قال الله تعالى: ( إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ ) [البروج: 11].
وقال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ ) [البينة: 6].
الثواب والعقاب يكونان من جنس العمل في قدر الله وشرعه كما قال سبحانه:
( إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا )[النساء: 149].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم :
« مَنْ لا يَـرْحَـمُ لا يُـرْحَـمُ » (متفق عليه) .
وهذا هو العدل الذي تقوم به السموات والأرض، وبه تصلح الدنيا والآخرة، ويصلح به الدين والدنيا.
ولهذا أمر الله بقطع يد السارق، وشرع قطع يد المحارب ورجله، وشرع القصاص في الدماء والأموال والأبدان.
والجزاء مماثل للعمل من جنسه في الخير والشر:
فمن ستر مسلماً ستره الله.. ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة.. ومن نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة.
ومن أقال نادماً أقال الله عثرته يوم القيامة.
ومن أحسن إلى عباد الله أحسن الله إليه.
ومن تتبع عورة أخيه تتبع الله عورته.. ومن ضار مسلماً ضار الله به.. ومن شاق شاق الله عليه.. ومن خذل مسلماً في موضع يجب نصرته فيه خذله الله في موضع يحب نصرته فيه.
ومن أَنفق أُنفق عليه.. ومن أَوعى أُوعي عليه.. ومن يسر يسر الله عليه..
ومن عفا عن حقه عفا الله له عن حقه.. ومن تجاوز عن غيره تجاوز الله عنه.. ومن استقصى استقصى الله عليه.
ومن سمح سمح الله له.. ومن رحم خلق الله رحمه الله.. ومن عفا عنهم عفا الله عنه، ومن ظلمهم سلط الله عليه من يظلمه.
والراحمون يرحمهم الرحمن.. وإنما يرحم الله من عباده الرحماء، والله سبحانه أتقن كل شيء صنعه، وأحسن كل شيء خلقه، فهو عند مبدأ خلقه برئ من الآفات والعلل، تام المنفعة لما هيء وخُلق له، وإنما تعرض له الآفات بعد ذلك بأمور أخر تقتضي فساده، ولو تُـرك على خلقته الأصلية لم يفسد.
ومن له معرفة بأحوال العالم ومبدئه يعرف أن جميع الفساد في جوه ونباته وحيوانه وأحوال أهله حادث بعد خلقه بأسباب اقتصت حدوثه.
ولم تزل أعمال بني آدم ومخالفتهم للرسل تحدث لهم من الفساد العام والخاص ما يجلب عليهم من الآلام والأمراض والأسقام والطواعين والقحط والجدب، وسلب بركات الأرض وثمارها ونباتها، وسلب منافعها أو نقصانها ونحو ذلك من حصول الخوف والجوع وتسلط الأعداء كما قال سبحانه: ( ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ )[الروم: 41].
وكلما أحدث الناس ظلماً وفجوراً أحدث لهم ربهم تبارك وتعالى من الآفات والعلل في أغذيتهم وفواكههم، وهوائهم ومياههم، وأبدانهم وصورهم، وصفاتهم وأخلاقهم، من النقص والآفات، ما هو من موجب أعمالهم وظلمهم وفجورهم.
وأكثر هذه الأمراض والآفات بقية عذاب عذبت به الأمم السالفة، ثم بقيت منها بقية أُرصدت لمن بقيت عليه بقية من أعمالهم، حكماً قسطاً وقضاءً عدلاً.
وقد جعل الله عزَّ وجلَّ أعمال البر والفاجر مقتضية لآثارها في هذا العالم اقتضاء لا بدَّ منه:
فجعل منع الإحسان والزكاة والصدقة سبباً لحصول القحط والجدب
....
[hr]#b0aeae[/hr]
[img2]http://www.u06p.com/up/upfiles/yfl73170.gif[/img2]