[align=justify]

يمر بنا قطار العمر سريعاً حاملاً بين طياته العديد من الذكريات
بحلوها ومرها وبشقائها وبسعادتها ..
الأرواح تموت
الصغير ينمو
والكبير يهن ويضعف
والغني يُعسر
والفقير يتجر
وكل شيء يتبدل
هكذا هو سيناريو الحياة المتكرر على كل البشر !
وتبقى ( الذكريات وحدها حيّه لاتموت ثابتة باقية وإن تراكم عليها غبار السنين )
حتى الجروح الدامية وإن سالت تضل من أجمل وأروع الذكريات 
دعوني أذكر لكم حادثة أيقنت بعدها أن للجــروح ودمائها بصمات تبقى ثابته رغم الألم
ربما لأنها أتت خلف عمل نبيل وتضحية تنم عن محبة أكيده بروح البراءة النقيه
( براءة الأطفال التي لاتكذب )
ابن عمتي صالح الذي يصغرني ببضعة أشهر جمعت بيننا أيام الطفولة البيضاء
كان جدي العزيز( أطال الله في عمره ) دائماً مايُرهبنا بذكره للرجل المدعو ( أبو فروة )

حتى إننا بتنا نراه كابوساً أسود يطاردنا جُل أوقاتنا ,, خاصة إن خرجنا نقضي بعضاً من أوقات لعبنا في شارع المنزل ( منزل الأجداد ) مع بقية أشقائنا الصغار ,,
ذات يوم ., وياله من يوم
يوم كدنا أن نفقد فيه أرواحنا من خوف عظيم تكدس في قلوبنا الصغيره
طلب مني الشقي صـالح أن نذهب سوياً إلى ( البقاله ) وكانت تبعد عن المنزل بمسافة ليست بالطويلة
ومن ( قرادتي ) وافقته الرأي وشجعته على تلك الفكرة بمباركة من أحد شقيقاتي الصغيرات
ذهبنا نحن الثلاثة إلى البقاله ,, متناسين كابوس ( أبو فروه ) وشبح ذكراه ,,
أثناء المسير خُيل لنا أن أحداً يترصد لنا باغياً إختطافنا والإخلاء بنا 
عندها صحت بـ أعلى صوتي ( أبو فروه أبو فروه )
هربت أختي مسرعه ( نذله ) 
بقيت أنا وصالح نبكي ثابتين في مكاننا >< مامن شجاعه 
بعدها هممت بسحب يدي صالح وأراه ثابتاً دون حراك ( طاقته أم الركب الذروق )
سقط صالح أرضاً وأنا مُمسكة بيديه محاولة إنقاذه والهروب به سريعاً ,,
لم أعرف حينها لطفاً ولا لين
سحبته على عجل بعد أن تمرغت ركبتيه على تلك الأرض السوداء مُخلفة وراءها أنهار من الدماء الحمراء والعميق من الجروح
وحتى وجهه الصغير لم ينجو من تلك الجروح
عدنا إلى المنزل بسلام ,, بدموعنا وبرهبتنا ,, وبدرس كبير تعلمناه ( أن لا نعصي كلام الكبار ولو بعد حين )
مر بنا قطار الحياة سريعاً ,,
وغفلنا عن تلك الحادثة ولكن الذكـرى البريئة لم تغفل عنها وعنّا ,,
كبرت أنا
وكبر صالح ,, وكبر معه جرحاً عمّقته يداي على ركبتيه وعلى الجانب الأيمن من وجنتيه
يقول صالح لوالدته ,, في كل اسبوع أجلس على كرسي الحلاق وبعد ماأنتهي من حلاقتي أبدأ أتفقد ملامح وجهي بالمرآة وأمر على تلك البصمة الثابتة على وجنتي
وأتذكر ابنت خالي الحنونه ,, وأتذكر ذاك الرجل المرعب ( أبو فروه )
وتنطلق على مُحياي تلك الإبتسامة العريضة في كل مرة أمرُ فيها على هذا الجرح
متذكراً ذاك اليوم العصيب والذي أعُده من أروع البصمات الذي خلفها ماضي طفولتنا الجميل !
* أتسائل في نفسي:
ماذا إن أتت زوجة المستقبل لصالح ورأت تلك الجروح على ركبتي زوجها .. و وجهه وعلمت أنها بسببي
حينها هل سينفعني الأسف 
أم سيشفع لي ذاك الموقف النبيل مع زوجها الذروق 
( خلاصة )
( الذكـريات )
أياً كانت
سعيدة ,, أم غير ذلك
بكل أحوالها تبقى حية ( لاتموت ) ولا ( تذبل )
[/align]