سلسلة القصص والروايات النقية(7)
سِرّ الأَلَــــــــمْ(*)
قصة قصيرة كتبتها سارايزر
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
-طق طق طق
فزعت وفي لمحة خاطفة لملمت شتات أفكارها وملابسها وبلهجة تتصنع فيها الاتزان:
-من الطارق؟
!!!!
***
كـانت تدور في أنحــــاء غرفتهـا وهي تفكر والقلق ينهش قلبهـا فيما تشير عقارب الساعة على الثانية وعشر دقائق فجراً :
-ياويلـــــــــي!
كيف سأعالج المشكلة ؟
بل وبماذا أُبَرِّرْ لِأَهْلِـي رَغْبَتِي في زيارة عيادة أمراض النساء والولادة؟
تَهَـالَكَتْ عَلَى الكرسي الخشبي وهي تمسك برأسها الذي أنهكه التفكيـر، منذ يومين لم يغمض لها طرف وهي تفكر في طريقة للخلوص من هذه المصيبة..
تناولت علبة أقراصٍ مُسَكِّنة ، وأخذت منها قرصاً عَلَّه يخفف هذا الصـــداع أو يقضي عليـه، ثم اتجهت إلى سريرها في محاولةٍ مستميتةٍ للنوم!
***
-التهابات شديدة ، والعـــــلاج قد يطول
تومئ رأسها باهتمام للطبيبة بينما تسترسل الأخيرة في حديثها:
-هذه أقراص مضادة للبكتيريا ، يجب عليك تناولهـا مرة يومياً ، وسأكتب لك مرهم ملطف وغسول تجديه لدى الصيدليه ..
تهز رأسها بالإيجاب ثم تحاول التغلب على أمواج الحياء التي اجتاحتها وتهمس:
-طيب والسبب يادكتورة؟
***
فــي غرفتها تجلس وهي تقلب الأدوية بين يديها وتتمتم في دهشه: هل يعقل أن تكون هي مصدر تلك الآلام القاسية؟ لم أكن أتصور ذلك إطلاقاً!
وفي تلك اللحظه فقط ..قَرَّرَت أن تتوقف
هِيَ تَعْلَم أنه قرار صعب لكنه هام وضروريٌ جداً.
***
مع كل يومٍ يمر ، كانت تستعيد عافيتها أكثر، وتعود لهـا الحياة من جديد ، حـــتى شُفيت تمامـاً بعد مضي 60 يوماً من مداومتهـا على العـلاج..
ومـا إن عادت لطبيعتها وبدأت تشعر بأنها أكثر نشاطاً إلا وتعود لها الأفكار الإبليسية من جديد (لاعلاقة بينها وبين تلك الآلام ، أنت موسوسه!)
اتجهت إلى جهازها المحمول ، وعزفت على أوتار كيبورده بأناملها الناعمة ، طالبةً الحرام ، باسم التعلم للمستقبل !
(لن أفعل شيئاً ولن أتعمق في المشاهدة، فقط سأتعلم لمستقبلي)
***
عـــــــــادت تلك الآلام تنهش بأنيابها من جديـد ،وهي غير مصدقة أن كل ذلك الألم من مجرد مرة واحده!
بَدَأَتْ تَدْفِنُ نفسها في رمال الحزن ،وتتسربل بالهم وتأنيبات الضمير التي لاتنفك عن لومها واستجداء روح الإيمان داخلها ،وظلت منطويةً على نفسها في غرفتها تقاسي ألم الوحدة والتعب!
***
-أَلَمْ تؤدِ العلاجات السابقة إلى نتيجه؟
-بلى يادكتورة ،لكـــــــن.....!
-لكن ماذا ياابنتي؟
-لكن عادت تلك الآلام من جديد
-لِأَنَّكِ عُدْتِ إِلَيْهَا ، أليس كذلك؟!
سَكَتَتْ وَأَسْبَلَتْ طرفها في خجل
-اسمعيني جيداً ياابنتي ، هذه الآلام لن تزول ،وستظل معـــك إلى الأبد مالم تتخذي قراراً شجاعاً وتتوقفي حــــــــــــالاً
-لكن صعب يادكتورة ..!
-لاصعوبة في الأمر ،هي الإرادة فقط!
***
بعدمـا تناولت العلاج انحنت على المدفأة تستمتع بلهبها الذي يغمر وجهها بالدفء وهي تسترجع كلام الدكتورة
تمتمت بتلقائية:
يجب أن أنتشل نفسي من مستنقعها الآسن ، وسأرمي بها عرض الحائط
سأتوقف..
نعم سأتوقف.
إنتهت
***
(*)حائزة على المركز الأول في المسابقة الأدبية للقصة القصيرة على منطقة القصيم.
العرض الشجري