[align=center]
الأستاذ / عبدالرحمن الفراج ، لمن لم يعرفه فهو كاتب وصحافي تميز في عشقه الأبدي والفطري لـ بريدة ، عشق القلم حين كان كثير من الأقلام المتشبعة الآن لم تولد بعد ، ولم تصل مرحلة النطفة ، كان يكتب بقلم العاشق المتيم ، المتابع النهم ، المتحرك أمام كل جديد ، الساكن حيث يكون الخبر والمعلومة ..
كان مديرا لمكتب جريدة الجزيرة في بريدة حينما كنت في سن الطفولة - رغم صغر سنه 
) ..
ليكن ماسبق مدخلا ..
كتب الأستاذ / عبدالرحمن الفراج ، في إحدى الصحف الالكترونية مقالا عن الجمعيات الخيرية ، وتناول من خلال مقاله وضع الجمعيات بشكل عام ، مقدما بعضا من الملاحظات التي يرى أنها أصبحت ظاهرة في ( بعض ) الجمعيات الخيرية ، محددا ظاهرة المصروفات الكبيرة التي تصرفها الجمعيات على الكماليات والشكليات ، مؤكدا من خلال حديثه أن الأموال التي ترد إلى هذه الجمعيات هي من رجال ٍ ابتغوا بصرف أموالهم الأجر من الله سبحانه وتعالى من خلال دعم الفقراء والمحتاجين بأصنافهم الثمانية ..
في الأيام الماضية تأججت بعض المجالس بما كتبه الأستاذ الفراج في مقاله ، بين مؤيدين قلة ، ومعارضين كثر ، لكنه بلا أدنى شك حرك المياه الراكدة تجاه هذه الجمعيات الخيرية ، و لم يكن كثير من معارضيه و الذين شنوا عليه حملة شعواء يمتلكون أدنى المصداقية في أحاديثهم ، ولكنهم كانوا يرون ذلك مساسا بقيمة أهل الخير والفضل والإحسان ..!! كما يرى بعضهم أن هذه الطريقة اتهام مبطن لبعض المشرفين على تلك الجهات .. !! ويرى آخرون أن مساس هذه الجمعيات بهذا النقد هو ضمن حملة كبيرة تشنها الدول الغربية تجاه الجمعيات الخيرية .. !! ويرى آخرون أن ماكتبه الأستاذ الفراج من قبيل التشفي في المبدعين .. !! وبعضهم رأى أن ذلك كان موجها لشخص بعينه .. !!
كل الذين تناول ماكتبه الأستاذ الفراج في مقاله ، لم يكونوا منصفين في تناول طرحه ، ولم يقرؤونه بتوازن واعتدال ، بل أخفوا عمومية المقال و اعتبروه موجها ، كما أخفوا أنه انتقد ( البعض ) وليس الكل ، وهم بذلك يرسخون المفاهيم السائدة قبلا والتي تعتمد على الحصانة المطلقة لكل ما يدخل فيه بعض الدعاة والمشايخ والعلماء ، بل يغلون في ذلك أن يعتبروا نقد أعمالهم نقدا للدين و أهل الدين .. !!
لقد قال الأستاذ الفراج في مقاله ما مفاده ( هناك بعض من الجمعيات التي تصرف أموالا كبيرة على المظاهر والشكليات و الرواتب مع أن هذه الأموال جاءت تبرعا للفقراء والمحتاجين ) .. كان هذا هو النص المختصر لكل ما ذكره الأستاذ الفراج في مقاله .
و الحقيقة أنني شخصيا و أنا ممن عاش سنوات عديدة في العمل الخيري ، و تجمعني صداقات ٍ متينة بغالبية العاملين في هذا المجال ، و ربما أعتقد أني من المطلعين على شأن الجمعيات الخيرية و أخص في ذلك الجمعيات الخيرية في بريدة .. أقول : والحقيقة أنني أشعر أن ماكتبه الأستاذ الفراج لم يكن كل شيء ، بل كان طرحا متحفظا ، فهناك ملاحظات كبيرة في هذه الجمعيات يجب ألا ندس رؤوسنا في التراب أمامها ، لعل من أبرزها وجود عدم الشفافية في القوائم المالية لدى بعضها ، وكذلك فتح حسابات مرادفة بأسماء المشرفين أنفسهم أو أشخاص قريبين منهم ، و كذا حجز بعض العاملين في هذه الجمعيات لبعض التبرعات بأيديهم وتحت تصرفهم المباشر .. هذا جزء من الملاحظات في الشأن المالي الذي ( يرفض ) بعض العاملين فيها كشف حسابات جهاتهم بكل دقة .. !! رغم مطالبة الجهات الرسمية لهم بذلك ..
وليس ثمة ملاحظة بارزة أكثر من سيطرة أسماء معينة في بريدة على الإشراف على الجمعيات الخيرية من خلال عضوية مجالس إداراتها ، فالجمعيات تتغير مسمياتها و يبقى الأعضاء أنفسهم يتكررون في كل مكان و زاوية ..
إن ما أبقاهم حتى اللحظة ليس إلا الحصانة الاجتماعية التي لا تقبل التشكيك في أشخاصهم الذين تعتبرهم رموزا لها ، فهي لا تقبل حتى انتقادهم ، أو انتقاد أعمالهم ومشاريعهم .. ( وحاشا لله أن نتهم شخصا محددا ومعينا ) ..
إنني هنا .. أؤكد على الحق المشروع لكل كاتب في نقل ما يحدث في هذا الكون ، ومن ضمن ذلك الجمعيات الخيرية التي لم يتم اختبارها بشكل صحيح وسليم ، و لم تتعرض لمجاذبات و مماحكات إعلامية تلزمها بالشفافية و تصحيح المسار والاستفادة من الأخطاء والملاحظات .. نعم يجب أن تبقى الجمعيات في عيون الكتاب ، فهي بحاجة إليهم ، إذ أن المستفيد الوحيد منها هم الفقراء الذين عادة ما يكونون بعيدون عن الإعلام وصخبه ..
ما ذكره الأستاذ عبدالرحمن الفراج حق ، فهناك بعض الجمعيات التي بدأ العاملون بها يتفاخرون بأعمالهم و انجازاتهم والتي اقتصرت على كثير من البهرجة و المظاهر و الشكليات ، وقلة من دعم الفقراء والبرامج التي تخدمهم ، وقد سخروا كل جهودهم وطاقاتهم للإعلام و الظهور بمظهر ٍ يعتقد معه البعض أن الفقر قد قضي عليه .. !!
إنني أتساءل بكل بساطة ..
من من المتبرعين الذي يرضى بشراء مكتب خاص بعشرين ألف ريال ..؟؟ أو بشراء طاولة اجتماعات بأكثر من خمسة وثلاثين ألف ريال ..؟؟ أو بتجهيزات تفوق الوصف في قيمتها وفخامتها ..حتى تعتقد و أنت تدخل تلك المكاتب أنك تدخل على مكتب وزير ..!!
كل الذين ثاروا على ما كتبه الأستاذ الفراج ليسوا غير أربعة أصناف : الأول منهم من كشف مستورهم ، والثاني : من هم أبواق لهم لا يعرفون ما يدور في حقيقة الأمر غير أنهم أقلامهم ويبحثون عن رضاهم ، و الثالث من تلك الأصناف : من لم يزل يعتقد بحرمة المساس بالعلماء والمشايخ والدعاة و الجمعيات الخيرية ، و الرابع : من يرددون كلام الناس بلا وعي ..
الأستاذ / عبدالرحمن الفراج ، كن في مسارك ، فليس ثمة شييء محرم عن الطرح و المماحكة في أعمال و أقوال البشر ، شكرا لطرحك الراقي الذي لم يتجاوز حدود اللباقة واللياقة ..
[/align]
العرض الشجري