.. أســبوع في الملحق .. 1 ..


أسبوع في الملحق .. اليوم الأول..
كان من عظيم فضل الله علي ومنته .. أن يسر لي فرصة الدراسة خارج البلاد .. ولعل الوجهة كانت لأعظم دولة على هذه الأرض .. لتلك الدولة الجبارة الباطشة .. العادلة في شؤونها الداخلية .. المنحازة الظالمة لأبناء جلدتها .. وما أقام ظلمها إلا ثلة من الخونة يعتلون قمم دول شرق المتوسط ..
رأيت أمريكا التي طالما تغنى بها المتغربون .. المنادون بالحريات أو المتلبسون بالشهوات العقدية والأخلاقية .. رأيت أمريكا التي طالما شتمها الخطباء والعلماء علموا أم جهلوا .. نسوا أم تناسوا .. أن هذا الشتم يؤذي أسيادهم وأمرائهم .. وهل هم بفعلهم صدعوا بالحق ولم يخشوا لومه لائم .. أم هم ضللوا وخدعوا كل غافل ونائم ..
أما بعد، فالحديث عن أمريكا وسياستها يحتاج إلى تفصيل وتوضيح .. ومثلي ليس أهل ٌ لذلك .. يقوم بهم الكُتاب الأحرار الصادقين .. وما أقلهم وأندرهم ..
ما سأرويه هنا عن عودتي للأهل والوطن .. والأصدقاء والأحباب والجيران والخلان.. فبعد الاستقبال الباهر .. والترحيب الماهر.. وكعكة بيضاء كبيرة .. تشكلت على طائرة بيونق 777 كُتب أسفلها الحمد لله على السلامة .. أحسست وقتها أني الوحيد المغترب .. وتناسيت ألاف السعوديون الذاهبون والعائدون والدارسون معي.. وبعد أن أفقت من السكرة.. وأتت الفكرة .. لم أجد سوى الملحق لأنام فيه .. فإخوتي قد أضمروا سرق غرفتي ليلة رحيلي .. وهم يودعوني ويتباكون على فراقي.. ساقني أخي للمحلق وقال: لقد وضعت لحاف ومطرحة.. اشتريتها خصيصاً لك .. ( يا للؤم ) .. انسكبت على الفراش كجثة هامدة وبدأت أغط في الشخير والنخير.. كان الوقت عصرا .. ولم استيقظ إلا سَحَراً .. أشغلت الإضاءة واعدت النظر في الملحق القديم.. وإذا بهِ لم يتغير.. سجادة صغيرة لا تكاد تغطي أرضه.. ومساند قديمة باليه وزعت بشكل عشوائي.. وذلك المكيف الذي لا ينتج إلا صوتاً مزعجاً متقطعاً.. ولكن ما هذا.. شاشة بلازما كبيرة جداً تكاد تغطي الجدار بأكمله.. أخذت الريموت وبدأت اقلب القنوات .. كان عهدي بالتلفاز والقنوات قديماً جدا .. أتذكر بداية MBC و قنوات ART وربما orbit وبعض القنوات الخليجية .. جلست ابحث عنها ولم جد شئ .. ظهرت قنوات جديدة لا عِلم لي بها .. ظللت أتقلب بين عشرات القنوات الغنائية الهابطة .. ابحث عن مفر دون جدوى .. كأني أدور في حلقة مفرغة! ولكني بتلك الدقائق البسيطة لاحظت تغير جذرياً في مستوى الغناء.. فلم تعد المطربة تغني بصوتها ولا أحاسيسها.. بل أصبحت كل قطعة بجسمها تشاركها الغناء خاصة تلك الشحوم المكتنزة في كل حته .. ثم إذا دققت في الوجه فإذا بالشفتين قد نُفخت لتصبح "براطم" أما العيون فرُكبت لها رموش صناعية طويلة .. وببؤرة العين عدسة خضراء ومره أخرى زرقاء وثالثة جمعت بين لونين مختلفين كموضة قبيحة ثم بعد ذلك استدارت ومشت.. فإذا بالشعر يُسدل ليصل إلى آخر الظهر .. ثم آتت بزاوية أخرى وإذا بالشعر أصبح أشقر ولا يصل إلى كتفيها .. نظرت لها باحتقار كدمية يلعب ويتلاعب بها المخرج والمنتج .. بدلت القناة فارتمت عيناي بحسن لم أره مثله قط .. من تكون هذه؟ فجمالها أصيل .. وقوامها طويل .. وخصرها نحيل .. والمؤخرة مُكتنزة مرتجة .. والصدر نافر هارب كهجمة مرتدة .. والشعر سائح يكسو ويعتلي ليغطي ذلك الحسن .. والعيون كفلقة القمر .. وما هذا الحسن يا بشر.. من سيأتي بالخبر .. ظللت انتظر نهاية الكليب وإذا بالشريط يأتي باسم فنانة قديمة اعرفها منذ مراهقتي التي لم تستمر طويلاً .. يا للعنة .. كيف غيرت من شكلها وانسلخت من جلدها وتبدلت؟ .. زاد كرهي واحتقاري لتلك الساقطات.. فهن ألعوبات يُتاجر بهن.. وعلى قول المثل رزق المهابيل على المجانين .. فبدلت القناة فظهر لي مطرب عصره وفتى زمانه .. ذاك الشاب الذي أصبح كهلاً .. وهو يشدو بأغنية .. لطالما أرقصت الفتيات بالزواجات والحفلات .. فقلت في نفسي مره في العمر لا تضر.. سأسمع صوته بعيدا عن مظهر تلك السافرات.. لحظات وإذا بقطيع من البنات بجنز ضيق حاصر على أجسادهن بوصلات شعر رخيصة يتراقصن بها .. ثم تأتي الكاميرا من الخلف لتعرض هز عُجيزاتهن .. وكأن المخرج أعجبته اللقطة فعادها بالحركة البطيئة .. ثم تأتي أخرى تشق منتصف الطريق بمؤخرة بارزة عريضة تترامى يمنه ويسره..والكل يصفق لها .. بعدها أغلقت الشاشة .. وبكيت على حالنا .. أهذي اهتماماتنا وهمومنا.. أهذا هو الفن؟ أهذا الغناء؟ أهكذا الطرب؟ لمن يقدمون هذه الأعمال؟ ومن يشاهدها صباح مساء؟ اهو انحطاط من المنتج والمخرج؟ أم أن ( الجمهور عاوز كده)؟ ثم تساءلت ما حال ذلك الشاب الذي يرى تلك المصنوعات؟ .. هل هن نساء؟ أم مجموعة من التراكيب المصنعة والمزيفة؟ .. من وصلات الشعر مروراً برموش العين والبراطم .. والصدر المتفجر المنفوخ.. والمؤخرة العريضة المليئة بالبوتكس إلى تلك الأظافر المركبة .. رحمت أيضا ًذلك المتزوج .. كيف سيقدم على زوجته راغباً وقد خُدع بتلك الألاعيب.. وأشفقت على تلك الشابة الحالمة المنتظرة لفارس أحلامها .. وقد ملئت جوالها بصور الرجال المخنثين .. وقد عُكست الصورة فظنت أن الرجولة .. هي سحنه من الجمال تُرى بالوجه والرسم .. أو مجموعة عضلات مفتولة تتوزع في الجسم..
بعدها تذكرت قول الشاعر/
كل الحوادث مبدأها من النظر.. ومعظم النار من مستصغر الشرر
ألقاكم في اليوم الثاني
* لا أنصح بتصديق جميع ما ذكر
التوقيع |
اضــحـك تــراك في مـنـتـدى بـريــدة ![4 1 6[1]](images/smilies/4_1_6[1].gif) |
|