغير بعض من واقع عالمنا وتأخذنا لعوالم أخري قرأنا عنها ولم نراها.