[align=center]
كل مَن لقيته امتدح العلم الشرعي , ثم أردف قائلاً بحزم : العلم قال الله قال رسوله . فرحت أتعجب من هذا الإصرار في الانكباب على طلب ذياك العلم , لم أجعل للخيال كثير إطراق في تلك المقولة , وإنما انصرف ذهني إلى قائلها , فوجدته ابن القيم الجوزية في نونيته .
قال ابن القيم في النونية :
[poem=font="Simplified Arabic,4,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
العلم قال الله قال رسوله = قال الصحابة هم أولو العرفانِ[/poem]
أغلب المظان عندي أن ابن القيم يعني بقوله هذا هو العلم الشرعي , فهو مؤلف مختص في العلم الشرعي , وشيوخه شرعيون كذلك , ولم يتسلق إلى ذهني إلى أنه يقصد غيره , مثل الاتجاه إلى الصناعة الحربية , وبذل الجهد كيما تكون للمسلمين شوكة كما كانوا من قبل , ولا أحسب أنه قد فاته قول الله : ( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم ... ) (60 : الأنفال) .
إن ابن القيم قد نادى في مواضع كثيرة بوجوب التسلح وإعداد العدة للجهاد بنوعيه : الدفع والطلب , لكنه في تلك المقولة قد أخذها أبناء المسلمين وتمسكوا بها , فتزاحموا على طلب العلم الشرعي , ونبذوا ما دونه , لذلك قلَّ الخبراء في العلم الحديث عندنا , وتفوق الغرب علينا أيما تفوق .
إن تلك المقولة من ابن القيم منذ وفاته ( 751 هـ ) ؛ وهي تسير في صدور المسلمين سير النار في الهشيم سرعة , وكما تمدد الحديد بفعل النار , مما حدا بأقسام الشريعة وأصول الدين في جامعاتنا وجامعات العالم الإسلامي إلى أن تكتظ بالطلاب المتأثرين بتلك المقولة .
إن الدين الإسلامي قائم بجناحين , جناح العلم الشرعي , وجناح العلم المدني الاجتماعي , فما نراه اليوم هو غلبة الجناح الأول على الثاني , فكان لدينا علماء لا ينفعنا علمهم أمام صناعة الغرب التقنية , لا سيما علماء بلادنا لميلهم إلى المذهب الحنبلي , ومرورًا بابن تيمية وابن القيم , والمجدد محمد بن عبد الوهاب المستقي منهم .[/align]