أخي بدر 1 , السلام عليكم ............
حين كنت أسمع عن بعض الصحفيين ومدى تحريفهم للكلم عن مواضعه لم أعِرْ هذا السماع اهتمامًا ؛ ذلك أني
أفتقر إلى الدليل القاطع الذي يجعلني أصدق زعم هذا السماع , إذ لو كنت قد وقفت على الموضوع الذي أتهِموا فيه لكنت أول من
يصدق أو يكذب انطلاقًا من هذا الدليل القطعي , أو قرأت عنه في كتاب معتد به .
أخي الكريم الصحفي ( حسين الحربي ) أؤمن أنه من ذ ياك الوادي الذي يتهمه الناس بتحريف الكلم عن مواضعه ؛ ذلك أني
شاهد في تلك الندوة ولم أبرح مكانها حتى انقضت وانفض سامرها , فلم يكن الأمر كما وصف , بل زاد من عنده وأنقص , وعبث بما
يسهل على الناس تكذيبه , وإني لآسف على جنوحه الجلي للأخ خالد الزعاق , ذلك أن الندوة مسجلة على شريط فيديو يحتفظ به
النادي , كما هو الشأن في جميع الندوات والمحاضرات بل وورش العمل , فإني عضو فيه وأعلم من أمر النادي ما لا يعلم , هذا
الشريط بإمكان الشخص – أي شخص – أن يقوم بزيارة للنادي ويطلب رؤيته بل نسخة منه , حينها يحكم بنفسه هل صدق أخي
حسين الحربي أم لا ؟؟
أما بعد :
فإني سأتحدث من منطلق الصدق الذي أعتمد عليه , وليس كما يذهب في القول الأخ حسين , وذلك لسبب وجيه , وهو أن
الدليل في حيز النادي , سهل التناول , وقريب المأخذ .
كنت مشرفًا للإعلام التربوي منذ ثلاث سنوات , فكان أن صدر قرار من وزارة التربية والتعليم يقضي برجوع كثير من
المشرفين التربويين إلى الميدان , إما مديرًا لمدرسة , أو وكيلاً , أو أمينًا لمصادر التعلم , فكنت ممن رجع إلى الميدان , كان
الاختيار قد وقع على مجمع الأمير سلطان للمتفوقين , حينها قابلت الأخ خالد الزعاق في المجمع , فناقشته في شأن كلمة (
جميل ) التي يطلقها بعض المهتمين بعلم الفلك على الكسوف , وكيف أنه طبع نظارات خاصة ليرى فيها الناس ذاك الكسوف , كان
قد كتب على النظارات عبارة ( الكسوف من المظاهر البديعية . . . ) .
ناقشته في المزلق العقدي الذي هو واقع فيه , ذلك أن الرسول – صلى الله عليه وسلم – قال : ( الشمس والقمر آيتان
من آيات الله يخوف الله بهما عباده , وإنهما لا يكسفان لموت أحد ولا لحياته , فإذا رأيتم ذلك ؛ فادعوا الله وكبروا وصلوا حتى يكشف
ما بكم ) , وفي رواية أخرى أنه كان يحمر وجهه ويصفر من هذا التغير , وإن رداءه ليسقط خوفًا من على منكبيه فيجره بيده , وفي
قول لعائشة – رضي الله عنها – أنه إذا رأى الكسوف كان يروح ويجيء خوفًا وهلعًا .
كان نقاشًا طويلاً ,لم يقتنع الرجل , كان نقاشي مبنيًا على نص واضح وصريح , مفاده أن الرسول يهرع إلى الصلاة لحدوث
أمر الكسوف الذي يستدعي التخويف , ويأمر فيه بالدعاء والتكبير والصلاة , وأنتم تصفونه بالجميل , بل تطبع أنت تلك العبارة على
نظارات لكي يشاهد الناس مظهرًا بديعيًا !!
كان جوابه أنه لم يذكر كلمة جميل في أي صحيفة , أما شأن المظهر البديع فإن الله يقول ( وزينا الدنيا بزينة
الكواكب . . . الآية ) , فذكرت له أن هذه الزينة في حالة مشاهدتها على طبيعتها التي خلقها الله عليها , أما وقد اعتراها من أمر
الله ما اعتراها فقد أصبح الأمر تخويفًا استنادًا إلى الحديث الشريف .
لم ألبث كثيرًا حتى رأيت في تقويمه الذي أعده – وهو موجود لدى الكثير منكم – عبارة ( في سنة كذا سيحدث
كسوف ( جميل ) .... ) لم أراجعه فيها , بل فضلت التوقف لسبب وجيه , وهو أنه كان حادًا في النقاش كأشد ما تكون الحدة ,
بمعنى أن صوته يعلو صوتي بمرات , فنصحني أحد المشرفين بغض الطرف عن المناقشة بحجة أنني قد بلَّغت , هذا الأمر معلوم
ومشهود لدى ثلة من المشرفين , فمن أراد أن يتأكد فعليه بزيارة خاطفة إلى المجمع واللقاء بأحدهم .
لعلي لا أبتعد عن الصواب كثيرًا إذا قلت إن كلمتي ( جميل ) و ( مظهر بديعي ) ومن كان على هذا النحو مستقى من
بعض الكتب الغربية المترجمة , أو من النصارى اللبنانيين المهتمين في علم الفلك , فيجد القارئ المسلم نفسه
تأخذ بقولهم من غير إخضاعه لموقف الإسلام منه .
هذه الحدة لم تفارقه في الندوة التي تحدث عنها أخي حسن الحربي , فقد كان صوته عاليًا , بل يستخدم يديه في
توضيح ما يقول , كان كثيرًا ما يقاطعه المقدم للندوة الدكتور محمد الخراز , فيصر على المواصلة بحجة أنه يريد توضيح أمر مهم .
في بداية الندوة كنت قد كتبت في ورقة العبارة التالية ( مداخلة / أحمد المهوس ) , فكان أن أذن المقدم لبعض
المداخلين , حتى إذا قارب الوقت على الانتهاء ذكر أن هناك دقيقة للأخ الزعاق ثم كلمة لرئيس مجلس النادي ثم الختام , علمت
حينها أن الذين يريدون المداخلة ولم يؤذن لهم كثر , فأيقنت أنه لن يسمح لي بالمداخلة .
حين تحدث الأخ خالد في هذه الدقيقة أعاد حديثه الذي استفزني به , وهو كالتالي :
1 – علم السلف لهم , ونحن نريد فقهاء جدد يخرجوننا من هذه المشكلة !
2 – هناك تناقض , حيث يؤخذ بالحساب الفلكي في توقيت الصلوات ولا يؤخذ ببداية الشهور .
3 – يرفع صوته قائلاً وبحماس شديد : نحن في مشكلة ( ويهز بيديه كلتيهما حتى كادتا أن تضربا المنضدة ) القنوات الفضائية تعرض
هذا , والصحف تتحدث عن هذا .......... .
حماسه المبالغ فيه جعلني أقاطعه بقولي الحاد ( يا أخي , لا تخلط بين الصلاة وبداية الشهور ..... ) المقدم الدكتور
محمد الخراز قاطعني قائلاً ( يا دكتور أحمد المهوس , لعلك تدع المحاضر يتحدث , لكن تعال هنا إلى المنبر , تعال تعال ......... )
ثم قمت إلى ما كنت أريده .
كنت قد حاضرت لعام كامل في جامعة القصيم على هيئة التعاون , فلم أحبذ الانتقال الكامل لعدم وجود وظيفة
محاضر , بل معيد , كان يعلم حينها أني حاصل على الماجستير , فظن أنني أخذت الدكتوراه فهو ينعتني من منطلق هذا الظن
الحسن , أو مجاملة باعتبار ما سيكون , إذ إني ماض في أخذها بعد توفيق الله , فقد ذهب الكثير وبقي القليل .
حين اعتليت المنبر قال الزعاق رافعًا صوته مخاطبًا الحضور: انتبهوا ! ! أنا لم أقل إن الحساب هو الأصل , بل العين
المجردة العين البصرية ( ويشير إلى عينه اليمنى حتى كاد إصبعه يدخل فيها ) فهذا تحول جديد منه , واعتراف صريح منه بتراجعه
عن أقواله منذ أن بدأ بالحديث في بداية الندوة .
بدأت بالحديث قائلاً : اعتذر للجميع عن هذا التصرف , ولكن الأخ خالد اضطرني إلى هذا . كانت النية عندي أن أتحدث
بالمداخلة التالية :
1 - إن استدلاله بآية ( الشمس والقمر بحسبان ) وآية ( لتعلموا عدد السنين والحساب ) استدلال خاطئ , ذلك أنه عائد إلى حديث
( صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته ..... الحديث ) ذلك أن القرآن قد يفسر بالقرآن , وقد يفسر بالحديث , وقد يفسر
بغيرهما , وهذا من تفسير القرآن بالحديث .
2 – إن من طالب بفقهاء جدد فقد جهَّل علماء اليوم وعلماء الأمس , وابن باز يقول : من اعتد بالحساب الفلكي في شأن الأهلة فقد
استدرك على حديث الرسول – صلى الله عليه وسلم - , وابن باز من المعاصرين فهو من الجدد , فلـمَ يبحث عن الرخص التي
توافق هواه ؟ !
3 – قوله إننا في مشكلة , قول خاطئ , ذلك أن من عادة القنوات أن تتحدث عن هذا عند بداية شهر رمضان من باب التوقيت , أما
الصحف فاسألوه لِـمَ يكتب في الأسبوع الأول من بداية رمضان وعلى ثلاث سنوات متتالية في الصحف عن شأن الأهلة ؟! إنه يثير
الموضوع هو وغيره من المهتمين في الفلك ثم يقول : نحن في مشكلة .
4 – إنه يجبرنا على الأخذ برأيه عنوة وغصبًا , بينما أعجبني الدكتور فهد حين ذكر في بداية الندوة أن الغرض من هذه الندوة عرض
الرأي وليس التعصب في الرأي , فلـمَ يتحمس هذا الحماس ويشعرنا أننا فعلاً في مشكلة ؟!!
لكن للأسف ؛ لضيق الوقت لم أستطع أن أتحدث عن رقم ( 2 ) , فقد قاطعني المقدم كثيرًا ....
لقد وصل بنا الحال إلى اتهام الشهود , حيث كتب أحدهم في جريدة الوطن : شهاد الزور يؤخرون رمضان يومًا
واحدًا .........
انظروا إلى هذا الاتهام الخطر في المحتسبين للأجر !!
أما شأن توقيت الصلوات فقد غفلت عن التعقيب عليه , لكن الدكتور فهد اليحيى ذكر أن التوقيت للصلوات بالشمس وليس بالقمر
لقوله تعالى ( أقم الصلاة لدلوك الشمس ) .
ثم إن تقويم الأخ الزعاق قد صدر فيه تعميم من وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بعدم الأخذ به , لأن فيه مخالفة
لتقويم أم القرى , وتأكدوا من هذا بسؤال إمام المسجد أو المؤذن أو بالاطلاع على التعميم , فقد وجد فيه تأخير لصلاة الفجر
بخمس دقائق .
منذ بدأ وهو حاد إلى أن انتهى , وليس بصحيح أنه حافظ على هدوئه بعد مداخلتي , ذلك أن المقدم مباشرة أعطى الوقت للدكتور
محمد اليحيى ثم طلب المقدم رئيس مجلس النادي ليختم اللقاء , أي أنه ليس هناك فرصة ليعبر عن حدته أو هدوئه أصلاً .
لـمَ يكذب أخي الصحفي هكذا ؟! دونكم الشريط في النادي فتحققوا بأنفسكم مما قلت , سامحه الله فقد مال كل
الميل إلى هوى في نفسه .
لعل مما يدلل على حدته منذ البداية ذكره أننا نعيش في زمن المتناقضات , حيث ذكر أننا نعتد بالتاريخ الهجري بينما
الميزانية بالتاريخ الميلادي ! فما علاقة هذا بذاك ؟!
على أن ما دفعني إلى هذا الفعل حدته في الندوة , وذكره بأننا بحاجة إلى علماء جدد , فلقد اشطت غضبًا منه , وغيرة على
علمائنا !!!!!!!!!!!
إن ليبيا الآن ومعها المغرب قد عرفت بداية رمضان والعيد لخمس سنوات قادمة , وذلك من خلال الحساب الفلكي , فإذا
أخذنا به نحن ؛ فإنه سيأتي يوم لا نعتد بحديث الرؤية التي أقرها الشارع الحكيم , إن الرسول – صلى الله عليه وسلم - لا ينطق عن
الهوى , ومهما يكن من اختلاف في بداية بعض الشهور , فإنه وارد ولا لبس فيه , وليس بصحيح أن الغرب أفضل منا , ذلك أنهم لا يملكون
نصًا صريحًا من رسول الهدى كما نملك نحن .
الحوار الهادف جميل , ولكن حين يكون من تحاوره غير معتد بلزوم الهدوء , ومحاولة الإقناع بالتي هي أحسن ؛ فإنك قد تُعذر إن ملت
إلى ما قد تجبرك نفسك عليه .
آمل أن يكون أخي خالد أكثر دقة فيما ينادي به , فإننا لا نزال ندعوه ابن بريدة البار , ونتمنى له كل توفيق ونجاح .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..............