عرض مشاركة واحدة
قديم 18-08-11, 01:06 am   رقم المشاركة : 34
zα7мт мαšнα3я
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية zα7мт мαšнα3я





معلومات إضافية
  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة : zα7мт мαšнα3я غير متواجد حالياً

الحزن ليس مطلوباً شرعاً ، ولا مقصوداً أصلاً


فالحزن منهي عنه ، في قوله تعالى (ولا تحزن عليهم( وقوله: ) ولا تهنوا ولا تحزنوا ) في غير موضع و قوله )لا تحزن إن الله معنا (والمنفي كقوله : ( فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) . فالحزن خمود لجذوة الطلب ، وهمود لروح الهمة ، وبرود في النفس ، وهو حمى تشل جسم الحياة
وسر ذلك : أن الحزن موقف غير مسير ، ولا مصلحة فيه للقلب ، وأحب شيء إلىالشيطان : أن يحزن العبد ليقطعه عن سيره ، ويوقفه عن سلوكه ، قال الله تعالى : الثلاثة : " انما النجوى من الشيطان ليحزن اللذين آمنوا ) ونهى النبي الثلاثه "أن يتناجى اثنان دون الثالث ، لأن ذلك يحزنه " وحزن المؤمن غير مطلوب ولا مرغوب فيه ، لأنه منالأذى الذي يصيب النفس ، وقد طلب من المسلم طرده وعدم الاستسلام له ، ودحضه وردهومقاومته ومغالبته ، بالوسائل المشروعة .
فالحزن ليس بمطلوب ، ولا مقصود ن ولافائدة فيه وقد استعاذ منه النبيفقال " اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن " فهو قرين الهم ، والفرق بينهما : أن المكروه الذي يرد على القلب إن كان لما يستقبلأورثه الهم ، وإن كان لما مضى أورثه الحزن ، وكلاهما مضعف للقلب عن السير ، مفترللعزم .
والحزن تكدير للحياة وتنغيص للعيش ، وهو مصل سام للروح ، يورثها الفتوروالنكد والحيرة ، ويصيبها بوجوم قاتم متذبل أمام الجمال ، فتهوي عند الحسن ،وتنطفىء عند مباهج الحياة ، فتحتسي كأس الشؤم والحرة والألم .
ولكن نزول منزلته ضروري بحسب الواقع، ولهذا يقول أهل الجنة إذا دخلوها) الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن): فهذا يدل على أنهم كان يصيبهم في الدنيا الحزن ، كما يصيبهم سائر المصائب التي تجري عليهم بغير اختيارهم فإذا حل الحزن وليس للنفس فيه حلية ، وليس لها فياستجلابه سبيل ، فهي مأجورة على ما أصابها ، لأنه نوع من المصائب ، فعلى العبد أنيدافعه إذا نزل بالأدعية والوسائل الحية الكفيلة بطرده .
وأما قوله تعالى) : ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيضمن الدمع حزناً ألا يجدوا ما ينفقون( فلم يمدحوا على نفس الحزن ، وإنما مدحوا على ما دل عليه الحزنمن قوة إيمانهم حيث تخلفوا عن رسول الله
لعجزهم عن النفقة ففيه تعريض بالمنافقين الذين لم يحزنوا على تخلفهم ، بل غبطوا أنفسهم به .


فإن الحزن المحمود إن حمد بعد وقوعه - وهو ما كان سببه فوت طاعة ، أو وقوع معصية - فإن حزن العبد على تقصيره مع ربه وتفريطه في جنب مولاه : دليل على حياته وقبوله الهداية ، ونوره وهدايته .
أما قوله في الحديث الصحيح : " ما يصيب المؤمن من هم ولا نصب ولا حزن ، إلا كفر الله به من خطاياه " فهذا يدل على أنه مصيبة من الله يصيب بها العبد ، يكفر بها من سيئاته ، ولا يدل على أنه مقام ينبغي طلبه واستيطانه فليس للعبد أن يطلب الحزن ويستدعيه ويظن أنه عبادة ، وأن الشارع حث عليه ، أو أمر به ، أو رضيه ، أو شرعه لعباده ، ولو كان هذا صحيحاً لقطع حياته بالأحزان ، وصرفها بالهموم كيف وصدره منشرح ووجه باسم ، وقلبه راض ، وهو متواصل السرور ؟‍
وأما حديث هند بن أبي هالة ، في صفة النبي" انه كان متواصل الأحزان " فحديث لا يثبت وفي إسناده من لا يعرف ، وهو خلاف واقعة وحالة صلى الله عليه وسلم .
وكيف يكون متواصل الأحزان ، وقد صانه الله عن الحزن على الدنيا وأسبابها ، ونهاه عن الحزن على الكفار ، وغفر له ما تقدم من ذنبه ، وما تأخر ؟‍فمن أين يأتيه الحزن ؟ّ وكيف يصل إلى قلبه ؟‍ومن أي الطرق ينساب إلى فؤاده ، وهو معمور بالذكر ، ريان بالاستقامة ، فياض بالهداية الربانية ، مطمئن بوعد الله راض بأحكامه وأفعاله ؟‍بل كان دائم البشر ، ضحوك السن ، كما في صفته " الضحوك القتال " ، صلوات الله وسلامه عليه ومن عاض في أخباره ودقق في أعماق ودقق في أعماق حياته واستجلى أيامه ، عرف أنه جاء لإزهاق الباطل ودحض القلق والهم والغم والحزن ، وتحرير النفوس من استعمار الشبه والشكوك والشرك والحيرة والاضطراب ، وإنقاذها من مهاوي المهالك ، فلله كم له على البشر من منن .
وأما الخبر المروي :" إن لله يحب كل قلب حزين " ، فلا يعرف إسناده ، ولا من رواه ولا نعلم صحته وكيف يكون هذا صحيحاً ، وقد جاءت الملة بخلافة ، والشرع بنقضه ؟‍وعلى تقدير صحته : فالحزن مصيبة من المصائب التي يبتلي الله بها عبده ، فإذا ابتلي به العبد فصبر عليه ، أحب صبره على بلائه والذين مدحوا الحزن وأشادوا به ونسبوا إلى الشرع الأمر به وتحبيذه ، أخطئوا في ذلك ، بل ما ورد إلا النهي عنه ،والأمر بضده ، من الفرح برحمة الله تعالى وبفضله وبما أنزل على رسول الله والسرور بهداية الله والانشراح بهذا الخير المبارك الذي نزل من السماء على قلوب الأولياء .
وأما الأثر الآخر : " إذا أحب الله عبداً نصب في قلبه نائحة ، وإذا أبغض عبداً جعل في قلبه مزماراً " فأثر إسرائيلي ، قيل : إنه في التوارة . وله معنى صحيح ، فإن المؤمن حزين على ذنوبه ، والفاجر لاهٍ لاعب ، مترنم فرح . وإذا حصل كسر في قلوب الصالحين فإنما هو لما فاتهم من الخيرات ، وقصروا فيه من بلوغ الدرجات ، وارتكبوه من السيئات خلاف حزن العصاة ، فإنه على فوت الدنيا وشهواتها وملاذها ومكاسبها وأغراضها فهمهم وغمهم وحزنهم لها ، ومن أجلها وفي سبيلها .
وأما قوله تعالى عن نبيه اسرائيل: (وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم) فهو إخبار عن حاله بمصابه بفقد ولده وحبيبه ، وأنه ابتلاه بذلك كما ابتلاه بالتفريق بينه وبينه ومجرد الإخبار عن الشيء لا يدل عن استحسانه ولا على الأمر به و لا الحث عليه ، بل أمرنا أن نستعيذ بالله من الزن ، فإنه سحابة ثقيلة وليل جاثم طويل ، وعائق في طريق السائر إلى معالى الأمور .
وأجمع أرباب السلوك على أن حزن الدنيا غير محمود ، إلا أبا عثمان الجبري ، فإنه قال : الحزن بكل وجه فضيلة ، وزيادة للمؤمن ، ما لم يكن بسبب معصية قال : لأنه إن لم يوجب تخصيصاً ، فإنه يوجب تمحيصاً.
فيقال : لا ريب أنه محنة وبلاء من الله ، بمنزلة المرض والهم والغم وأما أنه من منازل الطريق، فلا .
فعليك بجلب السرور واستدعاء الانشراح ، وسؤال الله الحياة الطيبة والعيشة الرضية ، وصفاء الخاطر ، ورحابة البال ، فإنه نعم عاجلة ، حتى قال بعضهم : إن في الدنيا جنة ، من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة .
والله المسؤول وحده أن يشرح صدورنا بنور اليقين ، ويهدي قلوبنا لصراطة المستقيم ، وأن ينقذنا من حياة الضنك والضيق .