[align=center]
من تأمل في التأريخ وسبب انفجار الأزمة في عهد عثمان بن عفان – رضي الله عنه – زمن الفتنة التي انتهت بمقتله ؛ سيجد أن هذا الانفجار حاصل لا محالة , سواء في عهده أو بعده , لذلك نجد أنه انتبه لذلك عمر بن عبد العزيز فأوقف الفتوحات , ذلك الانفجار أدى إلى تحول الإسلام من دين شورى وعدل إلى دين ملك , وما كان يعرف الإسلام الملك وإنما الشورى فحسب .
في الدولة الأموية نجد أن خلفاءها يحرصون على استتباب الأمن بالقضاء على الفتن ولو كانت الطريقة مخالفة لشرع الله , نجد ذلك في موقعة الحرَّة في المدينة التي استبيحت لثلاثة أيام قُتل فيها أهل المدينة شر قتلة , بينما نجد أهل الحديث يبثون أحاديثهم ضد الحاكم الظالم في أوساط الناس لاسيما الفلاحين وغيرهم , حتى جاء ولاة كما الحجاج بن يوسف ومن قبله زياد بن أبيه , فراحوا يقتلون بالظِّنة بلا رحمة .
في الدولة العباسية نجد الأمر كما هو عليه , فحق الدولة البحث عن الأمن ولو كلف الأمر قتل الناس جميعًا , فلا ثورة لمظلوم ضد الدولة , ولا مشاحة في إفزاع الناس , لذلك نجد الازدواج في شخصية الحكام ظاهرة معروفة , فهذا خليفة يعظه الواعظ في الصباح فيبكي , فإذا جاء الليل نادى بالجواري وبالمغنين فرقصوا حتى بزوغ شمس الغد .
إن الجمع بين الدين والدولة بعد الخلافة الراشدة أشبه ما يكون بالجمع بين الماء والنار , فالدولة الحديثة تقوم على أساس القهر والغلبة , وفرض السلطة بالقوة , بيْنا الإسلام ونظامه ليس كذلك , وإنما العدل والمساواة في كل شيء , فالدولة تريد مصلحتها ولو خالفت المنهج الإسلامي .
في بلادنا نجد أن السياسة الخارجية ليست بأكثر ألمًا من السياسة الداخلية , فالولاء والبراء معدومان في التعامل مع الدول , كما أن سياسة الداخل يشيع فيها تلك الفتاوى من المفتي العام للدولة , فالدولة تقر - مثلاً - يومًا للوطن , والمفتي ينفيه , وغير ذلك كثير .
مشكلة الناس أنهم لا ينظرون إلى نظام الدولة نظرة كلية , وإنما ينظرون إليها نظرة جزئية , فإن هي طبقت بعض الأحكام الإسلامية على مواطنيها ؛ تغاضى الناس عن توجه الدولة في كبائر الأمور , فانظروا إلى تلك المخالفات الإسلامية التي يتبعها نظام الدولة الآني , ستجدون أن الدين والدولة لا يجتمعان , وإن اجتمعا في زمن ؛ فإنهما سريعًا سيفترقان .[/align]