قد أكون تطفلت على الأستاذ أبي منصور بنقلي مشاركته التي عقب بها على مقالتي حول المرحوم عبد الله النصيان ، وهي على هذا الرابط :
http://forum.buraydh.com/showthread....5&pagenumber=1
ولأني أعتقد أن تعليقه على مقالي الأصلي قد يفوت الكثير ممن أراد أن يعرف الجوانب الخفية عن شخصية هذا الشاب النابه رحمه لله ؛ فلذا أفردته بهذا الموضوع ، فإليكموه :
قال أستاذه أبو منصور :
اضافة الى ما سبق
حقيقة لم يدر في خلدي أنني سوف اكتب بمنتدى عام يوماً ما، ولكن نظراً لمصابي الجلل في وفاة عبدالله ولرغبتي باضافة بعض الامور والتي قد تضيف شي مما يجب ذكره خصوصاً مع امكانية عدد كبير من الناس قراءة ما كتبت .
على عكس حال كثير من الناس، فلقد كنت قبل تلقي الخبر بيو م واحد في حالة لا توصف من الفرح والسرور وذلك بعد انهائي لاخر مرحلة دراسية وفي بلد غربي منهياً معها غربة دامت اكثر من اربع سنوات. ولكن وبعد سماعي للخبر اصبحت في حزن شديد جعلني انسى كل ما حققت وكأن ما قمت به لا وزن له ولا اهمية. اصبحت في دوار دائم بين تصديق الخبر او تكذيبه ممزوج بمشاعر متناقضه من الفرح والحزن وخيبة الأمل. افرح حيناً لقرب عودتي الى ارض الوطن بعد تجربة شاقة ومريرة فيها جميع معاني المعاناة والغربة. واحزن في احيان اخرى لوفاة الرجل الذى طالما انتظرت لقاءه بعد عودتي.
على الرغم من بداية علاقتي بعبدالله كانت مختلفة عن جميع علاقاتي مع الاخرين حيث كانت بين استاذ وتلميذه الى انها قد اصبحت قوية ومتميزة لاحقاً. كيف لا وقد اكتشفت ان هذا الرجل يحمل صفات قلما تجدها في بتي جنسه في هذه الايام. فلقد جمع التفوق العلمي والمشاركة الفعالة في معظم انشطة المدرسة متمتعاً بشخصية متزنه مغلفه بحياء ملحوظ وذكاء فطري فريد. كما لاانسى كذلك رقة وبراءة مشاعره والتي قل ان تجدها هذه الايام. امر اخر كذلك هو بساطته وعفويته المقرونه بطيبه ملحوظه والراجعه ربما لعائلته المحافظه والبسيطة. صفاته تلك جعلتني مصمماً على مواصلة علافتي به بعد انتقالى من سلك التعليم لكي استطيع ان اقوم ولو بشئ يسير افيده فيه من توجيه وارشاد لهذا الطالب الفريد، حتى وان ازعج ذلك بعض اصدقائي المقربين.
بقي أن تعلم كذلك ان تفوقه في جميع مراحل دراسه كان على الرغم من ان والديه وبعض اعمامه كانوا اميين مما يجعلك تتأكد بأن ذكاءه ونجابته لا علاقة له باي عوامل خارجية.
الكلام يطول في وصف هذا الرجل ولكن هذا ما استطعت كتابته في هذه اللحظة، واللحديث بقية ان اردتم.
ختاماً ارجو من الله العزيز الكريم ان يغفر له ذنوبه ما تقدم منها وما تأخر، وأن يجمعنا به في دار كرامته في جنات النعيم انه جواد كريم.
انتهى .
قال صلاح الدين : أرجو ياأستاذن الكريم أن تكمل حديثك فلقد أسرتنا بهذا الطرح الرائع ، فزدنا زادك الله .
رحمك الله يا عبد الله ، ونحن على الأثر .
قصة : بعد وفاة الأخ عبد الله ذهبت إلى زيارة أبيه للتعزية والتسلية ، فدخلت إلى البيت وأنا لا أدري ما ذا أقول لهذا الأب الذي فجع قبل سنة ونصف بإبنته الكبرى ، وهاهو اليوم يفجع بقطعة فؤاده !
أخذت مقعدي في زاوية من المجلس ، والحزن يلف الجميع ، وبدأت أتفرس في وجوه الحاضرين لأعرف أين أبيه ـ لأني لم أكن رأيته من قبل ـ فرأيت في صدر المجلس رجلاً لا يفتر عن ذكر الله والثناء عليه ، ومما حفظت منه قوله : إنا لله وإنا إليه راجعون ، الحمد على الله على قضائه قدره ، هذا من قدر الله ومن لطفه ، لله الحكمة البالغة ... . وظل على هذا الحال يحمد الله عز وجل بمحامد لم أكن سمعتها من قبل ! أخيراً تقدمت إليه وقبلت رأسه وانصرف خارجاً من البيت ، وكلي إكبار لهذا الرجل الذي ذكرنا بشخصية التابعي الكبير عروة بن الزبير ،
أخيراً صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال : أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل .
رحمك الله يا عبد الله ، ونحن على الأثر .