[align=center]
وقفت هنالك أرجو ومضة من قبس الحب فلم أجد , فكلما كان البعد مني قريبًا كلما رحت أنادي الناس علَّهم يخبرونني عن حب طالما ظللته في غياهب الظلمات , فكأنها ابتلعته الظلمة تلو الظلمة , فإن سطا عذابي فقد سطت الدموع الوارفات على قلبي الأرق بلا هوادة .
أحبه لكنه يجور , وإن سألته علامَ يظلمني ؟ لوى عطفه عني , وصدَّ صدود السجين عن سجّانه , فتضيق أوردتي بما رحبت في جسدي , فكأن الدماء لم تعد ترى لجريانها سابحة كثير فائدة , فحاملها سيخر على وجه الأسى وصعيده عما قريب , فيلثم فوه ترابه أن جار عليه ولم يعدل , وقسا عليه حين ظن أنه سيعدل لو فطن .
يحتويني الاستعبار فلا أقدر على منعه ولا حبسه , فأظل بدموع ساكبات , إنها دموع الوجد على وطن أخذ مني حقي ولم ينصف , واجترأ على صاحبه بلا جناية يستحق عقابها , فرحت أهيم على ثراه بلا عقل يرشدني , وبلا عبق رحمة كنت أرجوها منه , فويل لقلبي المستهام به حين طفق ينشد الصبابة من قلب خالٍ من الجوى .
أيا وطني ؛ ما أعطيتني قرضًا فأقرضه لك قرضًا حسنًا مضاعفًا , وما ارتأيت منك ما أعوزني طلابته فرأيتها تحفل في يدي وعيني , بل رحل عطاؤك هنالك حيث لا أجده , فبكيت كمن أثقلته الغريمة قبل الألم من وبالها , فما تُراني صانع قبل اليوم وبعده ؟ !
وطني ؛ أعدلت حين تتوق لحبي وإخلاصي ؟ أبادلتني الحب كيما أبادلك ؟ فكل يوم يمرُّ أجد نفسي تموت أنفسًا , فأتكئ على ما قرب مني فلا أكاد أقدر حراكًا .
وطني ؛ إن المحب للحبيب مطيعٌ , فما رأيت منك طاعة بعدُ , فليتك كنت فداء العين لو رحمت الدموع .[/align]