
قال الله تعالى : { مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ } . ( العنكبوت :41 ) .
قال العارفون : إن في هذه الآية إعجازا علميا ..
فـأولا : جاء التعبير بصيغة المؤنث في كلمة ( اتخذَتْ ) ، و قد أثبت العلم الحديث أن الأنثى ـ و ليس الذكر ـ هي التي تقوم بصنع نسيج البيت .
ثانيا : وصفت الآية الكريمة بيت العنكبوت بـ ( الـوَهَـن ) و هو الضعف ، و قد كشف العلم الحديث أن العنكبوت الأنثى تسارع إلى قتل الذكر بعد انتهاء عملية التلقيح . كما أن العناكب الصغيرة تغادر البيت في سن مبكرة فراراً من أمهم التي ربما تأكلها إن جاعت .
فالوهَـن الذي أشار إليه القرآن الكريم في بيت العنكبوت هو وَهَن اجتماعي لا مادي ، و ذلك بعدما كشف العلم الحديث أن خيط العنكبوت على درجة عالية من المتانة و الشدة و المرونة ، و أنه أشد متانة من الفولاذ بعشرين مرة و لذلك أطلق عليه العلماء اسم ( الفولاذ الحيوي ) .
......................................
هذا ما قاله علماء ، و قد قال علماء آخرون عكسه تماما :
فبالنسبة لـ ( أولا ) : فإنه لم يكن ممكنا التعبير بصيغة المذكر في الفعل ( اتخذَتْ ) ، و السبب أن لفظ ( العنكبوت ) لا يرِد إلا مؤنثا فقط .
و بالنسبة لـ ( ثانيا ) : فإن افتراس الأنثى للذكر أمر نادر الحدوث ، أي أنه لا يحدث إلا في أنواع قليلة جدا من العناكب .
و عليه فلا يوجد إعجاز علمي في الآية الكريمة !!
بل إن معنى الآية و جمال التشبيه يختلان إذا أخذنا بالتفسير الذي يطرحه أصحاب الإعجاز العلمي ، فلا علاقة بين تعلق المشركين بالأصنام وَ اختصاص العنكبوت بعلاقات أسرية ضعيفة !!!
بينما يكون المعنى واضحا و التشبيه جميلا إذا أخذنا بالمعنى الظاهر للآية ( تشبيه تعلق المشركين بالأصنام باتخاذ العنكبوت بيتا واهيا متهافتا ) .
.........................
لست أبدا من معارضي البحث في الإعجاز العلمي في القرآن الكريم ، و لكني أردت أن أبين كيف أننا في الغالب نسلّـم بآراء و أحكام دون أن نفحصها و نخضعها للمساءلة ، و إنني أتوقع أن الكثيرين حين يقرؤون الجزء الأول من الموضوع سيباركون ما جاء فيه و يسلّمون به بشكل سريع ، و هذا لَـعَـمري أحد أكبر عيوبنا جميعا و بسببه يصبح كثير من قناعاتنا و مسلَّماتنا أوهَـى من بيت العنكبوت .