في تصوري ان الموقع الجغرافي لبريدة ساهم في تشكيل ذهنية المجتمع فيها فحاضرها القيمي هو امتداد لماضي قيمها وعاداتها وتقاليدها ونمط تفكيرها الجماعي فيما سبق ، فكون موقع تجمعها البشري قدر له ان يكون في عمق صحراء الجزيرة العربية في الماضي فلا يطل على بحر ولا يحوي كنوز وخلا من مظاهر الحياة ولا يوجد به غير قسوة الحياة وصعوبة العيش ، هذه المواصفات جعلت افئدة الناس في الماضي تنصرف عنها مما جعلها تنتج من داخلها نظمها الاجتماعية المستمدة من الدين كما تلقته من مصدره وتحافظ عليه من خلال قوة الراي الجمعي المتمكن من المجتمع الصغير ، وضلت الى عهد قريب مجتمع صغير محافظ يفرض العرف الاجتماعي الديني قانونه على الجميع ويلزم به افراده بالوراثه فلا اجنبي يفرض عليه سلطة او وصاية يهدم من خلالها بناء المجتمع وينتج نظم توافقه ولادخيل يمس نظامه القيمي بتحريف او تعديل ، لذلك هو بهذه الصورة قريباً من وجهة النظر الاولى اعلاه من حيث الانغلاق والتقوقع والتمسك بعرفه المستمد من الدين كما ينظر اليه ، وبعد الطفرة والانفتاح على الدنيا والنهوض الفكري بالمجتمع تطورت وسائل اختراق المجتمع التقليدي لبريدة وساهمت العديد من المعاول في هدم سور المدينة الفاضلة في نظر اهلها وصار كل حديث مخترع او فكر وافد او حقيقة مسلم بها او نظرة دينية جديدة تنهش في نتائجها جزء من سور المدينة في طريق دفعها الى ان ترتقي في سلم التطور في ذهنيتها ، وفي اعتقادي الخاص ان مانلمسه من الجمع بين نقيضين عند بعض افراد المجتمع البريداوي هو نتيجة اضطراب في المعايير بين ماتربى عليه الفرد البريداوي والمستمد من ارث الماضي وتحت السلطة الابوية وبين المعايير التي يعايشها في حاضره المستمدة من الواقع وتحت سلطات متعددة ، وان المشاهد الآن هو الحيرة اي المعايير يسلك وكيف يوازن بين تلك المعايير بعض الافراد ضل متمسكاً بمعايير الماضي بشدة وبعضهم نبذها او جلها وتبنى معايير جديدة خالصة وبعضهم متأرجح بما يوافق هواه والمقام الذي يكون فيه وبعضهم يعيش في عذاب التشتت والبحث وهكذا هم ، ويبقى السؤال كيف يستطيع ان يوفق بين تلك المعايير ويدمجها بما يتوافق مع دينه وينتج نمط جديدا من المعايير يجمع النقيضين لكنه محدد ، في رايي المتواضع ان هذه هي الاشكالية.