يُعتبر تركيب مفصل الفخذ الصناعي من العمليات الجراحية الشائعة التي تُجرى لعلاج مشكلات المفصل الناتجة عن التآكل أو الإصابات أو الأمراض المزمنة مثل خشونة المفاصل والتهاب المفصل الروماتويدي. هذه العملية تُعيد للمريض القدرة على الحركة وتخفف من الألم بشكل كبير، ولكن يظل السؤال الأهم الذي يشغل بال الكثيرين هو: متى يبدأ المشي بعد تركيب مفصل الفخذ؟
عملية تركيب المفصل لا تنتهي بمجرد إجرائها في غرفة العمليات، بل يبدأ معها مشوار جديد يتطلب التزامًا بالعلاج الطبيعي وإعادة التأهيل. في الغالب، يُسمح للمريض بالوقوف والمشي بمساعدة العكازات أو المشاية خلال فترة قصيرة جدًا بعد العملية، قد تكون في اليوم التالي أو خلال بضعة أيام، وذلك حسب حالة المريض واستقرار المفصل. الهدف الأساسي من هذه الخطوة المبكرة هو منع تيبس المفصل، وتحفيز الدورة الدموية، وتقليل احتمالية حدوث جلطات دموية في الساق.
المشي المبكر بعد العملية لا يعني العودة المباشرة إلى الحركة الطبيعية، بل يكون تدريجيًا وبإشراف الأطباء وفريق العلاج الطبيعي. في البداية، يعتمد المريض على العكازات أو المشاية لتقليل الضغط على المفصل الجديد، ومع مرور الوقت ومع تحسن القدرة العضلية والثبات، يبدأ تدريجيًا في الاعتماد على نفسه بشكل أكبر.
عادةً ما يُنصح المرضى بالالتزام ببرنامج علاج طبيعي مكثف بعد العملية، حيث يتضمن هذا البرنامج تمارين خاصة لتقوية عضلات الفخذين والحوض، إضافةً إلى تدريبات لزيادة مدى حركة المفصل الجديد. هذه التمارين تلعب دورًا رئيسيًا في تسريع التعافي وتمكين المريض من المشي بشكل طبيعي خلال أسابيع أو أشهر قليلة.
من المهم أن يفهم المريض أن سرعة التعافي والعودة إلى المشي الطبيعي تختلف من شخص لآخر. هناك عوامل عديدة تؤثر في ذلك، مثل العمر، الوزن، مستوى اللياقة البدنية قبل العملية، طبيعة المشكلة التي أدت إلى استبدال المفصل، إضافة إلى مدى التزام المريض بتعليمات الطبيب والعلاج الطبيعي. على سبيل المثال، قد يتمكن بعض المرضى من المشي دون مساعدة خلال فترة تتراوح بين 4 إلى 6 أسابيع، بينما يحتاج آخرون إلى فترة أطول.
كما أن العودة الكاملة إلى الأنشطة اليومية لا تحدث دفعة واحدة. فقيادة السيارة، أو صعود الدرج، أو ممارسة الرياضة تحتاج إلى تقييم طبي دقيق، ويتم السماح بها تدريجيًا حسب تحسن حالة المريض. ومن التوصيات الأساسية التي ينصح بها الأطباء: تجنب الحركات المفاجئة، أو الجلوس في وضعيات غير مناسبة، وذلك لتقليل الضغط على المفصل الجديد وحمايته من أي مضاعفات.
إن السؤال عن متى يبدأ المشي بعد تركيب مفصل الفخذ ليس له إجابة واحدة ثابتة، بل يعتمد على كل حالة بشكل فردي. لكن المؤكد أن التدرج في الحركة، الالتزام بالعلاج الطبيعي، والمتابعة المستمرة مع الطبيب هي مفاتيح النجاح في استعادة الحركة الطبيعية.
في النهاية، يمكن القول إن تركيب مفصل الفخذ يمثل بداية جديدة لحياة أكثر راحة وجودة، شرط أن يتحلى المريض بالصبر والالتزام، وأن يدرك أن التعافي رحلة تحتاج إلى وقت، لكنها تقوده في النهاية إلى استعادة حريته في الحركة والعيش بنشاط.