عرض مشاركة واحدة
قديم 22-08-11, 08:08 am   رقم المشاركة : 60
oldman
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية oldman





معلومات إضافية
  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة : oldman غير متواجد حالياً


قال تعالى:
(وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا (25)مربم
أمر الله مريم عليها السلام(المرأة الضعيفة النفساء )بهزَّ جذع النخلة التي تثقل الرجال،والله قادر أن يكرمها برزق ليعلم اناس أهمية بذل السبب:
ألم تر أن الله قال لمريم ... وهزي إليك الجذع يساقط الرطب
ولو شاء أن تجنيه من غير هزه ... جنته ولكن كل شيء له سبب.


مسألة
أخذ بعض العلماء من قوله: تعالى في هذه الآية الكريمة: {وَهُزِّى إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ...} أن السعي والتسبب في تحصيل الرزق أمر مأمور به شرعا وأنه لا ينافي التوكل على الله جل وعلا. وهذا أمر كالمعلوم من الدين بالضرورة. أن الأخذ بالأسباب في تحصيل المنافع ودفع المضار في الدنيا أمر مأمور به شرعا لا ينافي التوكل على الله بحال؛ لأن المكلف يتعاطى السبب امتثالاً لأمر ربه مع علمه ويقينه أنه لا يقع إلا ما يشاء الله وقوعه. فهو متوكل على الله، عالم أنه لا يصيبه إلا ما كتب الله له من خير أو شر. ولو شاء الله تخلف تأثير الأسباب عن مسبباتها لتخلف.
ومن أصرح الأدلة في ذلك قوله تعالى: {قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ...} فطبيعة الإحراق في النار معنى واحد لا يتجَّزأ إلى معان مختلفة، ومع هذا أحرقت الحطب فصار رماداً من حرها في الوقت الذي هي كائنة برداً وسلاماً على إبراهيم. فدل ذلك دلالة قاطعة على أن التأثير حقيقة إنما هو بمشيئة خالق السموات والأرض، وأنه يسبب ما شاء من المسببات على ما شاء من الأسباب، وأنه لا تأثير لشيء من ذلك إلا بمشيئته جل وعلا.

ومن أوضح الأدلة في ذلك: أنه ربما جعل الشيء سبباً لشيء آخر مع أنه مناف له: كجعله ضرب ميت بني إسرائيل ببعض من بقرة مذبوحة سبباً لحياته، وضربه بقطعة ميتة من بقرة ميتة مناف لحياته. إذ لا تكسب الحياة من ضرب بميت؟ وذلك يوضح أنه جل وعلا يسبب ما شاء من المسببات على ما شاء من الأسباب، ولا يقع تأثير البتة إلا بمشيئته جل وعلا.

وقد أخذ بعض العلماء من هذه الآية أن خير ما تطعمه النفساء الرطب، قالوا:
لو كان شيء أحسن للنفساء من الرطب لأطعمه الله مريم وقت نفاسها بعيسى
.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال بعض العلماء:
إن جذع النخلة الذي أمرها أن تهز به كان جزعاً يابساً؛ فلما هزته جعله الله نخلة ذات رطب جني. وقال بعض العلماء: كان الجذع جذع نخلة نابتة إلا أنها غير مثمرة، فلما هزته أنبت الله فيه الثمر وجعله رطباً جنياً. وقال بعض العلماء: كانت النخلة مثمرة، وقد أمرها الله بهزها ليتساقط لها الرطب الذي كان موجوداً. والذي يفهم من سياق القرآن: أن الله أنبت لها ذلك الرطب على سبيل خرق العادة، وأجرى لها ذلك النهر على سبيل خرق العادة. ولم يكن الرطب والنهر موجودين قبل ذلك، سواء قلنا إن الجذع كان يابساً أو نخلة غير مثمرة، إلا أن الله أنبت فيه الثمر وجعله رطباً جنياً. ووجه دلالة السياق على ذلك أن قوله تعالى: {فَكُلِى وَاشْرَبِى وَقَرِّى عَيْناً} ، يدل على أن عينها إنما تقر في ذلك الوقت بالأمور الخارقة للعادة؛ لأنها هي التي تبين براءتها مما اتهموها به. فوجود هذه الخوارق من تفجير النهر، وإنبات الرطب، وكلام المولود تطمئن إليه نفسها وتزول به عنها الربية، وبذلك يكون قرة عين لها؛ لأن مجرد الأكل والشرب مع بقاء التهمة التي تمنت بسببها أن تكون قد ماتت من قبل وكانت نسياً منسياً لم يكن قرة لعينها في ذلك الوقت كما هو ظاهر. وخرق الله لها العادة بتفجير الماء، وإنبات الرطب، وكلام المولود لا غرابة فيه. وقد نص الله جل وعلا في «آل عمران» على خرقه لها العادة في قوله: {كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ}
قال العلماء: كان يجد عندها فاكهة الصيف في الشتاء، وفاكهة الشتاء في الصيف. وإجراء النهر وإنبات الرطب ليس أغرب من هذا المذكور في سورة «آل عمران».

أضواء البيان








رد مع اقتباس