أهم ما يطور المجتمعات هو النظام السائد فيها , فلا تطور وحضارة في ظل الحكومة القهرية , وفي ظل غياب الحكومة المركزية كذلك , فالنظام المنضبط أساس لا بد منه .
من يتأمل في حال العلماء بدءًا من فتنة خلق القرآن زمن أحمد بن حنبل في عهد الدولة الأموية – وحتى اليوم - يعلم أنه بإزاء عالم قد انشغل بالرد على النصارى , ورفض ما يحدثه الزنادقة والملاحدة وقتذاك , ولو أنصف هذا العالم ومن معه لانبروا إلى تصحيح الملك العضوض بدلاً من الانشغال بمسائل لا تستطيع أن تثبت لو انصلح النظام .
إن العلماء – حتى اليوم – وهم مشغولون في الفتاوى , وفي أمور حياة الناس من حيث تطبيق الشرع من عدمه , ولعمري إن هذه الجهود التي يقومون بها ما هي إلا فتات ما أمروا به , فمن المعلوم أن تطبيق نظام الشورى أو ما يعرف بالبيعة خليفة للمسلمين هو من أجل أعمالهم , ولله درّ عمر بن عبد العزيز حين لم يقبل الخلافة حتى قال كلمته الشهيرة من أنه قد رضي به خليفة من البيت الأموي دون الناس , فكان أن بايعه الناس راضين .
لا يزال العلماء في صورة شائهة حول النظام الذي يتغاضون عنه حتى اليوم , ولست أدري كيف يكون أمر البيعة المعطلة اليوم حين يسألون عنها يوم تعرض أنفسهم على الله !