هل يمكن حراسة الفضيلة؟
أمل زاهد
لا أملك حين أقرأ عن صولات وجولات الهيئة، وكرها وفرها، ونفيها وإنكارها، ومطارداتها وحوادثها، إلا أن أتساءل هل يمكن حراسة الفضيلة؟! وهل الفضيلة ترتبط فقط بعلاقة الرجل بالمرأة والخلوات غير الشرعية؟ وهل الفضيلة المفروضة بالوصاية والخوف من (جيمس) الهيئة فضيلة حقيقية؟ أم أنها فضيلة مزيفة فرضت بالجبر وليس للإنسان فضل حقيقي في اختيارها؟ وألا يمكن أن يجد من يريد العلاقات غير الشرعية آلاف الوسائل والطرق بعيدا عن الرقيب والحسيب؟! وأليست هناك علاقات مثلية ( شذوذ ) آثمة في مجتمعاتنا لا يمكن بأي حال من الأحوال القبض عليها وهي متلبسة بخلوة غير شرعية؟! وألا يجب أن يعتبر التدليس والغش والفساد الإداري والظلم والمحسوبيات والواسطات انتهاكا لهذه الفضيلة التي يجب ويتحتم على مجتمعاتنا الفاضلة القيام بحراستها؟!
وقائمة الأسئلة التي يتناسل بعضها من بعض حقيقة لا تنتهي!! بل أجد عقلي - المشاغب - لا يلبث أن يلقي عليّ مزيدا من الأسئلة.. من نوعية هل للفضيلة تقاسيم وملامح مادية محددة نستطيع أن نحكم بها على شخص فنقول إنه فاضل أو على آخر فنجرده من تلك الصفة؟ّ! أم أن معناها المجرد والمتسع الآفاق أكبر من أن تستوعبه تفاصيل شكلية تعتبر في مجتمعنا مقياسا للفضيلة..
كالتزام المرأة بالنقاب وتغطية الوجه ولبس القفازات!؟ أو حرص الرجل على تقصير الثوب وإطالة اللحية أو الالتزام بأداء صلاة الجماعة في المسجد؟! وهل هذه المظاهر الشكلانية وحدها كفيلة بأن نصدر صك براءة نقول فيه للإنسان أنت فاضل؟! ثم ليظلم ما يشاء، وليغش ويدلس ما يشاء، وليبتعد عن قيم الدين الجوهرية ما يشاء، فليس هناك رقيب عليه ليحقق تلك القيم، وهو لم يتعود إلا وجود الرقيب ليفعل الخير ويحقق الفضيلة!!
سؤال آخر - لا يلبث أيضا أن يقفز إلى تلافيف عقلي وأحاول جاهدة إخراسه - يقول: هل يُحكم على شخص اضطر إلى إيصال امرأة ليست محرمه - لأي سبب من الأسباب الضرورية - بأنه شخص غير فاضل؟ وهل من الممكن أن يصنف خروج المرأة مع سائقها أو مع أحد الأقارب غير المحارم خلوة غير شرعية أو مضادة للفضيلة؟! وإذا كانت المرأة التي تخرج مع زوجها معرضة للمساءلة والتشكك والإيقاف على الظن فما بالنا بتلك التي تضطرها الظروف إلى الخروج مع غير المحرم من الأقارب؟
أعزائي القراء: الفضيلة لا تكون فضيلة حقيقية إلا إذا أختارها الإنسان دون جبر على انتهاجها، وإذا فرضت الفضيلة فستكون عرجاء كونها تلغي قيمة الاختيار الذي كرم الله تعالى ابن آدم وشرفه به. و الفضيلة المفروضة بالعصا وغير المبنية على قناعة داخلية تحرض على الازدواجية والنفاق، فيمارس المجبر عليها كل الرذائل إذا ما غابت عنه عين الرقيب، ولنا في ممارسات كثير من السعوديين في السفر خير دليل على ذلك. كما أن الإنسان الذي يربى على الوصاية والإجبار على الفضيلة ينشأ ومناعته الداخلية معدومة، وقلاع حصانته الأخلاقية متهالكة ولا تلبث أن تنهار مع أول هبة ريح تضعه وجها لوجه أمام الاختيار بين الفضيلة والرذيلة!
وعودا على بدء هل يمكن أن نحرس الفضيلة ؟! أم أن الأولى بنا أن نغرسها
ونربيها ونتعهد ها ونرعاها، ثم يترك الإنسان ليختارها بكامل وعيه وإرادته، وهو
لابد فاعل حينما يدرك معنى الحق والخير والجمال!
الموضوع مطروح بشفافية!!!ولي عودة