(1)
يمانيون ..
كلمة طيبة الأصل عظيمة الفرع ..
كلمة تحمل في طياتها الكثير والكثير ..
أنت يمني .. ؟!!
يكفيك هذا الانتساب وإن عدمتَ كل شيء ..
يا قوم أنا لا أبالغ البتة ..
هي حقائق سطرها التاريخ وبثها .. قبلها الواقع وأذعن لها مع أنه لا يقبل إلاّ العلم التجريبي ..
ليست نظرية إذاً , بل حقيقة مجربة فدونكموها ..
(2)
اليمانيون أهل الحضارة ..
يحكي لنا التاريخ في ثنايها أن أهل اليمن من أوائل من شيد الحضارات .. وعمل على المحافظة عليها وحضارة السبئيين والحميريين وغيرهم ما زالت شامة على جبين التاريخ يستزيد منها عطشى الحضارات ..
وما أخالك تخفى عليك حضارات اليمن الأخرى فإنما ضربنا لك مثلا ..
(3)
اليمانيون كالغيث ..
شاء الله أن أن تهدم سد مأرب "ثدي اليمنيين" .. حينها لا مناص من الهجرة .. حتى تحين العودة ..
كأنهم ظنوا غضب الله حل بديارهم .. وما كان إلاّ درس المعاتب لهم أن عودوا ..
حملوا على الرحيل ليتفرقوا في البلدان .. وهناك ما وقع ..؟؟
لقد بنوها حضارات وأصبحوا مع تقلب الليل والنهار أسياد تلك الأماكن ...
أما إنهم لم يأخوها عنوة ولم يسودوها جبرا... بل بما قذف الله في قلوب الخلق من مهابتهم وحبهم ..
فهل ترى من أصحاب البلدان من جمع الله له الهيبة والحب.. !!-
فأسلموا لهم السيادة - وهل يملكون إلاّ ذاك - .. و قد سمعت كيف سادوا ...
إنهم كا الغيث أينما وقع نفع ..
والسيل حرب للمكان العالي ...
(4)
اليمانيون أهل بأس وحكمة ..
لقد أحاطت المخاطر بهم بإلقاء الهدهد رسالته .. وهنا ينقسم الرأي
ما بين ذي بأسٍ وذي حكمة ...
غير أن الله قد كتب لهم ما كتب .. وهل الخير إلاّ ما اختاره الله ..
وهنا يعرفهم الله بنبيه سليمان عليه السلام لتلتقي الحضارة بالوحي .. وكان ما سطره لنا الكتاب العزيز
(5)
اليمانيون أهل نخوة ..
فما يتركون أرضهم تستباح ولا ديارهم تنتهك .. بل يذودون عنها وإن فقدوا أنفسهم فداء ذلك ..
يحكي لنا التاريخ مقارعتهم للحبشيين ومن ثم للفارسيين ..
وربما أستعانوا بغيرهم لضعفٍ طارئٍ وهذا حال الدنيا غير أنهم لا يرضون بالبقاء .. أفهمتم : " لا يرضون بالبقاء " .. !!
(6)
اليمانيون والنصرة للرسول ..
لقد رفض رسولَ الله صلى الله عليه وسلم القريبُ والبعيد وهجره الصاحبُ والحبيب ..
تأمل معي ... ورسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف على القبائل : من يحميني من يمنعني أبلغ رسالت ربي ..
يقطع البلاد بقدميه الشريفتين ..
لتتباين عندها القبائل فهذا يشترط الملك بعده .. وهذا يرده بتذاكي ... وهذا يخاف قريشا .. وأهل الطائف رجموه حتى أدموه بأبي هو وأمي ونفسي ..
حينها يتكئ على حائط هناك ودمه يسيل وقلبه يتفطر ألماً ليسدح بتلك المناجاة الخالدة ...
" اللهم إليك أشكو ضعف قوتى وقلة حيلتى وهوانى على الناس يا أرحم الراحمين إلى من تكلنى إلى عدو يتجهمنى أم إلى قريب ملكته أمرى إن لم تكن ساخطًا علىَّ فلا أبالى غير أن عافيتك أوسع لى أعوذ بنور وجهك الكريم الذى أضاءت له السموات وأشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة أن يحل علىَّ غضبك أو ينزل بى سخطك لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بك "
وهاهي الإجابة تنزل معلنة له باب منعة قوي : الحق باليمانيين ...
هناك ...
بين الحرتين يقطن المهاجرون اليمانيون ليهبوا لنصرة هذا النبي ..
ويستوثق العباس لابن أخيه : أتمنعوه ... أو تتركوه لنا فهو في منعة عندنا – ولمَ أٌدميت قدماه إذاً – لتُعطف يد العباس ..
ما هو الجزاء ... قال الجنة .. وهل يرضى اليمانيون غيرها جزاء ..
ليعلنها من هنالك رسول الله صلى الله عليه وسلم دولة له .. وهم الجنود ..
(7)
اليمانيون يكرمون الضيف ..
هاهي جموع المهاجرين الفارين من أذى قومهم تتوجه صوب المدينة إلى اليمانيين " الأنصار " ليتقاسموا اللقمة معهم ..
هل رأيتَ من أكرم ضيفه كهم .. !! ؟
لقد قاسموهم الدار والضياع والمال .. وهاهم يخيرونهم ما أرادوا من النساء لتترك فيزوجونهم ..
يا لله من كرمٍ تصاغر عنده كرم حاتم ... !!
(8)
اليمانيون يفطنون للتعريض ..
يخرج رسول الله لملاقاة الكفرة في بدر – من أخرجوه من داره وأصحابه – وكان المقصد أولاً أن يأخذ القافلة من يد أبي سفيان ..
بيد أن القدر قد نسج خيوطه لتلتقي الأسنة وتتلقح الرماح ..
هنا يذكر المعصوم صلى الله عليه وسلم – وهو من يعرف العهود ويحفظها – يذكر أنه إنما كان الاتفاق بينه وبين اليمانيين " الأنصار " أن يمنعوه في دورهم .. وهاهو قد خرج ليتلقف قريشا ...
جمع أنصاره وصدح فيهم : أشيروا عليَّ أيها الناس ..
ليُشير عليه سواهم .. وكأنهم قد أوكلوا أمرهم إليه فلمَ الاعتراض ..
يكررها الرسول : أشيروا عليّ أيها الناس ..
وهنا يقوم اليمانيون : " إيانا تريد يا رسول الله والذي نفسي بيده لو أمرتنا أن نخيضها البحر لأخضناها ولو أمرتنا أن نضرب أكبادها إلى برك الغماد لفعلنا "
إيهٍ من جوابٍ
بعض الكلام يا رجال حرائر ... والبعض يابن الأكرمين إماءُ
سُر البشير لقولهم ..
ليدعو لهم بالنصر ويبشرهم به .. وقد كان ...
(9)
اليمانيون والفتوحات
لعلك تقلب فكرك في التاريخ قليلا لتعلم من أهم أبرز قادات الفتوحات الإسلامية بشقيها
الفتوحات التي كانت بالسنان والحِرَبِ والمجالدة ..
أو تلك التي باللسان والبيان ولين القول وحسن المجادلة ..
هم خيرة الأولى وأهل الثانية ..
ولو شئتُ لبسطت لك من الأمثلة ما يشفيك غير أني أخاطبك وأعلم أنه لا يخفى على مثلك التاريخ وإنما أخذتك العصبية وأعمتك .. فإن خفي عليك قولي فسلني أو فسل الدنيا تخبرك بماضينا ...
وبعد ... وما زلنا في مبتدى الأمر .. هل تنكر مما سطرتُ شيا .. ؟؟!!
يا قوم .. يا قومنا .. يا دنيا .. يا عالمون ..
نحن اليمانون وإن غيبتنا قلة ذات اليد .. فما هي والله مفتاح الكرامة ولا أصلها .. فإنما هي لعاعة وعَرَضُ وقد أخبرنا حبيبنا ذات يوم أننا سنلقى أثرةً بعده ..!!
غيبتنا قلة ذات اليد ونحن معشر نأبى أن تذلنا بطوننا " إنّ الحرة لا تأكل بثدييها " .
ربما أسلمنا الزمان إلى غير بصير .. غير أنها دول وتعود الأمور لغرزها ..
فإن السيادة تعشقنا ..وهل رأتْ من ساد مثلنا ..
نحن اليمانيون يا طه تطير بنا ... إلى روابي العلا أرواح أنصار
إذا تذكرت عمـــــاراً ومبـــدأه ... فافخر بنا إننا أحــفــاد عمــــار
بقلم :
" بذاتي "