السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،
تُدار الكؤوس بين صخب النُدمان ولغطهم وضوضاؤهم، والسقاة والجواري والطرب حيث الغدير والرواحل والرصفات يقول الأعشى :
على كل أحوال الفتى شربتها = عنياً وصعلوكاً وما إن أقاتُها
أتانا بها الساقي فأسند زقهُ = إلى نُطفة زلت بها رصفاتها
وقوفا فلما حان منا إناخـــــةُ = شربنا قُعودا خلفنا رُكباتُها
وفينا إلى قوم عليهم مهابـــةُ = إذا ما معدُ احلبت حلباتُها
ويصف أخر رحلة الصيد مع ندمان كرام بكروا في الخروج ومعهم أنية الخمرة وآلة الصيد وعتادها:
ولقد أغدو بشرب أُنف = قبل أن يظهر في الأرض ربش
معنا زق إلى سُمهـــةِ = تَسِقُ الآكال من رطب وهـــش
فنزلنا بمليع مقفــــــرِ = مسهُ طلٌ من الدجــــــن ورش
ولدينا قينة مُسمعـــــةُ = ضخمة الأرداف من غــير نفش
ويتحدث يزيد بن الطثرية عن مجلسه ونداماه حديث الذكريات الجميلة واللحظات الحلوة، فيقول في تصوير هذا المجلس :
ويوم كظل الرمح قصر طوله = دم الزق عنا واصطفاق المزاهر
كأن أباريق الشمول عشية = إوزُ بأعلى الطف عُوج المناقر
وتدل تلك الابيات على سعة انتشار تلك المجالس التي يجتمع فيها الشُبان والشيوخ لمعاقرة الخمرة وتعاطيها، فهي مشروب السادة الكرام في زعم معظم الشعراء؛ لمكانتها المرموقة في أنفسهم، وإن كانت في الواقع لذة شعبية بين يدي البدوي في خبائه، والحضري في داره أو بستانه، أو مع رفقائه ومجالسيه في مجالس اللذة والفتك. ويصور أبو ثُمامة الجعدي مجلس خمر تدار فيه كؤوس الراح، وأباريق الشمول، وما كان للخمر من تأثير عظيم على عقول الندمان نهلوا منها وعلوا، فنسوا أنفسهم وأمتعتهم فيقول:
إذا شئت مال اللهو بي نحو فتيــة = يديرون جياشا من الخمر آنيـــــــــــا
وكأسهم في كف أبيض ماجــــــد = كريم جعلناه على القوم قاضيــــــــا
يغُضُ عن السكران من فضل كاسه = ويملا على من كان في القوم صاحيا
فراحوا ومنهم كاهلُ عن ثيابــــــه = ومنتعل في القوم قد راح حافيــــــا
فلما التقينا من غد قال قولــــــــة = ألا ياابن كعب هل أحست ثيبابيـــــا
يُسائلني عنها وهي في مكانهــا = ولو لبثت حولا أقامت كما هيـــــــــا
وافي الشكير يتمنى لكم مساء سعيدا00 ويلتقي بكم لاحقا بإذن الله00